في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط الذي جاء تحت عنوان “المنطق الأعوج…الموقف من التطرف الديني”، أشار فايز سارة إلى أن البيان الذي أصدرته تشكيلات عسكرية سورية مؤخراً أعاد
إلى الواجهة جدلاً سورياً، كان جرى التغاضي عنه أو إهماله، وهو الموقف من جماعات “التطرّف الديني”، إذ احتوى البيان رأياً لهذه الجماعات في مستقبل سورية، لا يتبنى فكرة الدولة الإسلامية خلافاً لموقف أبرزها والذي دعا إلى دولة إسلامية في وقت سابق باعتباره مستقبل الدولة السورية. ولفت سارة إلى أنّه بالرغم من أن بعض المعنيين والمتابعين للقضية السورية، رأى في هذا التحول مجرد تكتيك سياسي، يتوافق مع ضرورات المرحلة التي يجتازها الوضع السوري، فإنّ آخرين انقسموا ما بين مستنكر وآخر متوافق مع هذا التحول، موضحاً أنّ الأمر في ذلك إنما يعكس جدلاً سورياً، كان قد بدأ مع الظهور الملموس للتشكيلات الدينية المسلّحة قبيل نهاية العام الأول من ثورة السوريين ضد نظام الأسد، وقيام بعض تلك الجماعات بالإعلان عن عمليات ضدّ مقرات للنظام وبعض رموزه العسكرية والأمنية، وهو أمر استدعى ظهور حسّ شعبي أكثري من الناحيتين السياسية والاجتماعية مؤيد لتلك الجماعات ولعملياتها، امتدّ في بعض الحالات ليشمل قادة في المعارضة السورية بمن فيهم شخصيات قيادية ذات تاريخ يساري وديمقراطي وليبرالي.
ونوّه سارة إلى أنّه وبالتوازي مع الموقف السابق الداعم للتشكيلات الدينية المسلحة في المستويين الشعبي والمعارض، فإنّ حسّاً شعبياً غلب عليه الطابع الأقلوي السياسي والاجتماعي، أعلن رفضه لوجود وعمليات تلك التشكيلات ونتائجها، وتبنّى بعض قادة في المعارضة الموقف ذاته، فعارضوا تلك التشكيلات، واتّخذوا موقفاً حذراً من عملياتها ونتائجها. ورأى سارة أنّ الموقفين اعتراهما بعض الارتباك، لأنّ عوامل خارجة عن الموضوع تدخّلت في كل منهما، مبيناً أنّ الذين أيّدوا التشكيلات الدينية المسلحة وعملياتها، إنّما كانوا يرونها في جملة الردود على وحشية نظام الأسد وسياساته حيال الشعب السوري وما أشاعته من قتل وتهجير للسوريين وتدمير بلدهم، دون أن يعطوا أهمية للتوجّهات الأيديولوجية لتلك الجماعات وهدفها الأخير في إقامة سلطة دينية استبدادية، لا تختلف كثيراً عن السلطة الإيديولوجية الاستبدادية لنظام الأسد، فيما استند المعارضون إلى معرفتهم بالعلاقة التي حكمت النظام مع جماعات التطرف الديني، والتي كثيراً ما وظّفها في صراعاته الداخلية والخارجية كما في تجربة موقف النظام من الوضع في العراق وتطوراته، وأضاف هؤلاء إلى أسباب معارضتهم حذرهم التاريخي من التنظيمات الدينية وتوجهاتها، خاصة وقد صار لهذه التشكيلات أسنان مسلحة وقوى دعم مادي كبيرة من المحيط الإقليمي والدولي.