هشام ملحم : خدعة الانتخابات

Share Button

انه موسم الانتخابات في العالم العربي. لكنه ليس موسم الخيار الحر، وقطعاً ليس موسم الديموقراطية. ربما من السابق لأوانه اصدار احكام نهائية على ما آلت اليه الدول العربية التي اجتاحتها النهارعاصفة الانتفاضات، لكن هذه الدول في ما عدا تونس، تعيش حتى الآن في اضطرابات سياسية وتعاني ازمات اقتصادية، تجعل بعضها تبدو كأنها دول فاشلة مثل اليمن وليبيا. اما مصر، فانها ستعود الى حكمها العسكري القوي (المتقاعد) ولكن بمباركة انتخابية.

حمى الانتخابات والسعي النافر لبعض الزعماء العرب الى ان يلفوا أنفسهم بعباءة “الشرعية” الانتخابية، وصلت حتى الى بشار الاسد، الذي “انتخب” مرتين بأكثرية ساحقة، والذي سيرشح نفسه لولاية ثالثة على انقاض الاطلال التي خلفها، ولكن بعد تعديل الدستور السوري وفتحه لمرشحين آخرين، في وقاحة معهودة.   ثمة مفهوم بدائي للديموقراطية يروّجه الرجال الاقوياء والاوتوقراطيون، هو ان الانتخابات تضفي شرعية على السياسي المنتخب، وهي مؤشر لوجود ولو حد ادنى من الديموقراطية. بعد انهيار الامبراطورية السوفياتية، أجريت انتخابات في الجمهوريات الجديدة، وفي ما عدا دول بحر البلطيق، أعادت الى السلطة عناصر من النظام البائد، بعدما غيروا شعاراتهم. ابناء النظام القديم يتقنون فن التنظيم السياسي والتعبئة الشعبية ولديهم الموارد والخبرة للفوز في الانتخابات.

الاصلاحيون كانوا يفتقرون الى الخبرة التنظيمية، أو المال أو كانوا مفككين، وتالياً همشوا أنفسهم أو تم تهميشهم. الدول التي تفتقر الى مجتمعات مدنية حيوية، والى ليبراليين ديموقراطيين لا يمكن ان تنتخب بفاعلية. في مصر عدد كبير من الاصلاحيين العلمانيين لم يكونوا ديموقراطيين ليبراليين. حركة “تمرد” لأنها غير ليبرالية ايدت الانقلاب وقمع “الاخوان”.   الانتخابات ليست مرادفاً للديموقراطية، هي جزء من النظام الديموقراطي المبني على فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية، ودستور يكفل الحريات الاساسية من سياسية ومدنية، وسيطرة المدنيين على القوات المسلحة ونظام قضائي مستقل.   المتسلطون العرب يجددون تسلطهم او يعطونه الشرعية من خلال الانتخابات، التي تحسم قبل الادلاء بالاصوات. الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الموجود في السلطة منذ 15 سنة، جدد لنفسه بنسبة 82 في المئة، ضد منافس لا حظ له في الفوز. المشهد ذاته سوف يتكرر في مصر حيث ستصادق اكثرية المصريين على انقلاب عبد الفتاح السيسي رسمياً وتنصيبه رئيساً بنسبة غير فاضحة ضد منافس لا حظ له في الفوز. انتخابات سوريا، اذا حصلت، سوف تكرس بقاء “القائد” المسؤول عن تدمير البلاد اذ ستصوت له قاعدته الضيقة، وليس الملايين الذين هجّرهم. ربما كانت الانتخابات النيابية في العراق غير محسومة بشكل قاطع، لكن رئيس الوزراء نوري المالكي استخدم “شرعيته” الانتخابية لتعزيز حكمه الاوتوقراطي، وسيواصل ذلك اذا بقي في السلطة.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بطاقة شكر وتقدير

بطاقة شكر وتقدير تتقدم اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا بجزيل الشكر والتقدير ...