احمد قاسم : في العمق الإستراتيجي “

Share Button

لاشك إن حقيقة الواقع الموضوعي للقضية الكوردية في سوريا, هي قضية شعب يقيم على أرضه التاريخية. ووفقاً للمواثيق 13178648_911830938925336_528599995496787648_nوالقوانين الدولية, فإن أصحاب القضية له الحق في خيارات تحديد مصيره بنفسه. وأن محددات تلك الخيارات لا يمكن أن تكون بعيدةً عن الواقعية السياسية, وموضوعية القضية التي تمتلك مشروعية العمل من أجل الدفاع عنها وحلها ضمن الممكن المتاح تحسباً للظروف الذاتية والموضوعية في ظل علاقات دولية التي هي الأخرى تؤثر بشكل أو بآخر على جوهر القضية وتطوراتها التاريخية وفقاً للمتغيرات الناتجة عن المتغيرات في تحديد أولويات الدول الفاعلة في المنطقة تأميناً لمصالحها الإقليمية. وبما أن هذه القضية لها من يدافع عنها بالأسلوب وبالآليات المتاحة, والتي تبتعد كل الإبتعاد عن العمل المسلح, و تم تحديد الخيارات من قبل مختلف القوى الفاعلة لحلها حلاً سياسياً وسلمياً عن طريق الحوار الوطني بين كافة مكونات الشعب السوري تلازماً مع التطورات الحاصلة التي أنتجتها وستنتجها الأزمة في سوريا على خلفية هذه الحروب ( المختلف عليها من قبل تلك المكونات ). وبما أن هذه القضية باتت تكتسب توافقاً دولياً على حلها, وبالتالي يتم التفاهم عليها من قبل غالبية النخبة الديمقراطية في البلاد نتيجة للنضال المستمر منذ عقود من الزمن, ولطالما أن مفهوم حكم الحزب الواحد ومن اللون الواحد سياسياً كانت أم عرقياً أو مذهبياً بات من الماضي, فإن صورة البلاد باتت تتوضح مع التطورات الدراماتيكية للأزمة في سوريا, وأن صورة الحل أصبحت أقرب إلى المعقول في ظل التفاعلات الدولية لإدارة الأزمة والصراع معاً للوصول إلى الممكنات التي يمكن أن تُحَلَ الأزمة بموجبها بعيداً عن تهميش أي مكون من مكونات الشعب السوري ” وفي مقدمة تلك المكونات هو المكون الكوردي الذي يشكل أكبر ثاني مكون في البلاد, ويمتاز بخصوصية شعب مقيم على أرضه التاريخية, والذي كان من إحدى ضحايا إتفاقية سايكس ـ بيكو “. ومن أساسيات العمل السياسي التي يجب أن يُسْتَنَدَ إليها في العمل النضالي, هي الإعتماد على تفاهمات بين القوى الفاعلة التي تؤمن بدمقرطة سورياً ” كدولة وكحكم و كنظام “. وبما أن الحركة السياسية الكوردية بمجمل أحزابها وفاعلياتها المجتمعية والثقافية تؤكد على أن قضية الشعب الكوردي في سوريا لا يمكن أن ترى الحل إلا في ظل دولة يحكمها نظام مبني على أسس ديمقراطي يحترم حقوق الأفراد والجماعات وكافة مكونات الشعب السوري من دون تميز عرقي أو مذهبي.. فإن من أولويات تلك الحركة أن تعتمد على أسلوب الحوار والحوار المتبادل من أجل كسب ثقة غالبية الأطر المجتمعية من الشعب السوري, وخصوصاً تلك التي تتداخل مع الوجود الكورد على جغرافية واحدة ( كالجزيرة مثلاً ). لأن, إن شئنا أم أبينا, فسيكون هناك من يناهض التفاهم بين المكونات, وكذلك النظام الديمقراطي الذي سيحد من سيطرة المكون الأكبر على بقية المكونات كما مارس البعث في سياسات حكمه طوال أكثر من خمسة عقود.. وأن العقدة البعثة لازالت تدغدغ مشاعر الشوفينيين من المكون العربي. لذلك, على الكورد أن لا يصطدم مع تلك القوى الشوفينية التي تؤكد عليها الحتمية التاريخية بأنها في طريقها إلى الزوال. وأن, أي صدام معها سيقوي شوكتها, وسيخلط الأوراق بين القوى المتصارعة فكرياً, وسيجعلها محوراً يتمحور من حولها كل الطبقات والفئات من المكون العربي تحسباً من أن هناك خطراً خارجياً يهدد هذا المكون.. إنها أخطر لعبة يمارسها البعث, فعلى الشعب الكوردي أولاً, وكافة مكونات الشعب السوري أن يجنب الصدام مع هذه الفئة الشوفينية التي وصلت إلى مراحلها الأخيرة.. مع التأكيد على أن سوريا القادم لا يمكن بنائها بدون مشاركة وإحقاق الحقوق للمكونات تطابقاً مع المواثيق والقوانين والشرائع الدولية بخصوص بلدان يتشكل شعبها من العديد من المكونات العرقية والمذهبية. وعلى هذه المحددات, تنطلق الحركة السياسية الكوردية في سوريا للدفاع عن قضيتها القومية والوطنية, لطالما أنها لم تختار يوماً مبدأ الإنفصال وتقسيم سوريا, كون ذلك يتعارض مع جوهر القضية واقعياً وموضوعياً ( على الأقل في المدى المنظور ). ومن أجل التأكيد على ذلك وقطع دوابر الفتن والتضليل والتشويش والتآمر على حقيقة هذه القضية الوطنية ” بالأساس ” فعلى الحركة الكوردية وقادتها أن لا تضع ( فيتو ) على الإلتقاء مع رموز أي مكون من مكونات الشعب السوري ومن له تأثير على تفاصيل العمل النضالي من أجل تحقيق أهداف تدفع بسوريا نحو التسوية ترضي الشعب السوري بأكمله. هناك من يتباكى كثيراً على ” مُصاب ” الشعب الكوردي, ويُغالي كثيراً على مظالمه.. نعلم بأن الشعب الكوردي قد ظُلِمَ منذ مائة سنة ” إن لم نتوقف على الحقبة العثمانية “. إلا أن الحل الذي يجب أن نقف عنده بعقلانية وموضوعية يفرض علينا حدود العمل وآلياته ” قد أرى أكثر من فلان من الناس, أن فلاناً بسيئاته لا يستحق الإلتقاء به.. لكن ظروف العمل السياسي تفرض عليً أن ألتقي به مراتٌ ومراتٌ, لطالما نعتمد على الحوار والنقاش, وخاصة مع من نتقاسمه الجغرافيا…” الممكن المتاح هو الذي يفرض شكل وطبيعة العمل السياسي للحركة الكوردية.. لكن الذي لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال, هو الواقع الذي تسير عليه هذه الحركة. ” فقبل أن ننعت فلاناً من قادة الحركة بنعوت سيئة لأنه إلتقى مع فلان من الناس أو حزب من الأحزاب قد نختلف معه, علينا أن نرفض الواقع من الأساس, الواقع الذي وصل إليه حركتنا من التشتت والتشرذم والتمحور حول أجندات لا تخدم حقيقة قضية شعبنا وجوهره القومي والوطني ” وأن المسلمات باتت واضحة, وعلى أساسها تفرض علينا إلتزاماتنا الأخلاقية والإنسانية ومن ثم القومية والوطنية أن نوحد صفوفنا وكلمتنا ومرجعيتنا وشكل تمثيلنا الدبلوماسي والسياسي خدمة لإنتصار قضيتنا على مستوى الوطن والشعب. وأن نؤمن بأن المكونات الأخرى من الشعب السوري لها نُخَبَها من الديمقراطيين الذين يناضلون من أجل مستقبل سوريا, ذلك المستقبل الذي نتلاقى فيه لبناء دولة نحس ونشعر بأننا مالكوها وعلى أرضها أحراراً نقرر مصائرها إلتزاماً بتحقيق مصالح شعبنا.. إذاً, بوحدة مصيرنا نبني وحدتنا, وتلاقياً مع تحقيق مصلحة الآخرين نحافظ على سبل تحقيق مصالح شعبنا في بلد واحد. هذا هو المنطق الذي يجب أن نعمل به لنصرة قضيتنا. أما من يتباهى بأنه حريص على قضيتنا القومية لينعت الآخرين بالإخانة على صفحات ( الفيسبوك ) من دون أن يعانون من أية معانات التي تحيط بأهل القرار ” أشَبهه في جوهر فكره بما يفكر به المتطرفون والإرهابيون أهل الفكر الذي يرفض كل ما هو مخالف ” .. ومع كل ما أصابت الحركة السياسية من أمراض, فلا تزال هذه الحركة وقياداتها مؤهلة لتصحيح مسارها وتوحيد طاقاتها حول وحدة الهدف والمآل.. لطالما أن الشعب منقسم مع هذه الإنقسامات, فإن وحدة الشعب هي كفيلة بأن توحد الإطار, وتُصَحِحَ المسير.

أحمــــــــد قاســــــــــــم 18\6\2016

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...