احمد قاسم: آستانة عنوان لصراع جديد

Share Button

يؤكد النظام السوري قبل إنعقاد جلسات جنيف والمقرر في 16\5\2017 على أن جنيف لم تعد لها معنى, وذلك حسب ما يؤكده النظام على أنه لايرى حتى الآن شريكاً للمفاوضات يؤمن ويعمل من أجل إيقاف الحرب في سوريا والقضاء على الإرهاب, وبالتالي, فإن الذهاب إلى جنيف ليس له معنى, وأن ما أنتجته آستانة مؤخراً الإتفاق على إيجاد مناطق ( تخفيف التصعيد ) وتحديد تلك المناطق سيساعد عملية الحل مع جدية الأطراف الضامنة لمراقبة تلك المناطق وخاصة روسيا وإيران حسب وصفه, من دون إعطاء أي إعتبار للدور التركي ويصفها ” بالعدوة “.

وفي هذا الإطار أكد وزير خارجية النظام وليد المعلم على أنه يرفض أي دور للأمم المتحدة وكذلك أي دولة أخرى في مراقبة تنفيذ الإتفاق, وأن ما أتفق عليه في آستانة سيكون أساساً لأية عملية سياسية, مع تأكيده على أن جنيف لم يبقى لها من معنى. وهذا ما أكده رأس النظام في دمشق أيضاً في مقابلته الأخيرة. على ما يبدو أن لهجة النظام تغيرت في الآونة الأخيرة باتجاه التصعيد مع تحرك أمريكي ملموس بعد تلك الضربة التي وجهتها إلى مطار الشعيرات و ظهور عناوين السياسة الأمريكية بخصوص المنطقة والشرق الأوسط مع تسمية إيران على أنها ( أكبر دولة راعية للإرهاب ). ومن جهتها, لاتزال روسيا تلعب دورها في إخراج الملف السوري من جنيف عن طريق مخرجات آستانة بين وفدي النظام والمعارضة العسكرية, واصفة وفد المعارضة السياسية إلى جنيف لايحمل معه أي مشروع للحل, وبالتالي, فإن الإعتماد على آستانة والتأكيد على مقرراته سيساعد على الحل حسب وصف روسيا. إن التغيير في لهجة النظام, والإتفاق بين الدول الراعية للقاء آستانة على المناطق الأربعة التي سميت ( بمناطق تخفيف التصعيد ) مع رفض المعارضة لذلك نتيجة لمشاركة إيران وتسميتها على أنها من الدول الضامنة.. يأتي ذلك قبيل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أمريكا للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبحث الخلافات بين الدولتين ” وقد يكون اللقاء حاسماً حسب المعطيات في ظل التوتر الحاصل على خلفية قرار الرئيس الأمريكي في تقديم الدعم العسكري لوحدات الحماية الشعبية وقوات سوريا الديمقراطية تمهيداً لبدء عملية تحرير رقة ” والتي رفضتها تركيا من جانبها, واصفة بأن القرار الأمريكي سيكون سبباً لمراجعة تركيا موقفها تجاه أمريكا والحلف الأطلسي برمته. روسيا تلعب على وتر الخلافات بين تركيا وأمريكا من جهة, ومن جهة أخرى تعمل بنشاط جلب تركيا إلى صفها للضغط على المعارضة في قبول آستانة وما تنتجها من مخرجات بعيداً عن الدور الأمريكي والمظلة الدولية عن طريق إعطائها الدور المتوازن مع دور الإيراني في إدارة الأزمة في سوريا, والسماح لها بتواجدها العسكري في مناطق المعارضة كدولة ضامنة وشريكة في العملية السياسية والأمنية في سوريا, وذلك بعكس الموقف الأمريكي التي رفضت أي دور لتركيا في عملية تحريرالرقة ومنعتها من الدخول إلى منبج.. ومؤخراً وكأن الولايات المتحدة أيقنت تماماً بأن تركيا باتت على حافة الإنقلاب إلى المحور الآخر من خلال زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى أمريكا وتقديم أوراق مهمة إلى الإدارة الأمريكية والتي دفعت بأمريكا لإعلان تأيدها لتركيا في حربها ضد الحزب العمال الكوردستاني والتأكيد على أن بعد تحرير رقة ستنسحب كل مقاتلي وحدات الحماية الشعبية من الرقة وتسليم المدينة إلى أهلها لإدارتها..

وعلى ما يبدو أن ذلك لا يكفي لإرضاء تركيا.. وسط هذه التجاذبات بين روسيا وأمريكا مع قبيل زيارة دونالد ترامب إلى السعودية ( والتي وصفت على أنها ستكون تاريخية ), كونها سيناقش مع الخليجيين أوراق مهمة واستراتيجية تهم منطقة الشرق الأوسط ومستقبلها, وخاصة موضوع الحرب على الإرهاب وخطورة المد الإيراني في المنطقة, إضافة إلى أمن الطاقة وتأمينها ( إستخراجاً ووصولاً إلى الأسواق ) تتحرك روسيا لوضع بصماتها على كل ورقة وبيان رأيها للإدارة الأمريكية من خلال إرسال مهندس سياستها الخارجية السيد سيرغي لافروف إلى أمريكا لإيصال رسالتها حول مجمل المسائل للإدارة الأمريكية قبل تحرك الرئيس الأمريكي باتجاه المنطقة. وبالتالي, أعتقد أن موقف النظام المتصاعد, إضافة إلى الإعلان عن أن آستانة وكأنها البديل لجنيف وفقاً لمخرجاتها مع إثارة الخلافات بين تركيا وأمريكا واستثمارها من قبل روسيا, كل ذلك أدوات للعبة الدبلوماسية والسياسية للأطراف التي باتت باينة للعيان على أنها من تدير الأزمة في سوريا, وهي من تسعى إلى تحقيق مصالحها من خلال شد الخناق على السوريين أولاً, وإدامة الصراع فيما بينها لتحقيق أكبر قدر من المصالح الإستراتيجية التي ستشكل وقعاً على مستقبل الشرق الأوسط القادم.

أحمـــــد قاســـــــم

15\5\2017

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...