المحادثات الجارية في( جنيف 4 )كسابقاتها,حيث لا يمكن تحقيق اي تقدم ,و كحصيلة لكل جولة هناك خسائر في حسابات المعارضة .
في (جنيف 2) كانت سيطرة المعارضة المسلحةعلى أكثر من 60 % من الأراضي السورية ,وكان الائتلاف المعتمد الوحيد في تمثيل المعارضة في سوريا من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي, وفِي (جنيف 3 )تراجعت سيطرة قوى المعارضة المسلحة الى أقل من 50% ,وتمت دعوة أطراف متعددة من المعارضة وممثلو المرأة ومنظمات المجتمع المدني وعدد من الشخصيات, لكن الهيئة العليا للمفاوضات هي التي مثلت الطرف المقابل لوفد النظام , وفِي (جنيف 4 )باتت سيطرة القوى المحسوبة على المعارضة المسلحة المعتدلة أقل من 30%من تلك الاراضي ,وتم اشراك منصات أخرى إلى جانب وفد الهيئة العليا في الجلسة المباشرة مقابل النظام إضافة إلى دعوات لمنظمات المجتمع المدني وفعاليات اجتماعية سورية متعددة حضرت اللقاء المشترك, ولا ننسى ارتفاع وتيرة العمليات القتالية بشراسة أكبر بعد كل مؤتمر .
تؤكد مجريات التحضير للمؤتمرالحالي في (23) شباط الجاري,وخلال المفاوضات ذاتها أن الجهد الدولي يقتصر على إجبار الفرقاء للجلوس معاً, والتخلي عنهم دون تحضير لجدول عمل متفق عليه ,يبدو ذلك من التناقض في تفسير الأطراف لما يقدمه المبعوث الأممي من رسائل تُقرأ بشكل مختلف من طرف لآخر,وهذا ما يدفعنا إلى القول إن ما يحصل هو استهلاك للوقت ليس إلا ,وتنصل المجتمع الدولي عن مسؤلياته تجاه السوريين ومحنتهم المستمرة ,وتحميل ما يحصل على السوريين سواء المعارضة منها أو النظام, وهم ذاتهم يتحملون مسؤولية استمرار الأزمة كونهم غير مقتنعين بالحل السياسي لهذه الأزمة وغير جاهزين لها, ويتجلى ذلك في حضورهما المؤتمر وكل يتشبث بما يرفضه الآخر تماما .
يبدو أن أطراف الأزمة السورية لازالوا بعيدين كل البعد عن الإرادة والقناعة للتوصل الى تفاهم يفضي الى حل واقعي يحتاج الى تقديم تنازلات مؤلمة وخطيرة وفق وجهة نظر كل منهما , وهذا ما يدركه جيدا إيضاً المجتمع الدولي, إذاً لا يمكن التوصل إلى حل دون حصول ذلك مهما كانت التضحيات التي يدفع ثمنها السوريون من دمهم ومستقبل بلدهم لسنين ,والمسؤولية تقع على عاتق النظام والمعارضة والدول الاقليمية المتدخلة في الصراع على الأرض عسكريا وسياسيا وماليا وينسحب ذلك على المجتمع الدولي خاصة روسيا وأمريكا ,فلا بد من ممارسة ضغط حقيقي على القوى الإقليمية التي تؤثر بصورة مباشرة على أطراف الصراع داخليا ً للوصول إلى وقف لإطلاق النار, ومن ثم إجراء محادثات مباشرة دون شروط مسبقة وبرعاية وضمانة دولية ,وعلى أسس تخدم مصلحة الشعب السوري ومستقبل أجياله التي ربما تتعارض في جوانب كثيرة مع رؤية كل منهما للحل .
السؤال الذي يخطر ببال كل كردي سوري الآن,و من خلال هذه القراءة هو أين موقع الكرد ودورهم وحقوقهم في ما يحصل حاليا ؟؟؟. لا شك أن الكرد معنيون كغيرهم من السوريين بوقف الحرب الدائرة في البلاد ,ودحر الإرهاب المستشري على مساحات شاسعة من سوريا ,وخاصة في المناطق المجاورة لمناطقهم ,وكذلك التوصل إلى حل سياسي ,والذي كان الكرد وبمختلف قواهم السياسية من الداعين والمتمسكين به باستمرار كونه الخيار الأسلم لتجاوز هذه المحنة ,والحل الذي يفضي إلى بناء نظام ديمقراطي تعددي برلماني اتحادي يحافظ على وحدة سوريا ,والضامن لحقوق جميع مكوناتها القومية والدينية والثقافية ,والكرد السوريون لم يكونوا استثناءً في القدرة على النأي بالنفس عن تأثير التدخلات الاقليمية و الدولية في سوريا ,وأصابهم كغيرهم حالة الفرقة والتشظي بالتوازي مع المحاور المهيمنة على القرار السوري,ولكنهم كانوا أكثر عرضة للإقصاء والإهمال في المحافل الدولية والإقليمية المعنية بالبحث عن حلول للأزمة القائمة .و اللاعب الإقليمي كان سببا في خلق حالة التمزق الداخلي الكردي ,الذي -اي الجانب الكردي – وفر بدوره المناخ المناسب في تكريس الفرقة ,ومن هنا اقتصر الوجود الكردي في تلك المحافل على طرف ,واقتصر هذا الحضور أيضاًعلى الشكل ومن دون مضمون والذي كان باهتا في( جنيف 3-4 ), من هنا لا بد من تدارك ما يحصل من خلال مراجعة نقدية جدية من قبل جميع أطراف الحركة الكردية والكردستانية أيضا التي تتحمل بدورها وزر الحالة الكردية في سوريا, والتفكير جدياً بالدعوة لمؤتمر وطني كردي يضم جميع القوى والفعاليات الكردية بهدف تشكيل كتلة كردية مستقلة في ظل التقسيم الحاصل لقوى المعارضة, وعلى رؤية وطنية واضحة نحو حل سياسي ينهي الأزمة القائمة ,وبناء نظام ديمقراطي اتحادي علماني يضمن حقوق جميع المكونات بمن فيهم الشعب الكردي ,وتسعى إلى عقد مؤتمر وطني سوري عام لجميع قوى المعارضة ووفق أجندات وطنية سورية ,يبقى الخيار الأمثل للكرد للقيام بدورهم الوطني والقومي في سوريا .
نقلا عن صحيفة “Buyerpress” ، العدد (60)
بتاريخ 1/3/2017