نفط مفقود وصور طوابير تتكرر… روسيا وإيران في قفص الأسئلة السورية

Share Button

 كيفما أدرت وجهك في سوريا لن تجد مشهداً أوسع وأطول من طابور سيارات تدور محركاتها على قطرات البنزين الأخيرة في خزاناتها، طابور ترى بدايته ولن ترى نهايته، حتى الأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع الصديقة والعدوة لن تلتقط صوراً تتكرر في كل المدن السورية إلا صور الانتظار. دعكم من السماء وأقمارها ولنبق على الأرض، حيث ثمة سؤال كبير يشغل بال السوريين أين هم الحلفاء من أزمتنا غير المسبوقة تلك، هل عجزوا عن إمدادنا بمشتقات النفط في هذه الظروف الحرجة؟

صحيفة مؤيدة للحكومة السورية قالت إن سوريا تعاني نقصاً في الوقود منذ توقف خط ائتماني إيراني قبل ستة أشهر، وإنه لم تصل أي ناقلة نفط إيرانية إلى البلاد منذ ذلك الحين، في ظل تفاقم أزمة الوقود في البلاد، حسب وكالة رويترز.

ويتداول السوريون فيما بينهم سؤالاً ربما يكون بسيطاً مفاده: لو أن روسيا قررت أن تُرسل لنا ناقلة نفط ضخمة أو ناقلتين أو ثلاثاً وقامت بتسيير تلك الناقلات في عرض البحر، مَن سيجرؤ على اعتراضها أو حتى النظرَ إليها؟ يقول هؤلاء أيضاً: موسكو تسيّر بارجات حربية وفرقاطات وحاملات طائرات متى شاءت قبالة الشواطئ السورية ولا أحد في هذا الكون يعترض طريقَها أو حتى النظر إليها، فلماذا لا تُرسل الحليفة روسيا ناقلات نفط الآن إذاً؟
السؤال بسيط، لكن مَن يملك الإجابة عليه؟ هل الأسباب مالية؟ أم تقنية؟ أم الأسباب سياسية؟
وربطاً بهذا السؤال ثمة طرح موازٍ يفكر به السوريون مفاده أن الدولة الروسية التي اتخذت قرار التدخل السريع لدعم الجيش السوري عسكرياً في أيلول/سبتمبر من عام 2015، لماذا لم تتخذ قرار التدخل الإسعافي لدعم الحكومة السورية التي تئن تحت شح الوقود الآن؟
خلال عام 2018 أنتجت روسيا كميات من النفط وُصفت بأنها قياسية، إذ تجاوز إنتاجها اليومي من النفط 11 مليونا ومئتي ألف برميل يومياً، متجاوزة مستوى الإنتاج المتوسط السنوي القياسي السابق البالغ 10.98 مليون برميل يومياً، المسجل في 2017.
أما إيران، وإن كان السوريون يُدركون الوقع القاسي للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها ويُدركون أنها لا تملك الإمكاناتِ والقوةَ الروسية لكي تتحدى الحظر البحري الأمريكي، لكنهم يسألون أنفسهم عن الخط الائتماني الذي كان النفط الإيراني يصل من خلاله إلى بلادهم، يسألون كيف يتوقف أو تنتهي مدته وكيف لا يتم تجديده، ويسألون لماذا لا يخضع هذا الخط الاقتصادي لذات الاعتبارات التي تحكم العلاقات السياسية والعسكرية بين دمشق وطهران لجهة المرونة المطلقة بحيث تتحرر عملية توريد النفط الإيراني مؤقتاً واستثنائياً الآن على الأقل من قوالب العلاقات وأنظمتها وترتيباتها الحكومية؟
أحدث الأرقام الدقيقة تقول إن سوريا تحتاج بوضعها الحالي يومياً إلى ما لا يقل عن 4.5 مليون لتر من البنزين وإلى 6 ملايين لتر من المازوت، و7000 طن من الفيول و1200 طن من الغاز لإنتاج الكهرباء. لكن الإنتاج النفطي للحكومة السورية من المناطق التي تسيطر عليها يعادل بالكامل 24 ألف برميل نفط، في حين تحتاج البلاد يومياً إلى 136 ألف برميل، أي أن ما تستطيع وزارة النفط السورية تأمينه لا تتعدى نسبته 24% فقط من الاحتياجات الفعلية.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 85 من جريدة التقدمي

صدر العدد (85) من جريدة التقدمي الشهرية الصادرة عن مكتب الثقافة و الاعلام في منظمة ...