وصفت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، أوضاع اللاجئين السوريين على الحدود المقدونية بالمأساوي، وقالت في تقرير لها كتبه “روبرت فيسك” تحت عنوان “عصابات على الحدود المقدونية تترصد قوافل اللاجئين العرب على أبواب أوروبا”، إن رجالًا ونساءً أغلبهم من سوريا من درعا ودير الزور وحلب ودوما وغيرها، فروا معًا من سوريا ووصلوا إلى مقدونيا، يعاملون معاملة لا إنسانية، ويتعرضون للإهانة والضرب والسرقات على طول الطريق، وإنه “عار على أوروبا” هذه المشاهد.
وقال “فيسك” في تقريره: “لقد جئت اليونان لأغطي الخروج المحتمل لليونان من الاتحاد الأوروبي، أهم وحدة أوروبية قامت بعد الحرب العالمية الثانية، لكني وجدت عار أوروبا على الحدود المشتركة بين اليونان ومقدونيا بدلًا عن ذلك”، ويوضح “فيسك” أن عشرات من اللاجئين العرب الفارين من الحروب الأهلية في بلادهم أظهروا له الجروح والندبات التى أصيبوا بها عندما اعتدى عليهم أفراد عصابات على الحدود المقدونية، ويستطرد فيسك: “دعونا لا نسميهم حرس الحدود رغم أنهم رسميًا كذلك، لكن سأسميهم ميليشيا الحدود المقدونية”.
ويقول “فيسك” إن أفراد هذه الميليشيا كانوا يركبون سيارات نصف نقل مموهة، وبعضهم نصف عار بينما الآخرون يمرحون ويتحدثون في الهاتف من فوق السيارات المتمركزة قرب خط السكك الحديدية، بينما اللاجئون العرب في الأحراش المحيطة، ويضيف: “حاول بعض الأطباء من منظمة “أطباء بلا حدود”، معاونة المصابين وإعطاءهم بعض المعاملة الإنسانية التي لن تمنحها لهم أوروبا”، ويضيف: “أعطوهم الماء النظيف، وضمادات الجراح، وبعض الطمأنينة بأنه ليس كل الأوروبيين سيديرون لهم ظهورهم، لكن في النهاية كنا في موقع للدموع والآهات”.
ويوضح روبرت فيسك، أنهم اشتكوا من السرقات التى يتعرضون لها على طول الطريق، ويكشف فيسك عن أن أغلبهم قاموا بالسير مسافات طويلة ربما 20 ميلًا في شمال اليونان في درجة حرارة تصل إلى 30 درجة مئوية؛ لأنهم لا يسمح لهم بركوب المواصلات العامة، ويضيف: “بعضهم يعاني من الحروق وبعضهم من إصابات أخرى، ووسط ذلك كله يقف أحدهم ليتحدث مع إحدى سيدات الإغاثة قائلًا لها: “انظري.. أعرف أنك تحاولين مساعدتنا، لكن بالنسبة لكل هؤلاء أليس هناك ما يمكن فعله لدعمهم؟ إنهم مسالمون لم يرتكبوا إثمًا فقط يفرون من الحرب والموت””.
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، قالت إن أكثر من أربعة ملايين سوري، أي نحو سدس عدد السكان، قد فروا من الصراع الدائر في بلادهم إلى الخارج، وأوضحت أن حشود الفارين التي عبرت الحدود التركية قادمة من سوريا خلال الأشهر العشرة الأخيرة أضافت نحو مليون لاجئ جديد إلى مجمل عدد اللاجئين السوريين، وإن أكثر من سبعة ملايين و600 نازح اضطروا إلى مغادرة مناطق سكناهم نحو مناطق أخرى داخل سوريا منذ بدء الانتفاضة الشعبية في مارس/ آذار 2011.
ووصف أنطونيو غوتيريس، رئيس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أزمة اللاجئين السوريين بأنها “أسوأ أزمة إنسانية شهدها جيلنا”، وأضاف في بيان له: “هذا أكبر عدد للسكان اللاجئين من صراع واحد في جيل، هؤلاء السكان يحتاجون إلى دعم من العالم، لكنهم بدلًا من ذلك يعيشون في أحوال مريعة ويغوصون بشكل أعمق في الفقر”، وتعد أزمة اللجوء السورية أكبر أزمة لجوء تنجم عن صراع واحد منذ نحو ربع قرن.
وقالت المفوضية إن معظم اللاجئين الفارين من الحرب في سوريا -التي مضى عليها أربع سنوات- يقيمون في تركيا و لبنان، والأردن، والعراق، ومصر، وتضم تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين؛ إذ يصل عددهم فيها إلى 1.8 مليون لاجئ، وأفادت تقارير أنها تستعد لتدفق موجة جديدة من اللاجئين مع تصاعد القتال في المناطق قرب الحدود بين البلدين.
وقال بيان المفوضية إن حوالي 86 في المئة من 630 ألف لاجئ سوري في الأردن يعيشون تحت خط الفقر البالغ 3.2 دولارات يوميًا، وأضاف البيان أن أكثر من نصف السوريين اللاجئين في لبنان، وعددهم 1.173 مليون يعيشون في أماكن إيواء دون المستوى المطلوب. وهناك 270 ألف سوري آخر طلبوا اللجوء في أوروبا، وقال “غويترس”: “ينبغي على أوروبا أن تقدم المزيد من المساعدة مع زيادة سوء الأزمة”.
وأضاف: “نشعر بالرعب من أننا لا نعرف ماذا نفعل مع تدفق المزيد والمزيد من المدنيين الذين يجازفون بأرواحهم، ويتحركون قدمًا”، وأكمل: “إنها دراما إنسانية، إنه وضع مريع للمنطقة، ولكنه بات أيضًا شيئًا نطالب جميعًا أوروبا بأن تتولى مسؤولياتها إزاءه بشكل كامل”، وأشارت المفوضية إلى أنه إذا تواصل تدفق اللاجئين السوريين على هذه الوتيرة فمن المتوقع زيادة عددهم في دول الجوار السوري ليصل إلى 4.27 ملايين لاجئ بحلول نهاية 2015، ولم تتسلم المفوضية سوى أقل من ربع مبلغ 5.5 مليارات دولار التي تقول إنها تحتاجه لمساعدة اللاجئين السوريين والدول التي تضيفهم.