لمحة موجزة عن تاريخ الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

Share Button

555بعد الإطاحة بالدكتاتور أديب الشيشكلي دخلت سوريا مرحلة جديدة تختلف من حيث الشكل والمضمون عن المرحلة السابقة فقد جرت انتخابات برلمانية عامة في البلاد عام 1954 وتم انتخاب ممثلي الشعب في البرلمان كما سمح بتشكيل الأحزاب السياسية وأطلقت حرية الرأي والتعبير والصحافة وغيرها من الحريات العامة ، وهكذا حدثت تحولات جذرية في البلاد على اثر توسيع قاعدة الحريات العامة للجماهير الشعبية والقوى الديمقراطية والتقدمية وأصبحت سوريا في هذه المرحلة من عام 1954 حتى 1957 مركزاً للنشاط السياسي والتقدمي والديمقراطي على صعيد منطقة الشرق الأوسط واتخذت منها الأحزاب والقوى الديمقراطية والتقدمية المناهضة للأنظمة الديكتاتورية والرجعية والدول الاستعمارية قاعدة لها لتوجيه نضالها ونشاطها ضد هذه الأنظمة .

وبنفس الوقت أثارت الأوضاع الجديدة في سوريا حقد وغيظ الأوساط الامبريالية والدول الرجعية والديكتاتورية في المنطقة خاصة الدول المنضوية تحت لواء حلف بغداد العدواني الذي تشكل عام 1955 وتعرضت سوريا على أيدي زعماء هذا الحلف لشتى أنواع الدسائس والتآمر بهدف تغيير الأوضاع فيها والإتيان بحكم رجعي دكتاتوري موال للامبريالية مهيأ للانضمام الى حلف بغداد ، أو السير في ركاب .

وفي هذه الأثناء كانت الجماهير الكردية في سوريا تفتقر الى تنظيم سياسي تقدمي مناضل من أجل حقوقها القومية في ظل الظروف المواتية والأوضاع الديمقراطية السائدة وقتئذ ويقف الى جانب الأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية في البلاد لصيانة مكاسب الشعب والحفاظ على الوضع الديمقراطي ويناهض المخططات والمؤامرات التي تستهدف سوريا ونظامها الوطني ، هذا اضافة الى تشجيع الاشقاء في الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق وممثله جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني في ايران وممثله أحمد توفيق ( عبد الله اسحاقي ) اللذين أكدوا على ضرورة وجود حزب كردي في سوريا ومساهمتهم على بلورة هذه الفكرة وامكانية القيام بتنفيذها وهكذا برزت الحاجة الى تنظيم سياسي يستجيب لرغبات الأغلبية العظمى من أبناء الشعب الكردي للاطلاع بمهامه القومية والوطنية وبادر عدد x.mihemed_siminar3من الوطنيين الأكراد الى تحقيق هذه الفكرة وتم تشجيع نواة الحزب المنشود تحت اسم ( الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ) عام 1956 في دمشق وهؤلاء الرفاق هم : عثمان صبري ، عبد الحميد درويش ، وحمزة نويران ، ثم انضمت اليهم عام 1957 مجموعة أخرى في حلب وهم الرفاق : رشيد حمو ، خليل محمد ، محمد علي خوجة ، شوكت حنان ، وتم الاعلان عن تأسيس الحزب في 14 حزيران 1957 بالإعلان عن تشكيل الحزب واندفعت الجماهير الواسعة والأوساط التقدمية والمثقفة الى الانخراط في صفوف الحزب نظراً لأنه كان التنظيم السياسي الوحيد بين أوساط الشعب الكردي من جهة ولأنه كان يمتلك برنامجاً سياسياً واضحاً ذو مضمون سياسي واجتماعي ، وبعد فترة قصيرة من اعلان تشكيل الحزب جرى حوار أخوي مع جمعية الشباب التي كان صورة8مركزها مدينة القامشلي وقبلت هذه المجموعة حل الجمعية في عام 1958 والانضمام الى الحزب ايضاً ، والجمعية كانت عبارة عن تنظيم للمثقفين والشباب الذين تجمعهم العاطفة القومية ويعملون في نطاق جماهيري ضيق ولم يكن التنظيم يمتلك برنامجاً سياسياً أو نظاماً داخلياً ، ومن العناصر البارزة في الجمعية : محمد أحمد طوش ، سامي ملا أحمد نامي ، عبد الرحمن شرنخي ، درويش ملا سليمان ، عبدا لله ملا علي ، عبد العزيز عبدي … وفي الآونة ذاتها جرى توسيع للجنة المركزية أيضاً بانضمام الدكتور نور الدين ظاظا ، محمد عيسى ملا محمود ، عام 1958 ، وعين الدكتور نور الدين رئيساً للحزب ولقد توسعت تنظيمات الحزب بسرعة في جميع أنحاء سوريا وتعززت مكانته أكثر بعد حل ( حزب آزادي ) وانضمام عناصره الى الحزب وتشكل حزب آزادي من العناصر التي انفصلت عن الحزب الشيوعي السوري عام 1958 نتيجة خلافات بينهم وبين الحزب الشيوعي حول القضية الكردية وعدم تلبيته المطالب والحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا ، من أبرز عناصر حزب آزادي الشاعر جكرخوين ، وملا شيخموس قرقاتي ، محمد فخري … وقد قبل الرفيق جكرخوين عضواً في اللجنة المركزية وهكذا أصبح عدد أعضاء اللجنة المركزية عشرة رفاق بعد انضمام نور الدين ظاظا ، محمد عيسى ملا محمود ، الشاعر جكرخوين ، إضافة للرفاق آنفي الذكر.

واذا كان حزبنا قد شهد توسعاً أفقياً كثيراً بين أوساط الجماهير الكردية وقوي دوره خلال فترة قصيرة نسبياً فانه بنفس الوقت تعرض لحملة شديدة شرسة من القوى الرجعية الممثلة بالآغوات ورجال الدين خاصة الشيوخ منهم الذين اعتبروا حزبنا بمفاهيمه وأفكاره التقدمية خطراً على مصالحهم ونفوذهم بين أوساط الشعب الكردي وسلكوا في هجمتهم هذه طريقتين الاولى : تسعير الحملة على قيادة الحزب ومؤسسيه والتخويف من وجوده .. والثانية محاولة التسلل الى صفوفه وبالتالي حرفه عن نهجه الوطني والقومي والتقدمي ومن جهته حاول حزبنا تلافي وتجنب مواجهتهم وخاصة وانه لازال في بداية الطريق ويحتاج الى بعض الوقت لينشروا آرائهم بهدوء وبدون عقبات بين الجماهير الكردية وكذلك الاستفادة من القدرات المتوفرة لديهم ان أمكن ذلك ، وبالفعل دخل الحزب في حوار مع الفئة البرجوازية عام 1958 وتم التوصل الى نوع من التفاهم معها الا أن ذلك لم يدم طويلاً ولُفظوا من صفوف الحزب بعد عام واحد أي في عام 1959 ، ما يجدر ذكره في هذا المجال هو أن تنظيمات الحزب الشيوعي في المناطق الكردية كانت هي الأخرى تتخذ مواقف غير ودية تجاه حزبنا وتتهمه باتهامات باطلة التي لا تستند الى وقائع موضوعية وكان ذلك حسب اعتقادنا يعود الى المنافسة والأنانيات الحزبية وذلك لعدم وجود خلافات أساسية بينه وبين الحزب الشيوعي السوري حيث كانت سياستهما متطابقة على الصعد الدولية والوطنية ومن نظام الحكم بالذات ، هذا عدا عن تمثيل حزبنا للتيار التقدمي في الحركة الكردية في سوريا .

ان التجربة القاسية التي مر بها الحزب في السنوات الأولى من تأسيسه كانت الحملة الشعواء التي شنتها السلطات في عهد الوحدة المصرية السورية التي تشكلت في شباط عام 1958 فقد كان موقف حزبنا من الوحدة القائمة آنذاك يتلخص في أن هذه الوحدة قامت على أسس قومية وعاطفية ولم تراعى فيها الظروف الموضوعية والخصائص الوطنية المتمثلة في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل من مصر وسوريا ويمكن القول بأن سياسة حزبنا في عهد الوحدة أو الجمهورية العربية المتحدة تخللتها جوانب سلبية بارزة في مقدمتها الموقف المتشدد من الحكم والذي فسر في الكثير من الأحيان بالعداء للوحدة العربية مما جلب نقمة الأوساط القومية الحاكمة تجاه حزبنا خاصة والجماهير الكردية عامة ، وشنت الحملة المشهورة ضد حزبنا في 12 آب 1960 التي شملت الجزيرة ، جبل الأكراد ، عين العرب ، دمشق وتم فيها اعتقال ما يقرب من 90 من الرفاق من بينهم رئيس الحزب نور الدين ظاظا ، عثمان صبري ، ورشيد حمو عضوي المكتب السياسي والعديد من الرفاق من الهيئات القيادية الدنيا ، وخلقت هذه الاعتقالات متاعب كبيرة أمام الحزب وشلت نشاط القيادة لفترة من الزمن نظراً لأنها جاءت في وقت كان الحزب حديث العهد ولأنها شملت معظم الكوادر المتقدمة والهيئات المسؤولة اضافة الى رئيس الحزب وعضوي المكتب السياسي ولأن ثلاثة من رفاق القيادة كانوا في خارج البلاد بعد أن أوفدوا الى العراق بناء على قرار من اللجنة المركزية عام 1959 وهم الرفاق جكرخوين ، محمد علي خوجة وخليل محمد ، وزاد من متاعب الحزب الخلاف الحاصل بين الرفاق في السجن والذي تسرب الى القواعد بطرق ملتوية بعيدة عن الاساليب التنظيمية السليمة .

وبعد فشل الوحدة السورية المصرية في أيلول عام 1961 وزوال الجو الإرهابي الذي ساد البلاد في ظلها برزت ضرورة معالجة المشاكل الناجمة عن الاعتقالات وما تركته من آثار على النواحي التنظيمية والخلافات الحاصلة بين رفاق القيادة في السجن.

فعقد الكونفرانس الحزبي الأول في دمشق شباط 1962 ومن القرارات التي اتخذت هي العمل على معالجة الخلافات بين رفاق القيادة بعد خروجهم من السجن والاستماع الى آرائهم الا أن الأمور لم تستقر وظلت بعض العناصر الحزبية تثير الفوضى وعدم االاستقرار بين صفوف الحزب ولم تلتزم بقرارات الكونفرانس الأول فدعي الكونفرانس الثاني الى الانعقاد عام 1963 وتقرر فيه دعوة المؤتمر الى الانعقاد خلال ستة أشهر الا ان هذا القرار لم يطبق لأسباب قاهرة بعد تغير الأوضاع في آذار 1963 وتسلم حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم وملاحقة قيادة حزبنا وكوادره من جديد على هذا الأساس استفحلت الأوضاع أكثر وأصبحت الخلافات بين عناصر القيادة علنية وامتدت الى قواعد الحزب والجماهير حتى ساد نوع من الجمود نشاط الحزب بشكل عام ونتيجة لهذه الأوضاع الشاذة بين صفوف الحزب ما استجد من خلافات بين البرزاني واللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني في كردستان العراق ، هذه الخلافات التي أدت الى إخراج المكتب السياسي وغالبية اللجنة المركزية من كردستان العراق بقوة السلاح صيف عام 1964 وتفرد مصطفى البرزاني بادارة أمور الثورة والحزب في آن واحد ، نتيجة لذلك دعي الكونفرانس الحزبي الثالث الى الانعقاد في قرية جمعاية 1964 وكان من قرارات هذا الكونفرانس على الصعيد الداخلي ضم عناصر جديدة الى اللجنة المركزية بالإضافة الى الأعضاء السابقين ومحاسبة المتآمرين والفوضويين وتشكيل وفد لإرساله الى كردستان العراق لتقصي الحقائق والوقوف على ماهية الخلافات بين اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس الحزب مصطفى البرزاني وذهب الوفد في أوائل تشرين أول عام 1964 واتخذ الوفد موقفاً محايداً بين الطرفين وأبدت رغبة ملحة في حل الخلافات على أساس المصالحة الوطنية فيه مصلحة الثورة والشعب الكردي وقد فسر هذا الموقف من حزبنا بأنه انحياز نحو اللجنة المركزية مما أثار غضب البرزاني وعدم رضاه على موقف حزبنا وما أن عاد الوفد حتى بدأ المخربون والانتهازيون باثارة البلبلة والمشاكل بين صفوف الحزب مستغلين هذه المرة موقف البرزاني والقيادة الجديدة التي انبثقت عن المؤتمر الرابع للحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1964 الذي عقد على أسس عشائرية ولم تراعى فيه التقاليد الحزبية المتبعة وما ينص عليه النظام الداخلي للحزب الشقيق وهكذا تجمع عدد من الرفاق وفي مقدمتهم عثمان صبري بتشجيع من قيادة الثورة الكردية وعقدوا الكونفرانس الانشقاقي المعروف في آب 1965 وأعلنوا فيه عن تشكيل تنظيمات مستقلة ، حزب مستقل تحت اسم الحزب الديمقراطي الكردي اليساري في سوريا وقد دعت هذه التطورات الجديدة الى دعوة الكونفرانس الرابع للحزب الى الاجتماع في تشرين ثاني 1965 وحضر الكونفرانس ممثل الثورة وعضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني نعمان عيسى الذي حضر الى سوريا بناء على طلب حزبنا للمساعدة على حل هذه المشاكل وامتنع المنشقون عن حضور الكونفرانس لاعتقادهم بأن القرارات لن تكون لمصلحة انشقاقهم خاصة وان قواعد الحزب تقف ضدهم وتغيب عن حضور الكونفرانس بعض أعضاء اللجنة المركزية أيضاً بناء على رغبة بعض الرفاق وذلك بحجة قطع الطريق على عثمان صبري وجماعته المنشقة وكان من أبرز قرارات الكونفرانس على الصعيد الحزبي محاكمة المخربين المنشقين وادانتهم ومن ثم محاسبتهم وطردهم من صفوف الحزب وتعيين ثلاثة من الرفاق المجتمعين في اللجنة المركزية وعودة رفاق القيادة السابقين في حال قبولهم العودة وعدم تجاوبهم مع المخربين وبالفعل عاد البعض من الرفاق القياديين الى اللجنة المركزية وابعد البعض الآخر عن صفوف الحزب ومن ضمنهم عثمان صبري وطُرِد عدد آخر من الهيئات الدنيا والقيادة وهم : محمد نيو ، صلاح بدر الدين ، هلال خلف ، أحمد بدري ، وركزت اللجنة المركزية في تلك المرحلة نشاطها السياسي والتنظيمي على تعرية المنشقين وفضح دورهم التخريبي بين الجماهير الكردية وتطهير صفوف الحزب منهم ومن بين الاجراءات المتخذة في هذا السبيل تغيير اسم جريدة الحزب المركزية واصدارها باسم ( الديمقراطي ) بدلا من ( دنكي كرد صوت الأكراد ) وذلك لايجاد التمييز بين جريدة الحزب وجريدة المنشقين الذين انتحلوا نفس الاسم وتم هذا في النصف الأول من عام 1966 وفي المجال السياسي بادرت اللجنة المركزية الى تأييد حركة 23 شباط 1966 التي قادها الجناح التقدمي في حزب البعث العربي الاشتراكي ضد العناصر اليمينية التي كانت تهيمن على الحكم والمراكز الهامة في الحزب واستمرت القيادة في نضالها في ظل الظروف الجديدة حتى عام 1967 حيث عقد المؤتمر الأول للحزب والذي كان بحق البداية السليمة لايجاد القاعدة المطلوبة من أجل اعادة وحدة الفكر والارادة والعمل بين الرفاق والحزب وبعد تلك الهزات العنيفة التي انتابت تنظيماته في المراحل السابقة وتم في المؤتمر انتخاب لجنة مركزية جديدة وتقرر دعم ومساندة نضال شعبنا في كردستان تركيا وتقديم المساعدة للحزب الديمقراطي الكردستاني في تركيا الذي حضر مندوباً عنه هذا المؤتمر وتابعت اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الأول مهامها على الصعد المختلفة رغم المتاعب التي خلقها التأييد العلني من قبل قيادة الثورة الكردية في العراق للمنشقين ودعمها المستمر لهم وفي أوائل عام 1968 عرض المسؤولون في حزب البعث في محافظة الجزيرة اجراء الحوار مع حزبنا ولكن على مستوى فرع حزب البعث في المحافظة وقبل حزبنا هذا العرض على أمل تطوير الحوار والوصول به الى مستوى أعلى من جهة والخروج من العزلة القومية التي تضر بحزبنا والجماهير الكردية من جهة أخرى ، وتمت عدة لقاءات بين رفاقنا والمسؤولين في فرع البعث في المحافظة كانت نتائجها ايجابية باعتقادناحيث أدت الى تبادل الآراء بحرية والوصول الى نوع من التفهم المتبادل ودعت اللجنة المركزية بعد اللقاءات الكونفرانس الخامس الى الانعقاد للوقوف على سياسة اللجنة المركزية في هذا المجال ، انعقد الكونفرانس في أيلول عام 1968 وأيد رأي اللجنة المركزية للاستمرار في هذا الحوار والعمل على رفع مستواه في المستقبل وكما كان من المواضيع الأساسية المطروحة أمام الكونفرانس كيفية مواجهة بل معالجة الموقف والعلاقات مع قيادة الثورة الكردية التي باتت تضع كل ثقلها السياسي الى جانب الجماعة المنشقة عن الحزب نظراً للتأثير الكبير بقيادة الثورة بين الجماهير الكردية في سوريا وعلى بعض الاوساط من حزبنا فقد كانت اللجنة المركزية تواجه ضغطاً متزايداً لايجاد سبيل للتفاهم مع قيادة الثورة أو تحييدها على الأقل .

ونتيجة لتوجيهات الكونفرانس ولاسباب سياسية أخرى ذهب وفد من قبل حزبنا الى كردستان العراق في كانون الثاني 1969 بهدف التفاهم وحل الخلافات بين الحزبين الا أن الوفد لم يتوصل الى الغاية المرجوة رغم وعود المسؤولين في الحزب الديمقراطي الكردستاني لوفد حزبنا بأنهم لن ينحازوا الى جانب المنشقين وسيكون موقفهم محايداً بين الطرفين لكنهم في الواقع استمروا في مساعدة المنشقين في شتى المجالات .

وتمشياً مع نصوص النظام الداخلي المعمول به الذي ينص على عقد الكونفرانس الحزبي كل سنة دعي الكونفرانس السادس للانعقاد عام 1969 وكان من الأمور الهامة التي تشغل بال الرفاق المجتمعين في هذا الكونفرانس أيضاً هو موضوع العلاقات مع قيادة الثورة الكردية التي تأزمت الى حد كبير خاصة بعد فشل جهود حزبنا في تسوية الخلافات وكان في الكونفرانس السادس رأيان : الأول يدعو الى اتخاذ موقف نهائي من قيادة الثورة وعدم المساومة معها لأن ذلك لم يعد يجدي نفعاً ، واستقر رأي الاكثرية من الرفاق في الكونفرانس في تبني الرأي الثاني :  القائل بعدم القطيعة مع قيادة الثورة في هذه المرحلة التي تتعرض فيها كردستان العراق الى هجوم قوات العفالقة بضرورة بذل المزيد من الجهود والمحاولات الهادفة الى تجنب الصدام العلني معها.

وفي عام 1970 اضطرت الحكومة العراقية للرضوخ لمطاليب الشعب الكردي وأعلنت اتفاقية الحادي عشر من آذار ودعت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق المؤتمر الثامن للانعقاد في شهر تموز من نفس العام ووجهت الدعوة للزمرة المنشقة بحضور وفد عنها للمؤتمر ولم توجه الدعوة لحزبنا وبالحاح من الرفاق في حزبنا ذهب وفد من حزبنا من دون دعوة وبعد انتهاء المؤتمر جرت مداولات ومناقشات هناك وتم الاتفاق مع قيادة الثورة على عقد مؤتمر مشترك بين حزبنا والجماعة المنشقة وبالفعل عُقد المؤتمر في شهر آب عام 1970 تحت اشراف البرزاني المباشر وتم في المؤتمر المهزلة بتشكيل قيادة من اثني عشر عضواً ، ثلاثة من حزبنا ومثله من المنشقين وستة بما يسمى الحياديين ، وفي الحقيقة كانت كانت الغاية من هذا المؤتمر تصفية حزبنا وشكلت قراراته نكسة أليمة للحركة الوطنية الكردية في سوريا .

لقد استغلت قيادة الثورة الكردية في العراق مكانتها بين أبناء الشعب الكردي في سوريا خاصة بعد اعلان اتفاقية آذار التي عززت دورها أكثر فأكثر على اعتبار انها حققت مكسباً هاماً للشعب الكردي فأرادت من هذا المؤتمر لفرض رأيها على حزبنا لأنها لم تكن راضية على مواقفه السياسية وأفكاره التقدمية بعد المؤتمر المسمى بالوطني وتشكيل قيادة جديدة وما يجدر ذكره في هذا المجال هو أن المؤتمر المسمى بالوطني وحد الحزب من حيث الشكل والاعلان ولكن من حيث الحقيقة والواقع فقد أضحت ثلاثة تنظيمات في الساحة الكردية في سوريا وهي حزبنا وما يسمى باليسار والتنظيم الجديد الذي سمي بالحياد ، وعلى اثر عودة الرفيقين عبد الحميد درويش ورشيد حمو من العراق دعي الكونفرانس السابع للاجتماع عام 1971 وذلك لتقييم التجربة مع قيادة الثورة الكردية والحزب الديمقراطي الكردستاني على الأخص بعد المؤتمر المسمى بالوطني ونتائجه السيئة على وحدة الحركة الكردية في سوريا والعلاقات مع الثورة الكردية وقرر الكونفرانس رفض القرارات الصادرة عن هذا المؤتمر اللاشرعي ومتابعة النضال وعدم الاذعان للقرارات التخذة في هذا المؤتمر ونتيجة الموقف الجديد تمت القطيعة بين حزبنا وقيادة الثورة واصدر حزبنا بيان الشجب والادانة اثر اغتيال المناضل سعيد آلجي في كردستان العراق في حزيران 1971 وتابعت اللجنة المركزية مسيرتها وفي عام 1972 انعقد المؤتمر الثاني للحزب وفقاً لنصوص النظام الداخلي فاقر المؤتمر موقف الحزب تجاه الثورة الكردية في العراق وقرر أيضاً تعميق الخط التقدمي ، ومن أهم المواقف التي واجهها حزبنا بعد المؤتمر الثاني هو موقف حزبنا المعارض لاعادة القتال لكردستان العراق عام 1974 فقد كان حزبنا يرى أنه من الأفضل القبول بصيغة الحكم الذاتي المعلنة والتفاوض على تعديلها باسلوب الحوار السلمي وان اعادة القتال يعرض الثورة ومكتسباتها للخطر نظراً لأن القوى الامبريالية  قد تغلغلت الى حد كبير بين صفوف الثورة الكردية وان هذه القوى تبغي من اعادة القتال الى كردستان لتحقيق خططها ومشاريعها على حساب دماء ابناء الشعب الكردي وحقوقه القومية وان الادوار التامرية الخسيسة للامبريالية الامريكية ونظام الشاه العميل بعد ان حققت اغراضها في اتفاقية السادس من اذار في الجزائر عام 1975 وبشكل مأساوي انهارت الثورة خلال أيام معدودة ، وعلى اثر انهيار الثورة  دُعي المؤتمر الثالث الى الانعقاد عام 1975 فثمن المؤتمرون تثميناً عالياً النظرة البعيدة لقيادة حزبنا وحرصها على مصلحة الشعب الكردي وابدو كل التصميم والعزم على متابعة النضال رغم المأساة التي حدثت وناضل الحزب في هذه الفترة وهو يشرح أبعاد المأساة وأسبابها للجماهير الكردية ، انعقد المؤتمر الرابع بعد عامين أي في 1977 وكان من أبرزقراراته التنظيمية تغيير اسم الحزب ليصبح (( الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا )) بدلاًمن (الحزب الديمقراطي الكردي وذلك لازالة التشابه بين اسمه وغيره من التنظيمات التي تحمل نفس الاسم : اما على الصعيد السياسي والفكري فقد قرر المؤتمر تعميق المحتوى الاجتماعي لنضال الحزب وتوعية كوادره وقواعده ومؤيديه والى جانب دعم ومساندة نضال شعبنا الكردي في اجزاء كردستان ضد الحكومات الشوفينية في سبيل انتزاع حقوقه القومية المشروعةوعلى قرارات المؤتمر الرابع بذلت اللجنة المركزية جهودا مكثفة لتطوير علاقات حزبنا مع الاحزاب الكردستانية الشقيقة وتم في اواخر 1980 الاتفاق بتشكيل لجنة للتعاون والتنسيق بين حزبنا والحزب الديمقراطي ايران والحزب الاشتراكي الكردستاني تركيا والاتحاد الوطني الكردستاني العراق والحزبين الشيوعيين السوري والعراقي بصفة مراقبين وخرجت اللجنة الى حيز الظهور بعد المداولات بين هذه الاحزاب وقامت بنشاط واسع لانجاح هذه اللجنة التي عقدت عليها آمال كبيرة لدفع الحركة الوطنية الكردية الى الأمام وتعزيزموقعها بين أوساط الرأي العام الكردي والعالمي ، وانعقد المؤتمر الخامس للحزب في كانون الثاني 1982 وقيم نضال الحزب لفترة ما بعد المؤتمر الرابع ونشاط اللجنة المركزية وثمن دورها في مجال اقامة العلاقات مع الأحزاب الكردستانية الشقيقة وعلى الأخص ما يتعلق منها بلجنة التعاون والتنسيق الكردستانية في كل جزء من كردستان  ورغبته الشديدة على بذل المساعي اللازمة لايجاد التعاون والتنسيق المنشود بين الأحزاب الكردية في سوريا وأكد على الاهمية البالغة للجنة التعاون والتنسيق الكردستانية والحفاظ عليها والوصول بها الى الهدف المرسوم لها وهو قيام المؤتمر الوطني الكردستاني الشامل للاحزاب الكردستانية والكردية الذي سيكون المصدر المؤهل لحديد مهام الحركة الوطنية الكردية وأساليب النضال في كل جزء من أجزاء كردستان وشكل العلاقات فيما بين هذه الأحزاب وقرر المؤتمر تجاوباً مع متطلبات المرحلة القادمة والمهام المطروحة أمام الحزب وتوسيع اللجنة المركزية وعلى أساس توجهات المؤتمر الخامس والرغبة الملحة لقواعد الحزب وجماهير الشعب الكردي بذلت اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر كل ما بوسعها لانجاح لجنة التعاون والتنسيق الكردستاني وقامت باتصالات مكثفة مع الأحزاب الكردية والكردستانية بهدف تجاوبها مع اللجنة وكسب تأييدها لها الا أن أحد الأطراف الأساسية التي شكلت منها اللجنة كان غير جاد ويضع العراقيل والعقبات أمامها رغم المحاولات العديدة التي بذلها هذا الطرف وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني في ايران بقصد تجميد اللجنة وشل نشاطها وظلت اللجنة تتابع أعمالها وتتقدم بخطوات حثيثة الى الأمام حتى وقوع الأحداث المؤسفة الدامية بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي في أيار 1983 حيث انتاب نشاط اللجنة جمود حقيقي نظراً للأن هذين الطرفين كانا يشكلان مصدر قوتها السياسية والعسكرية ، ثم جاء اجتماع باريس أواخر تشرين الثاني 1983 ليقرر بشكل رسمي تجميد اللجنة الكردستانية تحت تأثير الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ ايران ومواقف الاتحاد الوطني الكردستاني ، ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل تسارعت الأحداث ودخل الاتحاد الوطني الكردستاني في مفاوضات مع الحكومة العراقية في كانون الثاني 1983 وتوقفت لجنة التعاون والتنسيق الكردستانية نهائياً انما دون أن يعلن أحد من هذه الأطراف عن فشلها ويتحمل مسؤولية ذلك وكان هذا بحق خسارة كبيرة للحركة الوطنية الكردية .

بعد فشل لجنة التعاون الكردستانية خيم جمود عام على علاقات الأحزاب الكردية والكردستانية ومرت الحركة الوطنية الكردية بفترة ركود حقيقي الأمر الذي أثار القلق والمخاوف لدى الوطنيين من أبناء الشعب الكردي على مستقبل الحركة الكردية المسلحة في كل من ايران والعراق في ظل هذه الاوضاع انعقد المؤتمر السادس لحزبنا في تشرين الأول 1986 ، وكان في مقدمة اهتماماته وضع الحركة الكردية المسلحة في ظروف اشتعال الحرب العراقية الايرانية ومستقبلها في حال توقف الحرب بهذا الشكل أو ذاك ، وبعد مناقشات سادها الحرص والشعور بالمسؤولية القومية استقر رأي المؤتمر على ضرورة بذل الجهود من اللجنة المنبثقة عن المؤتمر السادس لدى الأحزاب الكردستانية الشقيقة والتقدمية الصديقة المعنية بالأمر مباشرة لايقاف الاقتتال الداخلي فيما بينها والحفاظ على استقلالية الحركة بين الطرفين المتحاربين وتأمين مستلزمات الاستمرار في الكفاح المسلح بعد توقف الحرب وذلك تجنباً لوقوع كارثة قومية شبيهة بكارثة عام 1975والدفاع عن الجماهير للشعب الكردي الذي يتعرض للابادة الجماعية على أيدي الحكام العراق الفاشيست وانطلاقاً من هذا التوجه قامت اللجنة المركزية باتصالات واسعة رغم التوتر الذي يسود علاقات حزبنا ببعض الأطراف وشرحت رأي الحزب حول الوضع الكردستاني العام وضرورة العمل المشترك لايجاد صيغة للتعاون بين الأحزاب الكردستانية والكردية على غرار لجنة التعاون والتنسيق أو أي شكل آخر يؤمن الحد الأدنى من التعاون فيما بينها وقبل أن تتوقف الحرب العراقية الايرانية في 20 تموز 1988 طرأت تحولات ايجابية ملموسة على وضع الحركة الوطنية الكردية فقد تشكلت الجبهة الكردستانية العراقية وأعلنت الجبهة الكردستانية في تركيا((تفكر)) ولعبت الجبهة الكردستانية العراقية دوراً بارزاً في رفع معنويات شعبنا وقاتليه الأشاوس بوجه حكام بغداد الذين استغلوا وقف الحرب لشن حملات الابادة الجماعية ضد الشعب الكردي …

وفي ختام هذه اللمحة الموجزة عن تاريخ حزبنا لا يسعنا الا أن نقول بأنه روعيت في كتابة هذه اللمحة النواحي التنظيمية بدرجة أساسية وتوخينا من ذلك أن يكون رفاق حزبنا ومؤيديه وأصدقائه على معرفة بالتطورات التي مر بها حزبنا خلال هذه المحلة وتطرقنا بايجاز شديد لبعض الجوانب السياسية في مواقف الحزب ، هذا الحدث أو ذاك ومن الحكومات المتعاقبة على دست الحكم في هذه المرحلة ذلك لأهمية تلك الأحداث على مسيرة الحزب النضالية التي نأمل أن تكون بتناول الرفاق بتفاصيلها الكاملة في المستقبل القريب .

صورة5

صورة7

صورة2

صورة3

صورة4

صورة6

صورة8

صورة1

 

 

 

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 88 من جريدة التقدمي

  صدر العدد (88) من جريدة التقدمي الشهرية الصادرة عن مكتب الثقافة و الاعلام في ...