كثيراً ما أكدت على دور إيران في إشاعة الفوضى وعدم الإستقرار في المنطقة. من بداية تدخلاتها في الشأن اللبناني منذ الثمانينيات من القرن الماضي من خلال تشكيل حزب شيعي مسلح وسمي بـ( حزب الله ) على غرار حزب الله الإيراني وعلى عين النهج والإيديولوجية.. وكذلك تمتين العلاقة مع النظام في دمشق من إنطلاقٍ طائفي, وبقيت عينها على العراق لطالما فيها النسبة الغالبية من سكانها من الطائفة الشيعية. لذلك عندما قررت أمريكا إسقاط نظام صدام حسين كان موقف النظام في طهران مؤيداً, مع أنها كانت على عداوة مع أمريكا, حيث مارست مقولة ( عدو عدوي صديقي ), يقيناً منها على أنها سوف تسيطر على العراق بعد إسقاط نظام البعث السني في العراق بطرق شتى. وهذا ما حصل, عندما بدأت تعمل على إشاعة الفوضى وإشعال حروب أهلية في العراق من خلال إرسال المجاهدين إلى العراق لمحاربة التواجد الأمريكي من جهة وضرب المكونات ببعضها البعض.
وبما أن إيران ومن خلال إستعمال نفوذها المذهبي على الشيعة في البلدان الإسلامية استطاعت تشكيل منظمات وأحزاب وخلايا في أماكن التواجد الشيعي في المنطقة وخاصة حول المناطق الإستراتيجية ( كشط العرب ومضيق هرمز وكذالك مضيق باب المندب من جهة اليمن والصومال ) لإستعمالها كورقة ضغط في العمل الدبلوماسي والعسكري تجاه معارضيها من الدول.. وكلنا يعرف مدى أهمية المضيقين بالنسبة للحركة التجارية العالمية وعملية نقل الطاقة من مناطق الإنتاج إلى مناطق الإستهلاك في العالم.
إيران لعبت دوراً قذراً في إبتزاز المنطقة ومدى تدخلاتها السافرة في شؤون المنطقة, وكذلك تنصيب نفسها على أنها حامية لمحور المقاومة في مواجهة إسرائيل والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. واستندت على القوى الإرهابية في إستعمالها تجاه كل الأنظمة التي تقف عائقاً أمام إمتداداتها نحو الخليج وبلاد الشام وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط من جهة سوريا ولبنان. وأن مشروعها التي عملت من أجل إنجاحه قد وصلت إلى مراحله النهائية لو بقي النظام في دمشق متماسكاً بعد القضاء على المعارضة السورية, وكذلك قد أوشكت للسيطرة الكاملة على العراق, وحيث أن لبنان رهينة في يد حزب الله, وأن الحوثيين يبدو على أنهم ليسوا في عداد الهزيمة, وقد يصرون على تقسيم اليمن إلى يمنين في آخر المطاف.. كل ذلك يشكل خطراً حقيقياً على كل الأنظمة في المنطقة, عدا عن أن بقاء النظام الملالي في طهران وطريقة تدخلاته بهذه الخطورة في شأن المنطقة, فهو يملك العشرات من المنظمات الإرهابية المنتشرة في المنطقة يوظفها ويستخدمها في حروب خاصة وتحت الظلام .
لذلك, وعدا عن أن النظام في إيران يمتلك ترسانة لايستهان بها من الأسلحة, فإن إشعال حرب عليها من خارج حدود إيران لايمكن أن ترى نجاحاً. تبقى الطريقة الوحيدة للتعامل مع الواقع الإيراني هي دعم القوى الديمقراطية والمعارضة للنظام الإيراني ومن الداخل لطالما أن الظروف قد نضجت مع الفقر والحرمان الذان وصل إيهما الشعب الإيراني, وكذلك نسبة البطالة التي أصبحت تهدد البنية الإجتماعية للشعب, بينما الفئة الحاكمة تعيش في بزخها ومليارات الدولارات تذهب إلى حروب إيرانية في خارج حدودها.
أعتقد أن التظاهرات الحالية التي تتوسع يوماً بعد يوم في إيران تحتاج إلى من يساندها للإستمرارية في هذه الظروف الدقيقة والمعقدة, حيث أن المنطقة بأكملها تعاني من عدم الإستقرار وبفعل إيراني, وبالتالي, على كل من يتضرر من السياسة الإيرانية في المنطقة عليه أن يعتبر إنتفاضة الشعب الإيراني هي بمثابة ثورة من أجل الحرية والسلام في المنطقة لطالما أن الحرية والسلام تحتم على إنهيار النظام في طهران لتلي بعدها كل الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة.
لاتتركو شعوب إيران وحيدة بين مخالب الطغمة الحاكمة والمجرمة في إيران كما تركتم شعب سوريا ليكون ضحية للإستبداد والإرهاب.