يمر علينا اليوم الذكرة ال56 لحريق سينما عامودا 1960, والذي يصادف الثالث عشر من تشرين الثاني من كل عام, حيث الحريق الكبير الذي التهم قاعة السينما والتي كانت بداخلها عدد كبير من اطفال عامودا المدعويين لحضور فلم بعنوان : “جريمة في منتصف الليل” . وبحسب شهادات اهالي عامودا وبعض الناجين من الفاجعة فانه تم تخصيص يوم كامل للعرض دعما للثورة الجزائرية>
وكان قد تم دعوة طلاب المدارس لحضور الفلم من مدرستي الغزالي والمتنبي آنذاك كجزء من واجباتهم تجاه الشعب والثورة الجزائرية, وبحسب الشهادات فأن عدد الحضور كان يقارب ال500 طالب بالرغم من صغر حجم قاعة العرض والتي كانت تتسع ل200 شخص. وما ان بدأ العرض بحدود الساعة 5-6 مساءً ولم تمضي لحظات حتى اندلعت النيران في محرك العرض للسينما والذي كانت حرارته مرتفعة اصلاً نتيجة للعمل الطويل على مدار اليوم بغية حضور اكبر عدد من المشاهدين, وكانت دقائق قليلة كفيلة بأن تلتهم النيران كامل القاعة بما فيها من الاطفال الذين يتراوح اعمارهم بين السادسة والخامسة عشرة, ونتيجةً للهلع والخوف والتدافع بين الاطفال المزعورين أدى ذلك إلى وقوع البعض منهم وإغلاق الباب أمامهم مما ذاد في عدد الضحايا, ومن بين الاسباب الاخرى لزيادة عدد الضحايا بالاضافة الى السبب الرئيسي وهو ارتفاع حرارة محرك السينما والحضور الكبير للاطفال فان الروايات تشير الى ان مبنى السينما كان من الطين وسقفها من الخشب وباب السينما كان عالياً من الداخل لان مكان السينما كان منخفضاً فكان للجو الخانق بالدخان ووقوع السقف الخشبي والكتل النارية تأثيراُ كبيرا في زيادة عدد الضحايا, وكان مجموعة من الاطفال قد لجأوا الى الدكان الملحق بالسينما حيث تم انقاذهم من قبل الاهالي بعد ان فتحوا فتحة في سقفها.
وبرز من بين الاهالي الذين هبوا مفجوعين ومزعورين لنجدة ابنائهم الذين غطت رائحة اجسادهم الغضة المتفحمة مدينة عامودا اسم السيد (محمد سعيد آغا) من عشيرة “الدقوري” والذي استطاع برجولة وشهامة انقاذ عدد من ابناء المدينة قبل ان يقع هو الاخر شهيداً بعد ان التهمت النيران جسده هو الاخر. بلغ عدد الاطفال الضحايا اكثر من 200 طفل وعدد كبير من الذين اصيبت اجسادهم بتشوهات كبيرة دون ان يكون هناك احصاء دقيق لاعدادهم, وكان الضحايا من جميع مكونات مدينة عامودا إلا ان الغالبية العظمى كانوا من الكرد حيث لم يخلى بيت من شهيد او ضرير.
ورغم مطالبات اهالي عامودا المتكررة من السلطات السورية بفتح تحقيق عادل في ملابسات الحادث الذي يلفه الغموض إلا انها لم تقم بذلك الى الان, وهي بذلك تتحمل مسؤولية هذه المأساة التي راحت ضحيتها جيل كامل من الطلبة من أبناء المدينة. وبمناسبة الذكرى السادسة والخمسون على فاجعة سينما عامودا ستبقى هذه المأساة حية في قلوب كل أبنائها وفي قلب كل كردي.