عبد الحميد درويش: الكرد في ظل غزوات داعش

Share Button

 

إن الشعار الأساسي الذي رفعه داعش عند قيامه كان (إنشاء دولة الإسلام في العراق والشام)، وبهذا الشعار جمع من حوله جماهير واسعة وأعداد كبيرة انخرطت في صفوفه من جميع بلدان العالم، ليعلنوا أنهم جاؤوا ليضحوا في سبيل إقامة دولة الإسلام التي أعلنها داعش.

ولكن الذي يتابع هذه المنظمة على الأرض يلمس بكل وضوح بأن داعش يضع في أولويات سياسته القضاء على القوميات التي تعيش مع العرب في بلاد الشام، خاصة في سوريا والعراق، وفي مقدمة هذه القوميات، القومية الكردية، على اعتبار أنها تشكل التكتل الأكبر من العنصر الغير عربي في هذه المنطقة المعنية.

وإذا تابع المرء بإمعان ممارسات داعش تجاه الشعب الكردي، يتأكد بأن همه الأساسي هو القضاء على المعالم القومية للشعب الكردي في سوريا والعراق، وإقامة دولة عربية عنصرية بأجندات إقليمية ودولية وتحت غطاء الإسلام الذي يشكل الغطاء المناسب لداعش لكسب المزيد من القوة البشرية والإعلامية لتنفيذ مآربها، والدليل الحي على هذه الحقيقة هو ما يقوم به تجاه الشعب الكردي في هذين البلدين.

ففي سوريا، عندما سيطر داعش على منطقة تل حميس بمحافظة الحسكة، طلب من السكان الكرد في هذه المنطقة ترك قراهم والرحيل إلى حيث يشاؤون، ولحسن الحظ دون قطع الرؤوس والتعدي على حرمات الناس. أما في منطقة كوباني، فقد ارتكب داعش تطهيراً عرقياً فظيعاً، حيث أفرغ كوباني و 365 قرية تابعة لها من سكانها الكرد وارتكب مجازر بربرية يندى لها الجبين، فملايين الناس شاهدوا الجثث دون رؤوس، وشاهدوا أيضاً البنت ذات الثماني أعوام رأسها بيد والدتها وجسمها المنفصل بيد والدها.

ثم عندما استولت داعش على مدينة الرقة وقضاء تل أبيض التابع لها، طالب السكان الكرد فيهما إلى الرحيل وترك منازلهم خلال (48) ساعة، وهكذا كان، حيث اتجه سكان بلدة تل أبيض وقراها ومحافظة الرقة إلى حيث يلقوا المأوى، وكانت تركيا مركزاً أساسياً لتجمعهم.

من هذه الوقائع يتبين جيداً بأن داعش  استهدف من هذا التطهير العرقي الكرد في سوريا تمهيداً لبناء دولته المزعومة.

أما في العراق، وبعد أن أصبح داعش يملك القوة العسكرية والبشرية والمادية، هاجم كردستان العراق، فاحتل قضاء شنكال وما جاورها، وكذلك مخمور والسعدية وجلولاء وسهل نينوى الذي يسكنه السريان المسيحيين، واجبر سكان هذه المناطق على الرحيل وترك منازلهم، إما في قضاء شنكال فقد ارتكب أيضاً أعمالاً إرهابية ووحشية قلما الفتها المجتمعات المتقدمة في هذا العصر، فقد اغتصبوا المئات من النساء والبنات القاصرات الكرديات، ثم لجأوا من أجل الاهانة  ودوس كرامة الكرد إلى بيع النسوة في أسواق محافظة الموصل لقاء حفنة من الدولارات.

وهنا لا يسعني إلا أن أثمن عالياً شهامة بعض الشخصيات ورؤساء العشائر العربية الذين دفعوا الأموال لداعش لقاء شراء هذه النسوة ومن ثم إعادتهن إلى أهلهم بسلام.

ونحن نسأل داعش والذين يناصرون هذا التنظيم، ما هو إجابتهم على هذا التطهير العرقي؟ هل هو تمهيد لإنشاء دولة الإسلام؟ وهل يعلمون بأن الكرد في غالبيتهم الساحقة هم اسلام؟

وإذا كان داعش يريد حقاً إقامة دولة الإسلام في بلاد الشام والعراق، فما هي هذه الجرائم التي يرتكبها في أفريقيا ويقتل العشرات من المصطافين الأجانب؟ ولماذا هذه الجرائم التي ينفذها في ليبيا وفي صحراء سيناء وفي اليمن؟ ثم، كيف يفسر ارتكابه جرائم في جوامع السعودية ويقضي على أرواح العشرات من المسلمين الآمنين؟ أهكذا يريد داعش انشاء دولة الإسلام على جماجم وجثث المسلمين؟

إن داعش حقاً هي المنظمة الخطيرة في هذا العصر الحديث، وهي بأعمالها هذه أنما تشوه سمعة الإسلام والعرب بآن واحد، ومما يحز في النفس الألم أن أصواتاً عربية تعالت -هنا وهناك- بعد طرد داعش من المناطق الكردية تقول بأن الكرد يمارسون التطهير العرقي، ولكنهم أغفلوا بأن داعش هي التي قامت بالتطهير العرقي ضد الكرد، وان قوات حماية الشعب، رغم موقفنا السلبي من بعض مواقف وممارسات قادتها السياسيين في هذا المجال أو ذاك، لكنها حافظت على موقفها الإنساني بعدم طرد أي عربي من منزله بسبب انتمائه القومي، وقد تأكدنا من هذه الحقيقة بعد تحر وتحقيق دقيق في هذه المزاعم، فإلى هؤلاء الأخوة العرب نقول بأن مزاعمكم هذه نجدة لداعش التي هزمت شر هزيمة ولها العار الأبدي.

وكلمة أخيرة نسوقها لقادة داعش، بأنكم استطعتم ألحاق أضرار جسيمة بأبناء الشعب الكردي في كل من العراق وسوريا، ولكنكم فشلتم في مهمتكم القذرة بإبادة هذا الشعب المناضل، وسوف تلقوا نفس المصير الذي لاقاه قائدكم صدام حسين، الذي لم يوفر عملاً إجراميا إلا وارتكبه، حتى انه دفن مئات الألوف من أبناء الشعب الكردي وهم أحياء، لكن النهاية الأليمة كانت من نصيبه وليس الفلاح والنجاح.

21/8/2015

عبد الحميد درويش

سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...