يستمر نزوح الشعب السوري هربا من الحرب الدامية التي اجتاحت البلاد, منذ أربع سنوات, حيث كان للشعب الكوردي في غرب كوردستان نصيبه ايضا من هذه الهجرة.
وحيال نزوح الكورد من غرب كوردستان يقول الناشط والمحامي الكوردي،معصوم علي، المقيم في تركيا لوكالة (باسنيوز) إن” أسباب النزوح تتعلق بالوضع السوري العام الذي ينذر بان فصوله سوف تطول كثيرا ولا بوادر لحل وشيك الأمر الذي ينعكس على استقرار مناطق غرب كوردستان وبالتالي اللجوء الى الهجرة”.
ويرى معصوم أن” الأسباب الخاصة تكمن في استفراد طرف بكافة مفاصل الحياة بقوة السلاح (في اشارة الى حزب الاتحاد الديمقراطي) ما ينذر بمخاطر اقتتال كوردي ــ كوردي ويحرم شريحة واسعة عن المشاركة في الدفاع والإدارة ما يضعف الثقة بإمكانية الحماية من الأخطار المتربصة, وعدم تكرار ،مجزرة فجر الغدر(تسلل مسلحي داعش الى كوباني في حزيران الماضي)” مضيفا ان “التخوف من تطبيق قوانين بخصوص ترخيص الأحزاب والتجنيد الإجباري والخلل الواضح في قطاع التربية والأمن والتوجه نحو عسكرة المجتمع بشكل كامل إضافة إلى أسباب تتعلق بالوضع المعيشي والأمن الاقتصادي, كل ذلك يشعر المواطن بالغربة في بلده ويصيبه اليأس ما يسهل الرحيل أمامه علما بان لكل فرد أسبابه الخاصة قد لا تكون مذكورة بين كل ما ذكرنا”.
فيما يقول الناشط محمد عيسى،النازح الى المانيا ،لوكالة (باسنيوز) أن” جزء من أسباب النزوح مرتبطة بالوضع السوري العام ،وجزء منها مرتبط برغبة الشباب في طموحات واحلام يعتقدون انها ستتحق في الغرب،وجزء مرتبط بسياسات الاتحاد الديمقراطي،وفشله في إدارة المناطق”،مضيفا “لا نستطيع أن نحمّل الاتحاد الديمقراطي المسؤولية الكاملة، ولكن الحزب لم يقدم على أي خطوة علاجية تجاه الجزء المسؤول عنه، و ينظر إلى موضوع الهجرة من منظور تخويني ويتهم الناس بالجبن والهروب، وهو يعلم إن جزء من الشباب خرجوا من غرب كوردستان خوفا من التجنيد الاجباري والملاحقات والتهديدات والترهيب والتخوين والإقصاء لكل مختلف لايفكر وفق منطق الإدارة الذاتية”.
بدوره يؤكد الإعلامي الكوردي علي عبد الرحمن الذي يقيم في مدينة عفرين بغرب كوردستان لوكالة (باسنيوز) أن “السبب يكمن في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين في عموم المدن الكوردية نتيجة قلة الامكانيات والحصار عليها في كثير من الاحيان سواء بسبب اشتباكات وحدات الحماية مع داعش أو غيرها من الفصائل المعارضة”،ويتابع” كما يلجأ الشبان إلى السفر بحثا عن مستقبلهم العلمي واستكمال دراستهم في ظل صعوبة السفر إلى حلب والالتحاق بالجامعات في المدن السورية”.
ويضيف عبد الرحمن “حالات السفر والهجرة ازدادت في الفترة الاخيرة وبشكل ملفت للنظر وخاصة من مدينة عفرين بعد صدور قانون واجب الدفاع الذاتي حيثُ يرى أغلب الشباب المغادرين أن التجنيد يجب ان يكون تحت راية مشتركة بعيدا عن التفرد والاقصاء “،مضيفا “بينما فضلت شريحة أخرى السفر وهم الأغنياء بحثا عن حياة أكثر رفاهية في الخارج فهم لم يتأقلموا مع الأوضاع الحالية التي تشهدها غربي كوردستان”.
ويشير تقرير أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في حزيران/يونيو 2015، بعنوان “اتجاهات اللجوء”، إلى أن السوريين قد شكلوا في العام 2014 الفئة الأكبر من طالبي اللجوء، وناهز عدد طلباتهم 150 ألف طلب، أي بمعدل طلب واحد لكل خمسة طلبات لجوء في العالم .
ويبدو بأن وقف نزيف الهجرة من مختلف المناطق سواء الكوردية ام غيرها،مرتبط بالأوضاع الداخلية في سوريا عامة, وحول ذلك, يرى الناشط محمد عيسى أن”الحلول مرتبطة بحلحلة الشأن السوري العام، وإيجاد تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية، وتابع “على حزب الاتحاد الديمقراطي أن يعيد النظر في سياساته التي ستجلب المزيد من الكوارث، وقد تكون الهجرة أبسطها” وقال”غرب كوردستان(كوردستان سوريا) بحاجة إلى شراكة حقيقية بين مختلف الأطراف السياسية، بحاجة إلى بناء جسور الثقة ، فالشعب لم يعد يثق بالاتحاد الديمقراطي،والواقع الكوردي لم يعد يتحمل المزيد من الخلافات ،وإلا سنكون أمام تغيير ديموغرافي كارثي في غرب كوردستان “.
فيما يشير المحامي معصوم علي” أنني أكاد لا أرى حلولا توقف هذا النزيف لا في سوريا حيث أمد الحل لا زال بعيد المنال،ولا محليا حيث استمرار تهديد داعش والجماعات المتطرفة الأخرى إضافة الى التهديد والوعيد التركي ناهيك عن آية بوادر ايجابية تجاه ملف الهجرة من قبل سلطة الأمر الواقع حيث أنها قادرة على اتخاذ بعض الإجراءات من شانها التقليل من هذه الظاهرة أهمها إبداء مرونة إزاء التوافق السياسي والكف عن التخوين والتشكيك بالطرف المختلف معه”.
أما الإعلامي علي عبد الرحمن فيؤكد أن “الحلول تكمن في اطلاق مشاريع توفر فرص عمل لفئة الشباب وتقديم التسهيلات اللازمة لهم و إيجاد قوة بمثابة جيش كوردي تشارك فيه الأطراف السياسية مدعومة بمرجعية سياسية تحفظ حقوق الافراد والأشخاص في المناطق الكوردية من خلال حرية التعبير والمشاركة الفعالة للشباب في مفاصل تلك الإدارة”،مضيفا “إلى حين إيجاد تلك المرجعية والحالة السياسية ستمضي غربي كوردستان نحو المجهول والهجرة لن تتوقف لأن الإنسان بطبيعته يبحث عن الأفضل والأكثر أمانا دائما”.
يذكر أن سوريا تأتي على رأس قائمة الدول في عدد مواطنيها النازحين واللاجئين الكثير وهناك (7.6 ملايين نازح ) وخارجيا (3.88 ملايين شخص نهاية عام 2014)، يليها كل من أفغانستان (2.59 مليون لاجئ) والصومال (1.1 مليون شخص).