بلومبيرغ: الديمقراطية التركية تتجه نحو التلاشي

Share Button

انتعشت آمال الديمقراطية التركية مؤخرًا؛ قبل شهرين تحديدًا؛ حينما نجح الحزب الكردي في الوصول إلى البرلمان رغم تنزيلالانقسامات العرقية، وفي المقابل بدا ذلك محبطًا لخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان يسعى نحو رئاسة على الطريقة الروسية، كما أن حزبه الحاكم لم يكن مستعدًا لهذا الصعود المفاجيء للأكراد.
الانتخابات التي جرت في يونيو الماضي تجاهل أردوغان نتائجها، حيث لم يسمح للفائزين بتشكيل حكومة ائتلافية جديدة، لكنه قد يطلب في نهاية المطاف من رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو إنشاء حكومة أقلية مع بعض القوميين، فربما يكون هدفه إجراء انتخابات جديدة في الخريف، وذلك لرغبة أردوغان غير المعلنة في عكس نتائج الانتخابات، حيث سيكون بحاجة لكسر التحالف بين الليبراليين الأتراك والأكراد، والذي سمح للحزب الديمقراطي الشعبي الكردي بدخول البرلمان، وأفضل طريقة لذلك هي إحياء الأحقاد العرقية التي أغرقت تركيا في الحرب، التي بدأت في منتصف الثمانينيات واستمرت 30 عامًا، وأسفرت عن مقتل 40 ألف شخص.
وقد لا تكون هذه الخطة واضحة بالنسبة للكثيرين، فقرار أردوغان بالسماح أخيرًا للولايات المتحدة بشن ضربات جوية ضد تنظيم داعش من القاعدة العسكرية التركية في إنجرليك حوّل انتباه الناس، فبالتزامن مع هذا؛ جددت تركيا الضربات الجوية ضد المتمردين الأكراد الذين أنهوا بسرعة وقف إطلاق النار الذي أعلنوه في عام 2013.
وبالنسبة للضربات التي تشنها الولايات المتحدة من القاعدة العسكرية التركية ستكون مفيدة بالتأكيد لكنها ليست حاسمة في إنزال الهزيمة بالتنظيم الإرهابي.
من ناحية أخرى، فالحرب بين تركيا والمقاتلين الأكراد من المحتمل جدًّا أن تدمر الديمقراطية التركية، وأردوغان حتى الآن يثبت أنه ليس ديمقراطيًّا، لكنه دون شك سياسي ماهر، ففي عام 2009، بدأ ما يسمى الانفتاح الكردي لتأمين الأصوات الكردية لنفسه ولحزبه، حيث إن الأكراد العرقيين بعد هذا الانفتاح كانوا من الناخبين، والمؤيدين لحزب العدالة والتنمية المحافظ، لأنهم من أكثر الفئات المحافظة دينيًّا في البلاد.
لكن الأكراد وبحكم تاريخ الصراعات كانوا بحاجة إلى الاقتناع بأردوغان ودعمه، لذلك نزع أردوغان فتيل النزاع من دون أن ينفر قاعدته التركية القومية الخاصة.
وكانت توقعات أردوغان لهذا العام هي أن الأكراد الذين لم يصوتوا لحزبه سيفوزون بـ6% فقط كمستقلين، وسيدعمون الدستور الجديد مقابل بعض التنازلات. لكن خابت آماله فبدلًا من ذلك، استبعد زعيم حزب الشعب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاز بشكل قاطع دعم الدستور الرئاسي، وقرر انضواء المرشحين الأكراد تحت قائمة الحزب، ودعا الأصول التركية لمساندته؛ من أجل هزيمة خطط أردوغان لانتخاب الاستبداد.
ونجح دميرتاز عبر حزبه في تحقيق نتيجة بلغت 10% من الأصوات مكنته بذلك من دخول البرلمان، وسرق من الرئيس الأغلبية البرلمانية القوية التي يحتاجها للموافقة على الدستور الجديد، والذي سيعطي له هذا النوع من السيطرة المطلقة التي يتمتع بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في روسيا.
وبدلًا من قبول هذه الهزيمة والسماح بتشكيل حكومة ائتلافية، تجاهل أردوغان التصويت، وبدا أقرب إلى إجراء انتخابات جديدة؛ يحاول من خلالها التخلص من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
ومما يساعد أردوغان الآن في نيل هدفه؛ هو أن عملية السلام الكردية هشة دائمًا ومترددة وغير واضحة أيضًا، فحزب العمال الكردستاني المتمرد يستخدم تكتيكات إرهابية متبنيًا أيديولوجية على غرار الماركسية الغريبة، فهو متردد دائمًا في إلقاء السلاح، بل وكان سريع العودة إلى العنف.
وقد أصبح دميرتاز في موقف لا يُحسد عليه؛ فإمّا دعم حزب الحكومة (حزب أردوغان) ضد الأكراد، أو أن يقف بجانب الإرهابيين. فإذا نجح أردوغان في استخدام الصراع الكردي المتجدد لتأمين سلطاته الرئاسية، فإنه سيكون من الصعب للديمقراطية التركية أن تبقى. والسبيل الوحيد لإحباط خطط أردوغان؛ هو أن يعلن حزب الشعوب الديمقراطي إدانته لعنف الأكراد، وفي المقابل يدعم الأتراك الليبراليين.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...