قادت الولايات المتحدة الامريكية ثلاث حروب ضد القاعدة بعد أحداث الحادي العاشر من سبتمبر أيلول 2001 في أفغانستان والعراق. الحربان الأوليان كانا قد فرضا فرضاً على الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الحرب الثالثة كانت حرباً مرغوباً فيها بشجاعة من قبل الرئيس السابق جورج دبليو بوش. الذي رغب في هذه الحرب لإعتبارات ايدولوجيةـ سياسية وعلى الأغلب حتى لأسباب شخصية .
فلو أن بوش ، جيني ، رامسفلد وأتباعهم من الأشخاص المحافظين الجدد قد نطقوا بالحقيقة والتي هي بأنهم ينوون استغلال الضربات الأرهابية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر من أجل اسقاط صدام حسين عن طريق الحرب، وبالتالي إيجاد شرق أوسط جديد موالي للغرب، فأنهم بذلك الحقيقة لما كانوا سيتحوذن بدعم الكونفرانس الأمريكي والرأي العام في الولايات المتحدة.
ذلك لأن هذه الخطة كانت غير عالية المهنية ومغامرة متهورة. لذلك كان من الواجب التكلم عن مخاطر التهديد، والتي تمثلت باسلحة الدمار الشامل في العراق! الأدعاءات تأسست على الكذب وحتى على تذوير الحقائق بشكل كبير: توريد اليورانيوم الطبيعي “YelleWcake” من النيجر! وأكتشاف أنابيب الألمنيوم من أجل استخدامها في صناعة الأسلحة النووية العراقية! ولقاءات قادة القاعدة مع مسؤولي الحكومة العراقية في براغ!
مثل هذه الأسباب كانت وراء الحرب في العراق والتي كلفت حياة 5000 جندي أمريكي وأكثر من 100000 عراقي. ومافوق هذه الأعداد من الجرحى والمشوهين والملايين من المهاجرين وأخيراً تدمير أعرق وأقدم المجتمعات المسيحية في العالم. ويعتقد بأن الولايات المتحدة وحدها قد أنفقت ما بين واحد إلى ثلاثة بليون دولار أمريكي في هذه الحرب. الرئيس بوش قد غير الشرق الأوسط بشكل كلي بحربه ضد صدام حسين، ولكن بالتأكيد بشكل آخر مما كان يتواخاه: حيث أصبح العراق من خلال الولايات المتحدة بشكل ناجح عديم الأستقرار، وبعد عشر سنوات من هذه الحرب مازال الأمر سؤالاً مفتوحاً فيما إذاكان بالإمكان المحافظة على وحدة البلاد.
بعد نهاية صدام والحرب الأهلية المروعة استحوذت الأغلبية الشيعية على السلطة في بغداد وجنوب البلاد.
الكرد في الشمال استغلوا بشكل ذكي ومتقن النافذة التي فتحت لهم في اتجاه استقلال حقيقي وواقع، ليس أكثر ولا أقل. وفي المستقبل سيستغلون كل نافذة تفتح لهم. ولكن السؤال المركزي هنا حقاً هو التالي: لمن تتبع مدينة كركوك، هذا السؤال لم يتم حتى الأن الجواب عليه وسيبقى على الأقل أمراً ملغماً. السنة يفكرون بفرصة سانحة قادمة من أجل تعويض ما فقدوه من بعد ما كانوا سادة. حيث ان كل الجماعات تكافح من أجل أكبر حصة ممكنة في احتياطي البلاد الهائل من النفط والغاز.
خلصت فايناننشل تايمز بعد عشر سنوات من حرب العراق إلى النتيجة التالية: كسبت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب وايران السلام وتركيا الصفقات الأقتصادية. في هذا الأمر ليس لي إلا أن أوافق على ذلك.
“يرتبط الزحف الأمريكي بشكل لايمكن معالجته مع الربيع العربي ”
سياسياً تعتبر إيران الرابح الأكبر من حرب بوش. فالعدو المميت رقم 1 صدام حسين، بالنسبة لإيران قد كسح من خلال الولايات المتحدة (العدو رقم 2)! وبذلك فأن الولايات المتحدة قد قدمت لإيران على طبق من الفضة الفرصة الذهبية لأن توسع ايران نفوذها عبر حدودها الغربية السارية منذ عام 1746 بشكل عميق داخل العراق. حرب بوش التي كانت بدون مخطط وهدف في العراق اسفرت اذاً بشكل عملي في تحسين قدرات ايران الأستراتيجية، التي لولاها لما استطاعت ايران بالكاد من الوصول إليها عن طريق قدراتها الذاتية. من خلال ذلك أصبحت ايران في الموقع الذي يؤهلها أن تكون ذات النفوذ الأعظم في منطقة الخليج الفارسي، وبالضبط هذا الحلم بالبلوغ تخدم برامجها النووية.
بهذا يمكننا ان نحصر الأطراف الأقليمية الخاسرة: بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج الاخرى. فهم يروون في الأقليات الشيعية في بلادها كالطابور الخامس لايران وبذلك يمكن ان تكون هذه الدول مهددة في وجودها. فبعد ان استولت الغالبية الشيعية في العراق على السلطة اصبح الامر بالنسبة لإيران فقط مسألة وقت وبروز الفرصة السانحة، التي تفرض ايران نفوذها من خلال الشيعة المحليين. وبالضبط هذا الأمر سيسري على الخلافات في البحرين بالإستناد على الأسباب المحلية حول عدم رضى الأغلبية الشيعية.
وبهذا نتوصل بحسب جوانب الكذب والتوقعات والأخلاق والمسؤولية الشخصية عن الأخطاء السياسية الفاصلة للحرب الأمريكية في العراق إلى أن: بوش قد بدأ بالحرب إعتماداً على اسباب مخطط لها مسبقاً وعلاوة على ذلك فانه لم يكن يملك لذلك خطة أو القوة الضرورية، من أجل تطبيق “Americana axP” ( السلام الامريكي، م الترجم) الجديد في الشرق الأوسط: النفوذ الأمريكي كان كافياً للأخلال بالنظام الموجود ولكن ليس لأجل خلق نظام جديد. التفكير المرغوب فيه للمحافظين الجدد في واشنطن استحف بدون مقاييس بحجم الواجب، على عكس الثوريين في ايران، الذين رغبوا في ان تزرعها امريكا ليحصدوها هم.
حرب العراق طبعت بطابعها السقوط النسبي للولايات المتحدة منذ اندلاعها. بوش اسرع بذلك بدون الحاجة الى احد الجوانب القوية للسلطة العسكرية الأمريكية في بلدين يعصف بهما امور ايديولوجية حيث ظهرت في المنطقة بعد عشر سنوات وبدون او مع وجود الولايات المتحدة بأنه ليس هناك اي بديل مظور في المستقبل.
الربيع العربي منذ كانون الأول 2010 ليس لها اي علاقة موضوعية مع الحرب في العراق ولكن بالتأكيد ترتبطان مع بعضهما من حيث النتائج المعرفة عنهما بجيث لا يمكن معالجتها بطريقة صحية كاملة.
فمنذ حرب العراق حلت محل العداوة بين القاعدة والجماعات السلفية والقوميين العرب السنة التعاون أوان الثانية ذابت لصالح الاولى. وهذا أيضاً أحدى نتائج عبقرية المحافظين الأمريكين الجدد!
وعدم الاستقرار الأقليمي هذه الناتجة عن الربيع العربي ترتبط بشكل كبير مع العراق وذلك من خلال سوريا وايران. فالخطر الحالي الكبير يتمثل في الحرب الاهلية في سوريا والتي تستخطي مخاطرها الى العراق وكذلك الى لبنان والاردن.
مننذ وقت طويل لم يعد المعارضين السوريين القوة الفعالة بل ايران من ناحية والمملكة السعودية وقطر وتركيا من ناحية اخرى.
فحالياً يدور الصراع في سوريا حول النفوذ الاقليمي وهذا ما يجعل الوضع خطيراً جداً. فخطر تحول الشرق الاوسط الى بلقان القرن الحادي والعشرين واقعي والكثير من هذه الحرب قد بدأ منذ عشر سنوات.
*يوشكا فيشر 64 سنة، كان وزير الخارجية الألمانية بين اعوام 1998ـ2005 ونائبا للمستشار الألماني وكذلك يعتبر من السياسيين البارزين في حزب الخضر لمدة عشرين سنة.
جريدة زوددوتشه تسايتونغ الألمانية
ترجمة: زيا براهيم