أناقة البكاء… ملكون ملكون

Share Button

“الكتابة طريقة أنيقة للبكاء”… هكذا يقول إميل سيوران.  و هكذا تنداح الصفحات أمامنا بيضاء جافة تستجدي ماءنا الحزين علّها تخفي بَوحنا و وجعنا بين ثناياها ،لكن سرعان ما تبتلع بَوحنا ResizeImageHandlerو يصبح البّوح مباحاً و الوجع مستباحاً ، عندئذ تغتال العيون عذرية كلماتنا البنفسجية على بياض الورق.

و تصبح الكتابة حكاية نزفٍ يومي… لهاثٍ يومي… و ربما انتحار يومي… و نصبح أسرى حروف و كلمات و نقاط على سطور..

و نهاية فجائعية لبَوحنا. في زمن الحرب ترفٌ أن نكتب و الاشلاء مبعثرة من حولنا ،و بنرجسية الفلاسفة نحيل الوجع الممتد من أقصى الوطن لأقصاه لاستعراضٍ لغويٍ ليس إلا… في زمن الموت بذخٌ أن نسطّر ألمنا الشخصي في الوقت الذي يَجدر بنا أن نسجد أمام الآلام  الاخرين الذين أهُرقت دماءهم بينما كنا نبعثر حبرنا…

ما الذي يمكن ان تقدمه الكلمة في أزمنة الدم؟!..

لا شيء.. لم تغير شيء…لم تلجم طلقة… لم تحمي أعزل… لم تطعم جائع… لم تقنع مهاجر بالبقاء… لمن نكتب إذاً ؟!.. تساؤل مترف و وثير في أيام الجوع و البرد و العتمة… ربما نكتب لنرضي شهوتنا للكتابة.. و ربما لنفتح جرحاً جديداً في أغوار الروح المتعبة…

أو لنضع توقيعنا على ذاكرة ما جرى و يجري… إحباط ما بعده إحباط… عندما نشعر أن أزقة المدينة لا ينداح بريقٌ ما منها… و لا أذن  تصغي لنا…. ولا عين  تقرأنا…  و لا مشاعر  تتحرك وسط رمال متحركة تحيط بنا….   فنكتشف  انه لا يوجد ثمة ضوء في آخر النفق ؟؟؟ فالاحتراق البطيء دائماً ممتع أكثر… لأنه يكون على إيقاع الانتظار… وسط كل هذا الخراب المنظم… تتأنق الكلمات.. تتأنق الصفحات.. تتأنق الدموع… يتأنق الانتظار… و نتأنق نحن أناقة تليق بترف خيبتنا..

نحتفي بقهوتنا و سجائرنا… و اوراقنا و اقلامنا… و نختار الموسيقى التي نعشق لتكتمل لوحة البذخ اللغوي القادم من وجع الناس و نرش الملح على جروحهم النازفة… ثم…. مزيداً من الاناقة… مزيداً من الكلمات… مزيداً من الدموع.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...