عقب الحوادث التي شهدتها محافظة درعا في مارس 2011, والتي جاءت متزامنة لوقائع كانت قد بدأت في عدد من البلدان العربية التي اصطلحت تسميتها بالربيع العربي, نتيجة الاخفاق الذريع الذي كان سمة بارزة للأنظمة السياسة الحاكمة في تعاملها مع الاحتجاجات الشعبية ومطالبها المشروعة.
وكان للنظام السوري الحصة الأكبر في الفشل, فافتقر الحكمة في تعاطيه المشكلة, مما أدى إلى توسع رقعة الاحتجاجات لتصل إلى عموم المناطق السورية .
وفيما يخص الوضع الكردي في سوريا توجب على أحزاب الحركة السياسية الكردية في سورية خلال تلك المرحلة أن توحد صفوفها وتبني أطاراً كردياً كضرورة وطنية وقومية, ومن ثم الخروج بخطاب سياسي موحد.
ونتيجة لذلك تم تأسيس المجلس الوطني الكردي في أكتوبر 2011, الذي ضم مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية والمنظمات المدنية, وقد أعطى تأسيسه زخماً سياسياً وشعبياً, حيث التلفت حوله الجماهير وكذلك الفعاليات والتنسيقيات الشبابية, ليكون ممثلاً لشريحة كبيرة من الشعب الكردي في سوريا .
ونظراً لافتقاد المجلس الكردي لخطة أو مشروع عمل معين في أقل تقدير, لم يعدم المجلس نصيبه من الفشل, إذ سرعان ما بدأت المشاكل تطفو على السطح, وكان من نتيجة ذلك انتكاسة نفسية مُنيَّ بها عموم الشعب الكردي السوري, حيث كان المجلس مشلولاً معطلاً في كافة المجالات السياسية والخدمية والصحية .
لقد كان لبعض الأطراف داخل المجلس نفسه الدور الكبير في تعطيل العمل المشترك ووضع العراقيل أمام كل السبل لهذا العمل, حيث أن تفضيل المصلحة الحزبية جعل طرف معين يرتبط بمحور إقليمي – كردستاني – بغية الهيمنة على القرارات, الأمر الذي أفقد المجلس قراره الوطني المستقل.
كما أن ابتعاد المجلس عن عقلية المؤسسات كان من أهم أسباب تعطيل عمله, ناهيك عن ردات الفعل بين أحزاب المجلس, وتضييق البعض على الآخر.
ومع اقتراب انعقاد المؤتمر الثالث للمجلس الوطني الكردي في ظل هذه الظروف التي يواجهها, كان يحكمنا الأمل بأن يقوم المجلس بتجديد آليات العمل وباتخاذ معايير تمثيل واقعية, لتشكل حافزاً لإمساكه بزمام المبادرة واستعادة ثقة الجماهير, ومن ثم الارتقاء إلى مستوى التحدي المصيري, وذلك بالابتعاد عن الخلافات الحزبية وتجنيب المجلس الوطني الكردي الدخول في سياسة المحاور, واستعادة شخصيتها الكردية السورية .
ولعلها كانت الفرصة الأخيرة لترتيب البيت الداخلي للمجلس الوطني الكردي.
ولكن القرار الأخير للأمانة العامة والذي يقضي بتمثيل مستقلي المجلس السابقين كأعضاء في المؤتمر واشتراك الحزب الديمقراطي الكردستاني -سوريا في انتخابات المجالس المحلية بأربعة ممثلين, كان بمثابة الطلقة الأخيرة في أملنا.
علماً أن هذا القرار قد تحفظ عليه كل من الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا وحزب يكيتي الكردي في سوريا.
ونحن على يقين تام بأنه إذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال, فالمجلس برمته مهدد بالزوال, لذا عليه أن يقوم بدوره المطلوب منه بعيداً عن المصالح الحزبية, وبترسيخ أسس العمل المشترك بين أطرافه لمواجهة التحديات الراهنة.
ليبقى السؤال الذي يردده الكل:
تُرى من الذي يتحمل المسؤولية في الحال الذي آل إليه المجلس؟
ليكون الجواب :الكل.