قال المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي أن اتفاقية سايكس بيكو التي وضعتها القوى الاستعمارية بداية القرن العشرين تتحطّم اليوم و أنه من الصعب تخيل ما سيجري في سوريا، مشيراً أن المناطق الكوردية في غربي كوردستان باتت تتمتع بحكم ذاتي.
و قال تشومسكي وهو ناقد و مؤرخ و ناشط سياسي أمريكي و الأستاذ في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لأكثر من 50 عاماً، أن ظاهرة تحطم اتفاقية سايكس بيكو مثيرة للاهتمام بعد مرور قرن واحد فقط عليها، مؤكداً أن هذه الاتفاقية جرت بإملاء امبريالي وليس لها أي شرعية، وليس هناك أي سبب لهذه الحدود إلا مصالح القوى الاستعمارية وهذا ما نراه في كل أنحاء العالم.
و نقلت جريدة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله عن تشومسكي قوله، أنه من الصعب جداً إيجاد حدود لها أي مبررات منطقية بما فيه الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، والولايات المتحدة وكندا، وغيرها. هذه الحدود تسبّبت بالعنف واستعمال القوة، وكانت سبباً لكثير من المشقة.
و أضاف تشومسكي، أن كثير مما يجري سببه الحدود المفروضة من الامبريالية التي لا علاقة لها بالشعوب، والتي تقطع أوصال المجموعات البشرية. إنها تثبت خطوطاً لا معنى لها، فتفرّق بين باكستان وأفغانستان أحد أكثر الحدود المتنازع عليها. يفصل الباشتون عن بعضهم بعضاً، وهذا ما لم تقبله أي حكومة أفغانية. كلنا نعاني من هذه الحدود الامبريالية المفروضة التي يجب أن نجد وسائل لإزالتها.
و قال تشومسكي في ما يخص سايكس بيكو أنها بدأت بالزوال، و أنه من الصعب أن نتخيل ما سيجري في سوريا، إن بقي أي شيء. فسوريا ستتجزأ. المناطق الكوردية الآن تتمتع بحكم ذاتي. بدأت تتصل بشمال العراق الكوردي، الذي يتمتع بحكم ذاتي أيضاً. وهي أيضاً تتوسّع إلى شرق تركيا. وما سيحصل في باقي البلد من الصعب التكهن به، آملاً أن تكون الشعوب هي من ستصنع الحدود الجديدة في العالم.
و أشار تشومسكي لوجود مجموعة من المسارات وليست كلها متشابهة، حول تقسيم المنطقة و يعتمد الأمر على أي مسار يسيطر. أحدها هو الانقسام الطائفي الحاد بين السنة والشيعة، الذي بدأ خلال الحرب على العراق، وهو يترسّخ اليوم بقوة، وهناك دول الخليج اليوم التي تتوحد ضد إيران، والعراق تقريباً في الصف الإيراني ما يزيد الشرح عمقاً وخطورة. ولبنان لديه تاريخ سيّئ في هذا المجال. أما المسار الآخر، فهو المعارضة العلمانية للقمع والأسلمة، التي نراها في ميدان تقسيم في تركيا، والسؤال هو أي مسار يسيطر؟
في سياق آخر من كلمته أشار تشومسكي، أن اسرائيل لا تعارض بشار الأسد لأنه كان تقريباً الديكتاتور الذي يريدون. فعل كل الأشياء التي يريدونها تقريباً، مضيفاً أن الولايات المتحدة بدورها لا تعارض الأسد، لأنه تعاون معها استخباريا. لم يعجبهم كل شيء، لكن ما فعله كان كافياً.
و أضاف تشومسكي: “لو أرادت اسرائيل والولايات المتحدة فعلاً إسقاط نظام الأسد ودعم الثوار لكان لديهما الكثير من الوسائل المباشرة لفعلها من دون سلاح، تستطيع اسرائيل تحريك قواتها إلى مرتفعات الجولان، التي يسمونها داخلياً مرتفعات الجولان السورية. إذا حركوا قواتهم إلى الشمال فسيضطر السوريون إلى تحريك قوات في المقابل، مما يبعد هذه القوات عن قمع الثوار، لكنهم لا يفعلون ذلك، وهذا يعني شيئاً واحداً فقط، أنهم لا يريدون أن يسقط النظام.
Pukmedia