الإيكونومست: الصراع في سوريا… رسم حدود الدول المجاورة

Share Button

بالعودة إلى عام 2011, عندما بدأ بشار الأسد ذبح السوريين الذين كانوا يحتجون على حكمه الدكتاتوري, كانت الدول المجاورة 215 - الايكونميست,تركيا والأردن ,حريصة كل الحرص على وقف إراقة الدماء. وبسبب عزوف أمريكا تحديدا عن التورط في شأن شرق أوسطي جديد تعمه الفوضى, فإنها لم تحرك ساكنا هي الأخرى. بعد أربعة أعوام على ذلك, كل منهم ينظر بجدية في التدخل في سوريا.
بشكل مستقل عن بعضهم البعض, يقال إن مسئولي هذه الدول يخططون لإقامة مناطق عازلة على طول حدودهم داخل البلاد التي تمزقها الحرب. تتحدث الصحف التركية عن منطقة تمتد 110 كم بعمق 33 كم على طول الحدود السورية الشمالية. أوردت الفايننشال تايمز, نقلا عن مسئول لم تحدد اسمه, بأن الأردن تخطط لإنشاء منطقة آمنة في محافظات درعا والسويداء جنوب سوريا. في حالة الأردن التي تختار المتمردين السوريين بعناية, بدلامن القوات الأجنبية, فإن المتمردين يمكن أن يخدموا هذه المنطقة.
تم طرح وتناول مثل هذه المناطق كثيرا من قبل, ولكن الحاجة الملحة ظهرت مع تدهور الأمور في سوريا. قبل عدة أعوام كان يمكن لهذه الفكرة أن توفر للمتمردين السوريين منطقة لتنيظم أمورهم. لاحقا ومع اشتداد الحرب وهروب الآلاف من اللاجئين, تم تبرير هذه الفكرة على أساس إنساني. جيران سوريا أكثر اهتماما بحماية أنفسهم. يقول مستشار للملك الأردني :” إنه قضية أمن وطني”.
قلق تركيا الرئيس يتمثل من أن يتمكن الأكراد السوريين من  إنشاء دولة لأنفسهم, يمكن أن تصبح مركز استقطاب لأكراد تركيا, الذين يدعون من وقت لآخر إلى حكم ذاتي داخل تركيا. المقاتلون الأكراد السوريون المرتبطون بحزب العمال الكردستاني (البي كي كي) سيطروا على مدينة تل أبيض في منتصف يوليو بمساعدة من وحدات من المتمردين وغطاء جوي أمريكي. نتيجة لذلك, أصبح هناك ثلاثة جيوب مرتبطة إلى حد كبير مع بعضها البعض. في 26 يونيو, تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  بأنه لن يسمح أبدا بإنشاء دولة كردية في شمال سوريا.
على الرغم من أن الأكراد يتهمون السيد أردوغان بتقديم دعم ضمني لداعش, فإن الجهاديين يشعرون بقلق متزايد من تركيا. كما أنهم قريبون جدا من جرابلس, البلدة الحدودية المتاخمة لمحافظة كيلس التركية, ويبدو أنهم على وشك احتلال اعزاز, التي تشكل طريق الإمداد الرئيس للمتمردين الآخرين الذين تدعمهم تركيا وقطر والسعودية.
كان اجتياح داعش لتدمر ( التي تبعد 240 كم عن الحدود الأردنية)  في شهر مايو هو ما حدا بالمملكة إلى تكثيف ما وصفه مستشار الملك “التدابير الوقائية”. يخشى المسئولون بأن الجهاديين سوف يملؤون الفراغ الذي سوف يتركه نظام الأسد, الذي خسر قواعده الرئيسة في الجنوب ومناطق كبيرة من معقل الدروز في محافظة السويداء في الأسابيع الأخيرة. المنطقة العازلة سوف تساهم في سيطرة المتمردين المتحالفين على هذه المناطق, في حين سوف تضع البلدات الأردنية الشمالية بعيدا عن مدى الصواريخ, التي سقطت على مدينة الرمثا الأسبوع الماضي, وأدت إلى مقتل شخص. كما سوف يرحب جيران سوريا برؤية المزيد من السوريين يستقرون داخل بلادهم. تستضيف تركيا 1.8 مليون لاجئ سوري, ويشكل السوريون في الأردن خمس السكان.
نظام الأسد الضعيف يفرض تهديدا محدودا على هذه الخطط. إقامة المنطقة العازلة أسهل في الجنوب عنه في الشمال, حيث الجماعات المتمردة أكثر فرقة. بعد شهور من التحري, تتلقى الجبهة الجنوبية التي تتكون من أكثر من 50 جماعة متمردة التدريب والرواتب والأسلحة من الأردن.
ولكن هناك شكوك كبيرة في أن الدولتين لن تقوما بأكثر من الحديث فقط. حيث يتساءل المحللون عن قدرتهم على السيطرة على المتمردين عن بعد. الجيش التركي غير راغب في التورط في صراع ربما يواجه فيه الأكراد وداعش. وعلى خلاف المناطق التي تم الإعلان عنها مسبقا, كما هو كان عليه الحال في شمال العراق بعد حرب الخليج عام 1991, فإن المناطق الآمنة لن تكون محمية بتفويض منطقة حظر للطيران من الأمم المتحدة.
أمريكا, القوة الوحيدة التي يمكن أن تفرض مثل هذا التقييد, لا تريد الانخراط في مثل هذا الأمر وهي تشكل العقبة الأكبر أمام إقامة المنطقة العازلة. علاقاتها مع تركيا تواجه صعوبة. اشتكى باراك أوباما مؤخرا من أن تركيا يجب أن تبذل المزيد من أجل وقف تدفق المقاتلين الأجانب الذين يتسللون من خلال أراضيها للانضمام إلى داعش. كما أن الأمريكان يشعرون بالغضب من رفض السيد أردوغان السماح لطائرات التحالف باستخدام قاعدة إنجرليك لشن ضربات جوية. (تقول تركيا إن ثمن ذلك هو موافقة الولايات المتحدة على إقامة منطقة حظر طيران).
أفضل نموذج لما يمكن للأردن وتركيا تحقيقه ربما يكون النموذج الإسرائيلي. حيث سهلت إقامة ما يمكن وصفه بأنه منطقة عازلة على طول حدودها مع سوريا. حيث عززت بذلك الاتصالات مع المتمردين في الجنوب. الذين قاموا مؤخرا بطرد قوات الأسد المعززين بمقاتلين من حزب الله والحرس الثوري الإيراني, إلى خارج محافظة القنيطرة المجاورة. حاليا, تبدو إسرائيل الدولة الأكثر أمنا من بين جميع جيران سوريا.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...