اختتمت قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) أعمالها أمس في مرحلة وصفها الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنها «مرحلة انتقال وتحد»، مع الانتقال من العمليات القتالية في أفغانستان، والتحديات التي تواجه الحلف من التوتر مع روسيا ومخاطر تنظيم «داعش» وغيره من تنظيمات متطرفة.
وأكد أوباما أمس أن «اليومين الماضيين شهدا إجماعا بين الأعضاء على أن (داعش) يمثل تهديدا جديا لأعضاء الحلف، وكان هناك إقرار بأن علينا أن نتحرك». وأضاف «لم ألحظ أي رفض للفكرة الأساسية بأن هناك دورا علينا أن نلعبه لصد المنظمات التي تشكل تهديدا لسلام وأمن أعضاء الناتو». وفي بيانها الختامي المكون من 24 صفحة، أكدت قمة «الناتو» على أن «التهديدات المتصاعدة عبر الحدود في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تهدد أمن الشعوب هناك بالإضافة إلى أمننا».
وصرح أوباما بأن قمة الدول الـ28 التي اجتمعت في بلدة نيوبورت في مقاطعة ويلز البريطانية خلال اليومين الماضيين شهدت «إعادة التأكيد على المهمة الأساسية للحلف والمنصوص عليها في البند الخامس في ميثاق الحلف: الاعتداء على أحد الحلفاء هو اعتداء على جميع الحلفاء، وسنحمي كل حليف». وهذا التصريح كان موجها لروسيا، حيث أعلن الحلف عن عزمه زيادة وجوده في الدول الأعضاء في أوروبا الشرقية، بما في ذلك نشر «قوة رأس الحربة» التي أعلن عنها الحلف أمس. وفي رسالة أخرى موجهة لروسيا، أعلن «الناتو» أمس أن القمة المقبلة للحلف عام 2016 ستكون في بولندا، ليؤكد الحلف مجددا التزامه بأعضائه في أوروبا الشرقية. وأوضح أوباما «ستكون لدينا خطة عمل للجاهزية، وسنزيد من وجود الناتو في شرق ووسط أوروبا».
وخصص أوباما شقا كبيرا من تصريحاته في مؤتمره لختام القمة أمس للحديث عن العراق والتطورات في منطقة الشرق الأوسط. وقال «لقد حصلنا على دعم مهم من الدول الأعضاء للإجراءات التي نتخذها في العراق.. ونأمل أن تشكل الحكومة العراقية وأن تكون جاهزة الأسبوع المقبل، مما سيساعدنا على العمل معهم لتكون لدينا استراتيجية أوسع مما نقوم به الآن». ولفت أوباما إلى سفر وزير خارجيته جون كيري إلى المنطقة، قائلا «ستكون هناك مشاورات إضافية.. وأتوقع أن أرى الأصدقاء والحلفاء يتخذون موقفا مما يحدث»، في إشارة إلى «داعش». وأضاف «على الدول ذات الغالبية السنية خاصة أن ترفض هذه المجموعات المدمرة.. هذا ليس ما يمثله الإسلام».
وأكد أوباما العمل على دعم «الوحدات الأمنية القادرة على العمل في العراق، وأن نكثف من قدرات تلك القوات والبيشمركة، ولكن أيضا على على العشائر السنية معرفة أن مستقبلها ليس مع (داعش)». وتحدث أوباما عن معالجة تهديد «داعش» من خلال «مراحل»، قائلا «نحن بحاجة لشراكات إقليمية.. ونعالج هذه المسألة بمراحل، أولاها دعم تشكيل حكومة العراقية، وثانيا العمل بناء على المعلومات الاستخباراتية لتوجيه الضربات الجوية، وأن ننقل المعركة إلى (داعش).. نحن نتحرك بحسم وبسرعة ولكن علينا أن نتأكد من أن ما نقوم به صحيح، لذلك نحتاج إلى ائتلاف سياسي مع جهود دبلوماسية وجهود من خلال الاتصالات وجعل الناس لا يشعرون بأن (داعش) تمثل دولة أو خلافة». وأضاف بعزم «سنحقق هذا الهدف، وسنضعف ونهزم (داعش) مثلما فعلنا مع (القاعدة) في منطقة فتح (الحدود بين باكستان وأفغانستان) وفي الصومال، حيث أعلنا عن مقتل زعيم حركة الشباب» أحمد جودان المعروف بـ«أبو الزبير». وتابع «نحن نهزم المنظمات التي يمكن أن تهدد مواطنينا أو أراضينا.. وسنواصل ذلك».
وفي ما يخص سوريا، اكتفى أوباما بالقول «لن نضع قوات أميركية لمحاولة السيطرة على مناطق الصراع في سوريا، ولكن سيكون علينا إيجاد شركاء أكفاء لدفع (داعش) على الأرض، ويمكننا أن نجد هذه الشراكة مع المعارضة المعتدلة، وعلينا أن ندعمها بشكل أكثر فعالية». لكنه أردف قائلا «هذه الاستراتيجية ما زالت قيد التطوير»، ولم يفصح عن المزيد من التفاصيل.
وبدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «رسالتنا واضحة، نحن متحدون في التنديد بالأعمال الوحشية» لتنظيم «داعش». وأضاف «يجب أن يكون الأمر واضحا لهؤلاء الإرهابيين: تهديداتهم ستزيد من عزيمتنا لحماية قيمنا وهزمهم». وشدد كاميرون على أن السياسة تجاه الرئيس السوري بشار الأسد لن تتغير لتشكل تحالفا معه لمواجهة «داعش»، قائلا في رد على سؤال خلال مؤتمره الصحافي «عدو عدوي ليس صديقي، والأسد مثلما قلت في السابق جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل». وحذر كاميرون من أن «مواجهة (داعش) نزاع سيستمر لأجيال.. ولا أريد أن أضع جدولا زمنيا». واعتبر «أساس المشكلة هو آيديولوجية التطرف وليس بلدا معينا.. وأي خطوة نقوم بها يجب أن تكون جزءا من خطة شاملة».