يبدو أن الغموض في العراق بعد الانتخابات، والاستفتاء في أجزاء من أوكرانيا للانفصال والانضمام إلى روسيا، أدى إلى تغيير أولويات إدارة أوباما، وكأن الولايات المتحدة التي كانت تأمل طوال نيسان/ابريل الماضي، مواصلة المساومات مع روسيا في موضوع أوكرانيا، والحاق الملف السوري بذلك، أعادت الموضوع السوري إلى الواجهة مرة أخرى.
ومثلما هو معلوم، فإن المجموعات المعارضة المقاتلة ضد النظام السوري، ليست موحدة، كما أن تصارعها فيما بينها، معظم الأحيان، ووجود مجموعات اسلامية متطرفة بينها، جعل الدول الداعمة للمعارضة في وضع صعب.
ويضاف إلى ذلك عدم اتفاق المعارضين حول اسم وكادر يمثلهم، ما أدى إلى خلق مشاكل لدى الداعمين لهم، من حيث إيجاد كيان يتعاملون معه.
وفي ظل المرحلة الراهنة، عادت إدارة أوباما للجلوس مع الائتلاف السوري الذي يعد مظلة المعارضة، ورئيسه أحمد الجربا، الذي كان يطالب الولايات المتحدة بتزويد المعارضة بالسلاح منذ نحو عام.
إن طلب الجربا من الإدارة الأميركية إمداد المعارضة بالسلاح بإصرار، رغم ورود أسلحة لها من جهات مختلفة، كان يعني المطالبة بدور أميركي أكبر في الملف السوري. حيث كان يرى الجربا أنه طالما تدعم كل من إيران وروسيا نظام الأسد، ودول أخرى تدعم المجموعات المتطرفة، فإنه يجب تزويدهم بسلاح نوعي لمواجهتهم.
وما يدفع دول الناتو أو الولايات المتحدة بمفردها لتقديم دعم عسكري علني لدولة ما، أو التدخل العسكري غير المباشر، في ظل ظروف يومنا، هي المجموعات الاسلامية المتطرفة. باختصار إن دولا عديدة، بما فيها روسيا، لن تسمح بتأسيس أنظمة جديدة تمارس السياسة بمرجعية اسلامية، على ما يبدو.
لقد أعلنت واشنطن أنها ستزود المعارضة السورية بمساعدة عسكرية بقيمة 27 مليون دولار، عقب الإعلان عن لقاء بين أوباما والجربا، الأمر الذي يعد موشرا على نجاح محاولات رئيس الائتلاف، إلا أن اللافت في بيان الإدارة الأميركية، أن الاسلحة لن تكون فتاكة، وقد تشمل مضادات للطائرات والدبابات، وعلاوة على ذلك ستعطى وفق دفعات اختبارية لطبيعة استخدامها من قبل المعارضة.
غير أنه من الصعب القول بأن هذه الأسلحة ليست فتاكة، والهدف من البيان مختلف في الواقع، ويتمثل في بعث رسالة سلمية أولا إلى روسيا، توحي بأن الولايات المتحدة ستزود المعارضة “المعتدلة” بالسلاح، للدفاع عن نفسها، وليس لقتل أنصار الأسد، ورسالة ثانية إلى الجربا تطالبه بضمان عدم وصول الاسلحة إلى يد المجموعات المتطرفة.
إذا نجحت الخطة، فإنه ليس من المستبعد قيام واشنطن وروسيا بجمع فريق الجربا، وأنصار الأسد على طاولة واحدة، وفي ضوء نتائج المباحثات، بوسع موسكو وواشنطن تحديد الخطوات التي سيقدمان عليها في الموضوع الأوكراني، طبعا إذا لم يدخل لاعبون آخرون على الخط، من شأنهم تعطيل هذا السيناريو.
نقلا عن وكالة الأناضول