بعد الدعم العسكري المكثّف خلال الأسابيع القليلة الماضية من روسيا للنظام السوري في الساحل خصوصاً، من طائرات استطلاع ومقاتلات حربية ودبابات، وزيادة المستشارين والخبراء الروس، من دون استبعاد الاستعانة بقوات روسية، بوشر تطبيق الدعم ميدانياً على الأرض، بهدف تمكين النظام من استعادة توازنه، بعد خسائره المتلاحقة في الأشهر الماضية.
ومن الطبيعي أن يبدأ النظام الاعتماد على المساندة الروسية الجديدة في الساحل، بهدف تأمينه أولاً من أي هجومٍ مضادٍ، خصوصاً أن “جيش الفتح” أضحى على الأبواب. وهو ما يكشفه عضو الهيئة العامة في الساحل مجدي أبو ريان لـ”العربي الجديد”، بعد لجوء ضابط منشق إليه، كان أحد المسؤولين عن فوج المدفعية في لواء درع الساحل، في منطقة صلنفة بريف اللاذقية
وينقل أبو ريان عن الضابط المنشق قوله إن “النظام يُحضّر حالياً لمعركة كبيرة من محورين، الأول يبدأ بالسيطرة على مدينة سلمى في جبل الأكراد، والثاني، وهو الأهم، ستحاول من خلاله قوات النظام السيطرة على تلال جب الأحمر، لأن ذلك سيضمن لها السيطرة على التلال الكاشفة على سهل الغاب وجبل الأكراد، وسيساعدها على استعادة بقية المناطق”.
ويُضيف أبو ريان أن “المشاركة الروسية ستكون حاضرة في هذه المعركة، عبر خبراء فقط، من دون استقدام قوات”، مبيّناً أن “المعركة جاءت بناء على خطط روسية مدروسة، تستهدف استعادة السيطرة على المواقع التي خسرتها لصالح جيش الفتح”.
ويشير إلى أن “أكثر ما يخيفنا في لواء درع الساحل هو مدفع جهنم وجرات الغاز والهروب الجماعي وحالات عصيان الأوامر بسببه”، مشيراً إلى أن “هناك 137 حالة فرار من لواء درع الساحل خلال شهر بسلاحهم، نصفهم من الطائفة العلوية، في ظل إيقاف الرواتب الإيرانية والتي تُقدّر بـ 25 ألف ليرة سورية (133 دولاراً أميركياً) للعنصر شهرياً”.
اقرأ أيضاً: مسؤولان أميركيان: سبع دبابات روسية في مطار قرب اللاذقية
ومن المعروف عن لواء “درع الساحل” أنه تأسس قبل نحو أربعة أشهر، بعد حشد النظام أبناء الطائفة العلوية، نتيجة الخسائر المتوالية في إدلب. ويتبع اللواء لقوات الحرس الجمهوري، ويضمّ بضعة آلاف من المقاتلين، يُقدّم لهم النظام رواتب شهرية عالية، يقاتلون في الساحل السوري فقط. وقد انتشر هؤلاء بادئ الأمر في قرية الصنوبر، على طريق جبلة ـ اللاذقية وبلدة أسطامو، 20 كيلومتراً شمال غرب القرداحة، قبل أن ينتشروا في مناطق سيطرة النظام في جبال التركمان والأكراد في ريف اللاذقية، إلى أن تركّزوا حالياً في منطقة الصلنفة ومحطيها.
في السياق، فإن هجوم النظام على بلدة سلمى سيحقق له فائدة معنوية بالدرجة الأولى، مقابل كسر معنويات المعارضة مع الحديث المتكرر عن الدعم الروسي. وتُعتبر بلدة سلمى، أبرز معاقل قوات المعارضة، وهي من أولى المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام في الساحل. وتبعد البلدة عن مدينة اللاذقية نحو 48 كيلومتراً، وترتفع عن سطح البحر 850 متراً، وبالتالي فإنها تكشف مساحة واسعة من جبل الأكراد. وتُعدّ سلمى مفتاح سيطرة النظام على الجبل، ومن خلالها يتقدّم ليسيطر على جبل النوبة وبرج القصب، ثم يمكنه فصل جبل الأكراد عن جبل التركمان.