أشار الكاتب الأميركي توماس فريدمان إلى الحرب التي تعصف بسوريا، وتساءل عمّا إذا كان يتوجب على الولايات المتحدة التدخل لوقف حمام الدم المتدفق في البلاد، وحذر من الخشية من تحول سوريا إلى أفغانستان أخرى، مشيرا إلى الدور الإيراني في الأزمتين.
وقال فريدمان في مقال نشرته له صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إنه لا يمكن للولايات المتحدة الحفاظ على استقرار أفغانستان بعد الانسحاب منها، وذلك دون إشراك إيران في اللعبة، موضحا أن ثمة علاقة تاريخية تجمع بين الإيرانيين والأفغان الذين في هيرات ثالث أكبر المدن الأفغانية.
وأضاف الكاتب أن الولايات المتحدة عملت بشكل مكثف مع إيران للإطاحة بحكم حركة طالبان السنية في أفغانستان، وأن الدولتين تبذلان جهودا مشتركة أيضا من أجل منع طالبان من العودة إلى سدة الحكم في البلاد.
ويقول فريدمان إن ما يجري في سوريا يمثل فصلا جديدا من الحرب بين الشيعة والسنة، وإن الحرب التي صارت تأكل الأخضر واليابس في سوريا ما هي سوى حرب بالوكالة لا تنتهي، بين السعودية ودولة قطر السنيتين اللتين تمولان الثورة السورية، وبين الإيرانيين الشيعة والعلويين في سوريا من جهة أخرى، مضيفا أنها حرب لا يمكن أن تنتهي، ولكن ربما يمكن تخفيض وتيرتها وشدة حدتها.
حرب مستمرة
وأضاف أن بعض الجنرالات الإسرائيليين يرون الحرب المستمرة في سوريا خطرا إستراتيجيا عظيما يهدد إسرائيل بنفس الدرجة التي يشكلها خطر البرنامج النووي الإيراني عليها.
وأوضح أنه إذا ما تحولت سوريا إلى أفغانستان أخرى على الحدود الإسرائيلية، فإن الأرض السورية ستصبح بؤرة تعجّ بالجهاديين وبالأسلحة الكيمياوية وبصواريخ أرض جو، وكلها تنتشر بحرية في كل الأرجاء في الجوار الإسرائيلي والمنطقة.
وأشار الكاتب إلى أن بعض المراقبين في الولايات المتحدة يأملون في إمكانية تجنب الكارثة والانهيار في سوريا، وذلك من خلال سرعة الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وبأن الغرب والعالم السني يمكنه انتشال سوريا من المدار الإيراني السوفياتي وجعلها تدور في الفلك السني السعودي الأميركي.
كما أعرب عن شكوكه في إمكانية تخليص سوريا أو نقلها من مدار إلى آخر مع الاحتفاظ بها دولة واحدة متماسكة، موضحا أنها سرعان ما تنقسم إلى إقليمين، أحدهما للسنة والآخر للعلوين، وأضاف أنه إذا ما “تمكنا” من تغيير وجه سوريا، فإن إيران سرعان ما تعمل على تغيير الحال في البحرين وفي العراق، وجعلهما تدوران في أفق المعسكر الإيراني.
كما أشار فريدمان إلى حلول وسط لنزع فتيل الأزمة السورية المتفاقمة منسوبة لبعض الدبلوماسيين العرب في الأمم المتحدة، ولكن هذه الحلول تتطلب تدخل الولايات المتحدة لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا، وذلك مع تمثيل متساو للعلوين والثوار، وعلى أمل أن تدعم روسيا مثل هذا التوجه.
عيش مشترك
وأضح الكاتب أن هذه الخطة تتطلب إخبار الروس بأنهم إذا لم يدعموا مثل هذا الحل الوسط، فإن الولايات المتحدة ستبدأ بإرسال الأسلحة إلى الثوار المعتدلين والعلمانيين في سوريا.
كما دعا فريدمان إلى أخذ العبرة من الشأن العراقي، والمتمثل في المعادلات التي تجمع ما بين السنة في مقابل الشيعة والكرد في مقابل العرب، كلهم في بوتقة واحدة، مضيفا أن سوريا هي توأم العراق من حيث الحلول المحتملة للأزمة، وذلك من خلال حمل الأطراف المتنازعة على العيش معا في مركب واحد، فهذه هي الحال في الشرق الأوسط.