الشاعر والمناضل السياسي والعالم الديني الذي لم ينصفه التا ريخ
في تاريخ الشعوب هناك الكثير من الرموز والشخصيات والمحطات التي تحفر بأحرف من الذهب على صفحات التاريخ , بما لهذه الرموز والشخصيات والمحطات من اثر في مستقبل الشعوب ، لقد مر الشعب الكردي بكثير من المحطات على مر الزمن , وكان لمناضلين بصماتهم في تلك المحطات , فمنهم من يذكرهم التاريخ بين صفحاته ومنهم من لم ينصفه التاريخ , وهنا اردت أن أرد مثقالا” مما قدمه مناضل وعالم , ضحى بكل ما يملك من اجل تعليم وخدمة قضايا شعبه الكردي المظلوم وعانى الكثير, وتنازل عن الكثير , من اجل تعليم وخدمة شعبه وقضيته العادلة. انه المناضل وعالم الدين والشاعر ملا اساعيل ميرعلي الذي عرف في الوسط الكردي بانه عالم دين ومناضل ونموذج فذ لشخصية كبيرة من صنع الكرد والاسلام ومن رفاق المرحوم جكر خوين والشهيد عبدالرحمن كارسي Garisî
(الذي حاول ان يلملم ويعيد ترتيب صفوف الكرد في كردستان تركيا بعد
ان تم القضاء على ثورة شيخ سعيد بيران , فهيأ لقيام ثورة كردية في تركيا , لكنه فشل بسبب الخيانة وقتله وقطع راسه )
نسبه ونشأته
اسمه : اسماعيل مصطفى محمد يوسف محمد يوسف مير علي محمد , والقبور الاربعة لـ ( محمد ويوسف ومحمد ويوسف ) ما زالت موجودة في مقبرة جزيرة بوطان Cizîra Botan ( تعتبر هذه الجزيرة من اقدم المدن والتي فيها قبر ابو البشرية الثاني النبي نوح ) .
ولد ملا اسماعيل في جزيرة بوطان عام 1316 هـ \ 1896 م , وينسب الى عائلة ومحلة مير علي المعروفة في جزيرة بوطان , والى الان محلة مير علي موجودة , وتمتد من المقبرة الى نهر دجلة وعلى طرفي الشارع تسمى حارة مير علي , وعائلتهم معروفة بلقب بربر Berber ( حلاق ) كون جد جد ملا اسماعيل كان حلاقا” , ام ملا اسماعيل اسمها امينه وهي من اكراد كردستان ايران , رقم مسكنه حسب هويته التركية 55\7–ولاية ديار بكر – قضاء جزيرة – مكان الاقامة مير علي , وينسب ملا اسماعيل الى مير علي والى عشائر جزيرة بوطان الكردية الذين يعتبرون من الكرد الاصلاء مثل عشائر قريش العرب الاقحاح والده ايضا” كان عالم دين وامام جامع بلدة شاخ şax ( منطقة مصايف –زوزان – zozan ) وتوفي هناك , اولاده هم : ملا اسماعيل – رمضان – صالح – زينب
كبر وترعرع في مدينته جزيرة بوطان ودرس مبادئ العلوم الشرعية في المدرسة الحمراء Dibirtana ros المعروفة في الجزيرة , على يد مجموعة من أهل العلم, وفي مقدمتهم استاذه ملا عبدالسلام .
( كان شاعرا” ولقبه ناجي الجزيري , واصبح مفتي مدينة قامشلو عندما هرب من تركيا الى سوريا بسبب الحكم عيه ) .
كان من احد الطلاب مع ملا اسماعيل لدى ملا عبدالسلام الشاعر والسياسي الكبير جكر خوين Ceger xwîn , وبعد عدة سنوات من الدراسة لدى ملا عبدالسلام , توجه ملا اسماعيل الى ملا احمد زفنكي .
(مفتي القامشلي سابقا” ومترجم ديوان ملا جزيري ) ودرس عنده فترة جيدة من الزمن , ثم عاد ملا اسماعيل مرة اخرى الى الجزيرة , وبعد فترة اخرى توجه ملا اسماعيل ومعه بعض الطلاب الى الموصل طالبين العلم والمعرفة , وبعد مدة عاد الى الجزيرة وبدأ مع استاذه ملا عبدالسلام بمزاولة العمل السياسي , وكانوا يكتبون الشعر واغلب اشعارهما ( ملا اسماعيل وملا عبدالسلام ) اشعار قومية وذات طابع ديني وتدل على حبهم لشعبهم وقضيتهم العادلة .
لم يحصل ملا اسماعيل على الاجازة الدينية التي كان يريد الوصول اليها وذلك بسبب عمله السياسي وهروبه من حكم عليه وملاحقته من قبل حكومة تركيا آنذاك .
يقول ملا عبدالسلام :
Erê kurdî çira tu hindî ne çarî
Di destê her kesî tor û marî
الى قوم اولي بأس شديد
Ji bo kurda di gel qure` anê di barî
نضال ملا اسماعيل في كردستان تركيا اثناء ثورة شيخ سعيد –ومرحلة عبدالرحمن كارسي
كان ملا اسماعيل يقول : ان نشوء وبدأ ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925 كانت كما يلي : ان مناطق نفوذ كل عشيرة كردية واختلاف زعمائها على من يترأس اي ثورة ولعدم تنازلهم لبعضهم على ذلك , جعلهم يتفقون على شخص الشيخ سعيد بيران على قيادة الثورة والتحضير لها ومن ثم البدأ بالثورة , لما كان يتمتع شيخ سعيد من صفات وكاريزما , وكونه لم يكن تابع لأي طرف ولم يكن ضمن خلافاتهم 0
يقول ملا اسماعيل : ان شيخ سعيد ارسل الى استاذي وصديقي وقريبي الملا عبدالسلام واخبره ان يذهب الى كردستان العراق والى شيخ احمد البرزاني , من اجل ان يساندهم ويدعم ثورتهم ومن طرفه ان يثور في منطقته ايضا” , كسائر مناطق كردستان الاخرى التي اتفق شيخ سعيد معهم , اعتذر ملا عبدالسلام عن تلك المهمة , ولكن اصرار شيخ سعيد عليه كونه الشخص المناسب لهذه المهمة , فوافق , وذهبا معا” انا وملا عبدالسلام الى كردستان العراق , ولكن قبل ان نصل الى شيخ احمد البرزاني سمعنا ان ثورة شيخ سعيد بدأت ودخلوا ديار بكر , اي تم اعلان الثورة قبل
موعدها وكانت من اهم اسباب فشلها , كونه كنا مازلنا في مرحلة التحضير للثورة , ورجعنا الى الجزيرة وفي الطريق شاهدنا ( رسول آغا ) ومعه مقاتلي عشيرته ذاهبين الى محاربة شيخ سعيد كونه كان مع حكومة اتاتورك ( رسول اغا من الغرزان عشيرة جيلي jîlî ) , فتألم ونادى ملا اسماعيل رسول اغا قائلا” : الست كرديا” ؟ لماذا تذهب لمحاربة ابن جلدتك ؟ فرد : انا مع الجانب الاقوى .
بعد فشل ثورة شيخ سعيد وشنقه , قام شيخ عبدالرحمن كارسي Garisî ( الذي كان قصير القامة – نحيف – لحيته خفيفة- شيخ دين – مخلصا” وقوميا” ومحبا” لقضية شعبنا ) قام بعمل كبير , وهو التجوال بين الشعب الكردي ورفع معنوياتهم واقناعهم وتحضيرهم من اجل القيام بثورة اخرى في كردستان , انضم كل من ملا اسماعيل وملا عبدالسلام اليه وبشكل رسمي وبوثائق , وكان شيخ عبدالرحمن كارسي قد هيأ اغلب المناطق , وكان قد بقي منطقة جبل كويه ( Goye ) وتسمى منطقة حاجي بيرا (Hacî Beyra ) الواقعة ما بين حدود ايران والعراق وتركيا التي كانت منطقة وعرة وصعبة الوصول اليها وذات نفوذ قوية , فهي المنطقة الوحيدة التي كانت تعطي الحكومة ثلاث رجال فقط كجنود لتنضم الى جيش الحكومة على عكس المناطق الاخرى التي كانت تعطي الدولة الكثير من الرجال .
ذهب شيخ عبدالرحمن كارسي الى تلك المنطقة ويرافقه رجل واحد فقط اسمه ( نجم الدين سيرتي sêrtî ) وكان يلقب بـ نجمو ( خائن وعميل لحكومة تركيا ) , البعض نصح الشيخ بأن لا يرافقه نجمو , لكنه رفض وذهب , وبعد مدة قصيرة من الزمن وبعد قطع مسافة قصيرة , تم سماع صوت طلق ناري من اتجاه الطريق الذي سلكه شيخ عبدالرحمن كارسي , فهرع الذين سمعوا صوت اطلاق النار فوجدوا ان نجمو قد قتل الشيخ وراسه مقطوع ووثائقه مسروقة وكلها مع نجمو الذي هرب الى الحكومة التركية ومعه هدية كبيرة لهم ( راس الشيخ ووثائق واسماء حركته والمشاركين معه ) .
رحلة ملا اسماعيل الى كردستان سوريا
بعد ان كشفت الاسماء لدى الحكومة التركية , بدأ بحملة اعتقالات واسعة ومحاكم ميدانية وقتل وشنق الكثيرين , وقتها لم يبق امام ملا اسماعيل وملا عبدالسلام الا الهروب الى كردستان سورية .
من خلال نهر صقلان ما بين الجزيرة وعين ديوار (Kaniya wara-kaniya dêwan ) , وصلنا الى سوريا , في البداية اقمنا اقامة مؤقتة في ديرك , وخلا فترة السكن في ديرك تم تأسيس جمعية فيها ( احتمال ان تكون فرع من جمعية خويبون ) وكان دكتور نافذ مسؤول الصحة وملا اسماعيل مسؤول اوقاف القرى التابعة لديرك .
بعد فترة سكن ملا عبدالسلام قرية قزررجب واصبح امام القرية , وملا اسماعيل سكن قرية كندك Gundik واصبح امامها ولمدة سنتين 0وبعدها بعامين اصدرت الحكومة التركية عفو عام , رجع ملا اسماعيل الى جزيرة بوطان وهناك تزوج من قريبته ( رمزية ابراهيم ) وعاد الى سوريا والى قرية كورتبان Kortepan عام 1943 واصبح امامهم ولمدة \10\ عشر سنوات . اما ملا عبدالسلام اصبح مفتي مدينة قامشلو .
بعد قرية كورتبان في العام 1953 ذهب ملا اسماعيل الى قرية علوانكا عزام Elwanika Ezêm وبقي \5\ خمس سنوات امام القرية , ثم عام 1958سكن قرية شيرو şêro وبقي \9\ تسع سنوات امام وداعية في مجال الدعوة , ثم الى قرية كركي لكي Girkê legê 1967 التي لم يبقى فيها سوى سنتين ففي عام 1969 ذهب وسكن قرية ميركاميرا Mêrga mîra واصبح امامها لمدة سنتين وعاد واستقر في بلدة كركي لكي عام 1971 ولكنه لم يكن امام البلدة كون للبلدة امامها وهو العالم الديني ملا حسين , وملا اسماعيل بقي في كركي لكي حتى وافته المنية عام 1984 م عن عمر ناهز \88\ عاما” 0مرة واحدة زار اهله بجزيرة بوطان في السبعينات .
اهم اصدقائه : ملا عبدالسلام – جكر خوين – شيخ رشيد ديرشوي – ملاعمر من دوكركا – ملا موسى من تل جمان
– ملا احمد زفنكي مفتي القامشلي.
اعماله وآثاره
1- في مجال الدين :
– لأكثر من \30\ ثلاثون عاما” عمل في مجال الدعوة ومدرسا” وخطيبا” في المساجد لأكثر من منطقة في سورية الأمر الذي أخذ عليه جل وقته .
– عاش رحمه الله حياته زاهدا” متعففا” وقد قضى جل حياته وهو يدعو إلى الدين والأخلاق والفضيلة والإصلاح وإليه يعود الفضل في انتشار الكثير من دروس العلم والدين والخلق الكريم في الكثير من القرى والمناطق .
– قام بتدريس الكثير من طالبي العلم والدين ومنهم كانوا بمراتب علمية ودينية كبير ة وكان اشهرهم :
شيخ محمد نوري الديرشوي, وملا صالح من قرية كري ديرا , وملا يوسف من كورتبان ., وملا حسن عليكي
( الذي ساعد كثيرا” الكاتب علي سيدو كوراني مؤلف القاموس الكردي العربي الشهير خلال اقامته في الاردن ) والكثير من الطلاب ومحبي الدين
2- في مجال الكتابة واللغة
– كتب القواعد بالأحرف العربية كونه كان يجيد اللغات الكردية والعربية والتركية والفارسية0
– له كتاب عن التداوي بالاعشاب الطبيعية وكان يمارس طب التداوي بالاعشاب الطبيعية وعالج الكثير من
المرضى والحالات والامراض الخاصة
– كان لديه الكثير من الكتب مكتوبة بالريشة والحبر ومن تأليفه , والكثير من الكتب القديمة وبخط اليد منها المولد النبوي لاحمد خاني ونوبهار ونهج الانام لاحمد خاني وغيرهم , ولكن للاسف تم سرقة اغلبهم من قبل من كان يزوره لياخذوامعلومات واحاديث منه ويسرقون منه الكتب كونه في اخر ستة اعوام من عمره اصيب بالعمى , والباقي محفوظة لدى ابنه البكر ( عادل) .
3-في المجال القومي في كردستان سوريا
– كان شديد التعصب لقوميته الكردية وحبه لقضيته العادلة ومدافعا” عنها وفي كل الاوقات واينما وجد .
– مرة سأله احد العرب في كركي لكي : كم تبعد قرية الصالحية عن كركي لكي فقال له حوالي 20 دقيقة فرد يعني كم كيلو متر , قال الملا لا اعرف فقال اعربي : كردي مردي ولو كان ولي, رد عليه الملا الاعراب اشد كفرا” ونفاقا” .
– شجع اولاده على الانخراط في صفوف الحركة الكردية على عكس رجال الدين الذين يبعدون اولادهم عن العمل السياسي , كان الملا اسماعيل من المؤيدين لفكر وسياسة الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية , وكان يشجعهم على النضال بإخلاص ووفاء .
– كان يحارب النظام العشائري ولا يحب التعلق بنظام العشيرة وكان يدعوا الى الوحدة الكردية .
– كان يضع العمامة الصفراء على رأسه , ورفض طلب الشيخ رشيد الديرشوي بلبس العمامة والكوفية البيضاء على رأس كافة علماء الدين وامام جوامع كل المنطقة .
العمامة الصفراء على الراس قديمة جدا” ترجع الى ايام صلاح الدين الايوبي الذي كان يلبس العمامة الصفراء وكان علمه لون اصفر , لهذا الملا اسماعيل اصر ان يبقى لابسا” العمامة الصفراء التي تدل على كرديته النقية والاصيلة بدل كل العمامات الاخرى.
شعـــــــــره
كان ملا اسماعيل يكتب الشعر الكردي وباحرف عربية على غرار ملا جزيري وغيره من شعرائنا القديمين , وبسبب ضياع الكثير من اشعاره بسبب تلف الاوراق اثناء اخفائها تحت التراب او بين القش او في غرف الحيوانات خوفا” من المخابرات السورية التي كانت دائما” تقوم بمداهمة البيوت وتفتيشها وخاصة بيوت الحزبيين , وكون اولاد الملا حزبيين كانوا دائما” يتعرضون الى الملاحقة والمداهمة والاعتقال والتعزيب , فاهترأت واحرقت الكثير من هذه الاشعار والكتابات والكتب , وقسم سرق منه اثناء اصابته بالعمى كما اوردنا سابقا” , والباقي قسم منه محفوظ لدى ابنع عادل ابو نسيم وقسم محفوظ شفهيا” من قبل اولاده .
ففي احد قصائده يشيد بدور وقوة الكرد ومكان الكرد المقدس ويناشد الدول الاوربية وسبب هروبهم من عدالة قضيتنا فيقول :
Dunya hemî ji me mêranî girt in
Ew miletê me hevdû girt in
Yan em ezîzbin yan bêne kuşt in
Cihkê me cihkî şan û şeref e
Cihkê me cihkî dîn û mishef e
Em medenîne ehlê m’arîfe
Cihkê me cihkî çîmen û av e
Tijî m’aden û zêr û zîv e
Lakin qewmê me cahil li nêv e
Ey oropayê em dostê hevin
Ma qey insafa hûn ji me direvin
Li bîra Tirkan ew derbê kevin
Ev çi tali’a û ev çi bext e
Rabine ser xwe firset wext e
Ha Diyarbekir bû paytext e
Xîret bikşênin gelê kurd an
Hûn hevdû bigrin wekî şêr an
Xwe bikin insan nebin wêran
Agirê daxêde misteqil man e
Da hûn bibînin derbê kurdan e
Di gel Oropayê em gelek xuyan e
Ey zewal paşe em ejdehan e
Ji bo miletê xwe em can fîdan e
Hijdeh milyonin wekî şêran e
Ey oropayê bikin tedbîr e
Sor bûn dar û ber ji xwîna esîr e
Ew derbê Tirkan naçê ji bîr e
Celadet Elî rabe dereng e
Me digel van Tirkan sed qal û ceng e
Tê ji agirê daxêde awazê bi nav û deng e
اعداد : لوند محمد
كركي لكي 1\1\2015
الديمقراطي 6 – 3 – 2016