أمريكا وروسيا نحو لعبة كسر العظم أم نحو مساومات كبرى!؟

Share Button

منذ بداية الثورة السورية كانت روسيا وأمريكا حاضرة لإدارتها ” كلٌ تسعى لتحقيق مصالحها من خلال تشغيل أجنداتها من المعارضة والنظام وكذلك الدول الإقليمية “.
حيث أن التعقيدات التي واكبت الثورة السورية ودخول ” أيادٍ غير نظيفة ” إلى جانب الحراك الثوري من جهة, ومزاحمة الأجندات الإقليمية والدولية للمشاركة في لعبة إدارة ” الثورة ” وتحويلها إلى صراعات مختلفة ( طائفية, عرقية, سياسية, وفوضوية بإمعان ) من خلال العمل على إباحة المساحة السورية لكل أعمال عنف بلا قيود, حولت ” الثورة من أجل التغيير ” إلى ” صراع إقليمي ودولي على سوريا “. وبالتالي, كان التدخل الدولي خارج إطارقرار مجلس الأمن ( الذي تكبل بفيتو روسي عجز أن يلعب أي دور يخدم الشعب السوري وحقه في الحرية والكرامة ) و لطالما أن النظام استدعى كل من روسيا وإيران وكذلك حزب الله اللبناني للوقوف إلى جانبه والدفاع عنه وعن إبقائه دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً دفع بالمعارضة إلى قبول أي قوة تحمل السلاح في وجه النظام, واستباحت لنفسها قبول الدعم الدولي والإقليمي مقابل الدعم الروسي والإيراني والصيني والكوري الشمالي للنظام بكل الوسائل الممكنة. وهكذا أضحت المساحة السورية لتكون ملعباً للصراع الدولي والإقليمي يتجاوز في إستراتيجيته وأهدافه إستراتيجية الشعب السوري وأهدافه في الحصول على حريته وكراماته مقابل كل التضحيات التي قدمها تتجاوز الأرقام وكل الحسابات…
في تلك الأجواء الساخنة والفوضوية الدموية, لعبت كل من روسيا وأمريكا دوراً مدمراً لسوريا لطالما رأت لنفسها فرصة لتحقيق المصالح. ولم تنفرد الطرفان في إدارة الأزمة والتدخل المباشر, حيث إعتمد الطرفين على أجندات إقليمية من المنظمات والدول لتسخيرهم على الأرض ودفع المشهد نحو حالة تُسَهِّل لهما تمرير سياساتهما. كان ظهور ” دولة الإسلام في العراق والشام ” وسيطرتها على مساحات واسعة ومدن متعددة في سوريا والعراق مبرراً للتدخل المباشر عسكرياً من قبل موسكو وواشنطن تحت شعار ” محاربة الإرهاب ” وعلى رأسه ” داعش ” التي احتلت العنوان العريض للإرهاب في المنطقة!!؟.
مؤخراً, أعلنت كل من روسيا والعراق وإيران عن نهاية ” داعش ” وبالتالي, فإن عملية الحرب ضد الإرهاب أوشكت على نهاياتها, أو قد انتهت مع التأكيد على القضاء على ” داعش ” بشكله النهائي, بينما أمريكا تؤكد على أن الحرب ضد الإرهاب لم تنتهي حتى وإن تم القضاء على ” داعش ” وتحرير المدن من سيطرتها, إلا أنها تمتلك خلايا نائمة في الكثير من المناطق في كل من سوريا والعراق تمكنها من العودة من جديد قد تهدد مستقبل وأمن المنطقة.
ومع إعلان روسيا على لسان ( فلاديمير بوتين ) الرئيس الروسي عن الإنسحاب الحزئي من سوريا لطالما أن قواتها قد أدت واجبها في الحرب ضد “داعش” وعليها العودة إلى روسيا لطالما الحالة لم تستدعي إلى إبقاء كل تلك القوات.. بينما أمريكا أعلنت على أن قواتها ستبقى في سوريا إلى حين إستتباب الأمن ووصول الأطراف السورية إلى حل سياسي من جهة وخروج كل القوى الغير سورية من سوريا بما فيهم إيران وأذرعها من الميليشيات المسلحة, وهي في الوقت نفسه تشكك في إعلان بوتين عن سحب جزء من قواته من سوريا.
يبدو أن الصراع بين روسيا وأمريكا وصل إلى حدود ( لعبة شد الحبل ) لطالما أن الحرب على الإرهاب أوشكت على نهاياتها, وأن المفاوضات في جنيف بين المعارضة والنظام لم تجلب السلام ولا تغيير النظام, بل العكس, أن النظام اليوم أكثر قوة, والمعارضة بجناحيها السياسي والمسلح أكثر ضعفاً, مما يوحي أن النظام لم يبقى مهتماً بالمفاوضات أصلاً لطالما آفاق النصر العسكري أقرب بالنسبة إليه ولن يتراجع عنه.. وفي هذا الخيار يبدو أن روسيا وإيران توافقه وتعملان معاً لإجهاض العمل الأممي في جنيف وطرح بديل عنه مؤتمر سوتشي قد يكون نهاية المعارضة ووضعها تحت أمر واقع لتقبل شروط النظام في تشكيل حكومة وطنية واسعة تشارك جزء من المعارضة مع النظام وبقيادة بشار الأسد؟
أعتقد أن روسيا أصبحت متسرعة في إجراءاتها العسكرية والسياسية لطالما أنها استحوذت على موافقة الطرفين الرئيسيين الإقليميين ( إيران وتركيا ) على مشروعها الغير معلنة, إلا أن سيرها بخطوات متسلسلة ومنتظمة تشير إلى عنوان قد تنهار في لحظة ما. حيث أن تركيا باتت تتضايق من بقاء إيران في سوريا أولاً, وأمريكا تحاول شد تركيا من جديد إلى جانبها للوقوف مع السعودية في وجه المد الإيراني, حيث أن تركيا لم تنسى تهديدات إيران لها في وقت سابق ( بالطائفة العلوية والحزب العمال الكردستاني ) وهي قد تستعمل في مرحلة لاحقة بعد السيطرة الكاملة على سوريا.
وبالتالي, أن الصراع على سوريا هو صراع تحقيق المصالح أولاً, ولا يمكن أن تتوافق التناقضات على أرضية أو قاعدة واحدة. فإما إنسحاب أمريكا من المنطقة كلياً وتترك المنطقة تحت النفوذ الإيراني والروسي ” واللتان في نهاية المطاف ستصلان إلى حالة جرد الحساب, وعندها تكون أزمة أكبر وأكثر تعقيداً على الحدود الإسرائيلية ” وإما وصول أمريكا وروسيا إلى توافق على قاعدة المساومة ” والتضحية بجزء خير من خسارة الكل ” وهذه هي منطق السياسة في تحقيق المصالح لايستعملها إلا الدول الكبرى مثل أمريكا وروسيا. وأي خطأ في سوريا من كلا الجانبين سيكون مكلفاً وباهظة في الثمن.
فهل ننتظر من أمريكا وروسيا لعبة كسر العظم أم توافقاً على تحقيق المصالح فوق أطماع الدول الإقليمية التي ستنهار عند المساومات الكبرى كما كانت في إتفاقية (سايكس بيكو) قبل مائة عام؟

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...