لم تستفق فرنسا بعد من هول صدمة الهجوم على أسبوعية “شارلي ايبدو”، الذي أودى أمس (الأربعاء) بحياة 12 شخصا. ودخلت البلاد اليوم في حداد وطني، حيث نكست الأعلام، والتزم الجميع بدقيقة صمت في الساحات والمدارس ومحطات النقل. فيما أقيم قداس كبير في كنيسة “نوتردام” ترحما على أرواح الضحايا.
وأعلن الكاتب في “شارلي ايبدو” باتريك بيلو، ان الصحيفة الساخرة الفرنسية ستصدر الأسبوع المقبل كما هو مرتقب رغم الاعتداء. وسط دعوات للتضامن معها وشراء نسخها المتوقع أن تصل لمليون نسخة.
الهجوم وحد الفرنسيين على كافة المستويات، لاسيما السياسيين والإعلاميين. فجميع رؤساء الأحزاب والنقابات وفي مقدمتهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، أدانوا الهجوم وأعلنوا تضامنهم غير المشروط مع الرئيس فرانسوا هولاند والحكومة في هذه اللحظات الصعبة.
ساركوزي دعا إلى الحزم المطلق أمام “فعل مشين”، داعيا إلى “وحدة الصف في كل الجمهورية”. كما أدانت زعيمة “الجبهة الوطنية” اليمينية المتطرفة مارين لو بن الاعتداء.
بدورها أصدرت المؤسسات الإعلامية بيانات تضامن، واتشحت بالسواد تضامنا مع الصحافيين القتلى. وكرمت الصحف الفرنسية الصادرة اليوم في أطر سوداء ورسوم كاريكاتورية ضحايا الاعتداء وبينهم أربعة رسامين مشهورين.
وعنونت صحيفة “ليبراسيون” اليسارية “جميعنا شارلي” مكتوبة بالأبيض على خلفية سوداء، وقد رفع العديد من المتظاهرين لافتة تحمل هذا المربع الأسود خلال التجمعات التي جرت مساء أمس، كما نقلته الكثير من الصحف على صفحاتها الأولى.
وميدانيا خرج أزيد من 100 ألف شخص، في العديد من المدن الفرنسية حاملين شعارات من ضمنها “أنا شارلي”، من بينهم 35 ألف شخص على الأقل في ساحة (الجمهورية) بالعاصمة باريس، على مسافة قريبة من مقر الصحيفة.
أول ضحايا الهجوم على “شارلي ايبدو” ميدانيا كانت المساجد، حيث تعرضت العديد منها لاعتداءات منذ مساء أمس في ثلاث مدن. ففي “لومان” غرب البلاد، ألقيت ثلاث قنابل يدوية صوتية على مسجد، وأطلقت رصاصة على الأقل على مسجد آخر في حي شعبي بعيد منتصف الليل.
وفي بور-لا-نوفيل” جنوب البلاد، أطلقت رصاصتان على قاعة صلاة للمسلمين بعد ساعة تقريبا على انتهاء صلاة العشاء.
وصباح اليوم، وقع انفجار أمام مطعم مجاور لمسجد بالقرب من ليون (وسط شرق البلاد).
وفي بواتييه (وسط غرب) أوقفت الشرطة شخصا يشتبه في أنه كتب ليلاً، عبارة “الموت للعرب” على بوابة مسجد.
من جهتهم دعا ممثلو مسلمي فرنسا اليوم أئمة كل مساجد البلاد إلى “إدانة أعمال العنف والإرهاب بأشد الحزم” أثناء خطبة الجمعة.
ومن بين ضحايا الهجوم على “شارلي ايبدو” أمس مسلمان فرنسيان من أصل عربي، هما المدني مصطفى أوراد، والشرطي أحمد مرابط الذي قتله المهاجمان في الشارع.
وأعرب رئيس المرصد الوطني لمكافحة معاداة الإسلام عبد الله زكري عن “القلق من ارتكاب أعمال عنف بحق المسلمين”.