احمد قاسم – لا تستبقوا الأمور أيها السادة..

كلنا نقدر الموقف, ونعد الحسابات, ونقبض على قلبنا في هذه الظروف العصيبة.. نتمنى ونناشد ليل نهار ” توحيد الصف الكوردي والتوافق بين مواقف أطراف حركتنا السياسية وأحزابها ”

لكنني أرى مع توقيع الإتفاقية السياسية بين حركة كوران والإتحاد الوطني الكوردستاني هناك من يسبق في نتائجها إن كانت إيجابية أم سلبية, فينفخ في بوقه ويحسم النتائج على أنها ضد المصلحة الكوردية, إنطلاقاص منه على أن الإتفاقية تهدف إلى مواجهة الحزب الديمقراطي الكوردستاني.. يبدو أن هؤلاء لم يتغيروا مع التحولات الهائلة التي طرأت على العالم بشكل عام وعلى منطقتنا بشل خاص, والتي غيرت الكثير من المواقف الإستراتيجية لأهم الدول في العالم, وبالتالي تم ترتيب الأوليات وفقاً للظروف والمتغيرات التاريخية.. ومن شأنه كان ولا بد أن تقرأ النخبة السياسية في حركتنا التحررية الوقائع والحقائق التي تدفع مسيرة التطور البشري نحو تحولات هائلة, متجاوزة في ذلك الحدود السياسية والجغرافية بين الدول والأقاليم والقارات, فلا يمكن أن نكون بمعزل عن منتجات هذه المسيرة العالمية.. نحن جزء مهم في حركة التاريخ التي تُصْنضعُ اليوم بفعل هذه المسيرة في منطقتنا, فلا بد أن نأخذ بالإعتبار مفاصل التي تتوقف عندنا لنأخذ دورنا التاريخي في دفع المسيرة التي فتحت لنا آفاقاً جديدة لصناعة السلام في منطقتنا من خلال حلحلة الأزمات العميقة بين شعوبها وإيجاد حلول تؤمن لكل شعب حدوده الآمنة من خلال ممارسة حقه في تقرير مصيره بنفسه وفقاً للقوانين الدولية التي ” أيضاً قد تتغير بنيانها في الصياغة والتعديل” وذلك بالتوافق مع المتغيرات على الساحة العالمية.

إننا نشكل العامل الأهم في المنطقة لنكون فاعلين في دفع حركة التغيير نحو آفاق عملت الدول الكبرى عليها منذ إنتها مفاعيل الحرب الباردة في التسعينيات من القرن الماضي.. وأن منطقتنا هي المستهدفة لتنال حقها من تلك الفاعل والعامل وحركة التغيير قبل غيرها, كونها كانت ولا تزال تعاني من النتائج المدمرة التي لحقتها من خلال عقد صفقات بين الدول الكبرى وإتفاقياتها التاريخية التي كانت تهدف إلى تحقيق مصالحها وتأمين أسواق لبضائعها, وكذلك تأمين المواد الخام والطاقة من دون الإلتفات إلى مصلحة الشعوب في هذه المنطقة في العالم, وبالتالي كانت منطقتنا أكثر تضرراً من أي بقعة على الأرض, ومن بين شعوب هذه المنطقة كان الكورد أكثر تضررا, وهو يربط بين أهم أربعة دول في الشرق الأوسط, وسيكون له الدور الفصل في صناعة التغيير إن أحسن التعامل معه في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ المنطقة.. وقبل كل شيء يجب أن يقرأ الكورد الحقائق كما هي ويتفاعل معها من دون التمترس وراء عقلية السبعينيات من القرن الماضي التي شتتت وجزأت وشرذمت حركتنا السياسية بين ( الجلالية والبرزانية ).

إن ( الجلالية والبرزانية )عملا طوال عقود بفعلٍ نضالي إسطوري من أجل الدفاع عن حقوق شعبهما, علينا أن نقدر ونحترم تلك النضالات والتضحيات, والتي كانت لا تُخْلى من النكسات والإنكسارات والحروب الجانبية فيما بينها, إلا أنها أنتجت ما أنتج في النهاية من تحقيق مكتسبات تاريخية يجب أن نحافظ عليها أكثر من حفاظنا على ( بؤبؤة أعيننا ) لأنها نتاج تضحية مليون شهيد.. ويجب أن ندفعهما إلى المزيد من النضال لتحقيق أكثر ما تحقق. لذلك فإن التوحيد والتوافق والتعاقد والتنسيق بين أطراف حركتنا السياسية في هذه المرحلة أهم من عبادة قائد أو زعيم أو رئيس.. لأن ذلك من أهم ما يمكن أن نعمل عليها من أجل صنع آليات للعمل النضالي, وبالتالي ترسيخها بشكل كلي لصناعة المكتسبات القومية, متجاوزين المصالح الضيقة الحزبية والمناطقية والحدود النفسية التي تعشعش في داخلنا تمنعنا من الإنفتاح على الغير وخاصة من بني جلدتنا الذين يشاركوننا في تقرير وتحديد مصيرنا عبر هذه التحولات التاريخية العظيمة.

اليوم نحن نشهد عملاً رائعاً بين طرفي من أطراف حركتنا السياسية في جنوب كوردستان, علينا أن نبارك الفاعلين ونهتدي بما عملوا لنقل التجربة وإنجاحها في المناطق والأجزاء الأخرى من الحركة.. ولعلمكم, فمن يراهن على أن هذا التوافق والإتفاق سيهدف إلى مواجهة أي طرف من أطراف الحركة الكوردية المناضلة فهو إما واهم, أو لايريد خيراً لشعبنا وحركتنا أو أنه غارق في أنانيته التي لا يريد خيراً للآخر.. علينا أن نحكم الآخر بنتائج أعماله ولا نستبق الأمور ونجيش الحالة ضد عمل تحالفي لإفشاله خوفاً من أن ذلك التحالف قد يضعفه أو ينافسه في موقع من المواقع.. نحن بحاجة إلى توحيد قوانا, لأن ذلك أهم بكثير من الإمتيازات الشخصية والحزبية. فمتى حققنا أهدافنا في الحرية وتحقيق المصير وبناء دولتنا التي سنكون أحراراً فيها, عندها فقط سنتنافس على الحكم, وسيكون شعبنا هو الحكم وهو المقرر من دون خوف.

باركوا شعبنا بهذه الإتفاقية وادفعوا بغيرهم من أطراف الحركة إلى فعل الشيء نفسه مع تحذيرهم على الفشل..
————————-
أحمــــــــــد قاســـــــــــم
18\5\2016