ولد الرفيق إبراهيم صبري في قرية عين ديوار التي تقع في اخرنقطة لحدود سوريا مع تركيا وعلى ضفاف نهر الدجلة عام 1934ثم انتقل مع والديه إلى قرية كرا صور حسو وهناك ورغم صغره استطاع أن يكتسب احترام وتقدير خاص بين وسطه في تلك القرية ومن ثم انتقل وطاف به المطاف في قرية كاسان حيث درس المرحلة الابتدائية في ديريك وبضيافة السيد قريا قس وهو أخ مسيحي كان يسكن قرية كاسان سابقا لذا كان هناك علاقات عائلية متميزة بين العائلتين
لقد قال عبد المسيح ابن قريا قس في كتابه(المسالة الكردية في سوريا)إشارة إلى تلك العلاقة وقال (كانت لي والدتان أمي ايلي وجزيلة زوجة المختار صبري في كاسان ).ثم يضيف الكاتب (وبعد آذار 1963 اصبحت انا مسؤلا في الحزب البعث في المالكية وغدا اخي ابراهيم احد مسؤلي الحزب الديمقراطي الكردستاني …كانت الأجهزة الأمنية تعتقله بين الفينة والاخر فتهرع جزيلة الي لتقول اعتقلوا اخيك ابراهيم فاركض وتركض معي كاسان المقدسة كلها…فاخرجه من السجن واعيده لامه وامي جزيلة )
وذكر الكاتب ايضا قائلا (وكنت اردد في اعماقي اذا كانت السياسة والمبادئ ستبعداني عن ابراهيم وتجعلاني اكرهه فبئست هذه السياسة وبئست تلك المبادئ )
لقد كان الرفيق ابراهيم صبري مؤمنا بعدالة قضية شعبه . وهذا مادفعه للانتساب الى صفوف الحزب في بداية عام 1958 اي بعد تاسيس الحزب باقل من عام واحد. وهو في ريعان شبابه وكان متحمسا للعمل الحزبي وجريئا في طروحاته وملتزما بقرارات حزبه ودقيقا في التزاماته التنظيمية ومحبوبا من رفاقه هذا ماجعله ان ينال ثقة رفاقه في تحمل مسؤلياته في مختلف الهيئات الحزبية الى ان أصبح عضوا في اللجنة المركزية عام 1972
كما اصبح الرفيق المناضل ابراهيم صبري عضو المكتب السياسي في القيادة المرحلية المشكلة في المؤتمر الوطني المنعقد في كردستان العراق عام 1970وذلك لحل الخلاف وتوحيد شقي الصراع في الحزب.
ونظرا لنشاطه الريادي في كردستان سوريا طلب منه المرحوم ملا مصطفى البرزاني ان يبقى بضيافته في كردستان العراق لفترة غير محدودة كتدبير وتحديد مسؤلية الخلاف الموجود بين شقي الحزب. حيث كان يشكو الطرف الاخر بان الرفيق ابراهيم يقف عائقا امام توحيد شقي الحزب . وبقي بضيافة المرحوم البرزاني لفترة ثلاثة اشهر .الى ان تبين بطلان ادعاءات الطرف الاخر ومسؤليتهم في عدم توحيد شقي الحزب و بان الرفيق ابراهيم ورفاق الحزب هم من يناضلون من اجل وحدة الحزب
وكان المناضل ابراهيم صبري من الرفاق الذين سحب منهم الجنسية السورية عام 1966وذلك انتقاما لنضاله في سبيل رفع الظلم عن شعبه وعرض للملاحقة والاعتقال لمرات عديدة وتعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي في اقبية الأجهزة الأمنية للنيل من مبادئه وقناعاته ونشاطه الحزبي والوطني المتميز.الا ان ذلك كله كان يزيده اصرارا وعزيمة وايمانا بعدالة قضية شعبه ليشق طريق النضال دون كلل او ملل وكان يواحه جلاديه وهو تحت الضرب والتعذيب ويقول لهم انتم ظالمون ولن تجنو من هذا سوى اصرار الشعب الكردي في المطالبة بحقه ورفع الظلم عن كاهله . هذا الامر الذي كان يجعله ينال النصيب الاكبر من الضرب والتعذيب .وبشهادة رفاقه المعتقلين معه.
وكما اعتقل الرفيق ابراهيم مرات عدة منها عام 1960و1961 و1964 و1976 وفي عام 1988 ومعه مجموعة من الرفاق في المنطقة ديريك وبتهم واهية وباطلة لنيل من عزيمتهم ولكن الاجهزة الامنية لم يجني سوى الفشل بسبب صمود الرفيق الراحل في وجه جلاديهم
وكان الرفيق ابراهيم يدعو رفاقه في قيادة الحزب بان يعترفوا بانهم اعضاء قياديين في الحزب امام السلطات الرسمية وحتى عند الجهات الامنية وذلك لابراز شخصية الحزب بالجرئة والرجولة امام مغتصبي حقوق شعبه,واصدر تعميما شفهيا في منطقة ديريك. حيث قال عندما يضبط أي مطبوعة حزبية مع أي رفيق حزبي من قبل الجهات الامنية او غيرهم ليقل هذا الرفيق انني حصلت عليه من يد ابراهيم حاج صبري وذلك ليبرئ رفاقه من المسائلة ويضع نفسه تحت المسائلة . حقا إنه مثل للتضحية ويقتدى به
كما شارك الرفيق ابراهيم صبري في الكثير من الوفود الحزبية إلى دمشق للمطالبة بحق الشعب الكردي وخاصة حقوق المجردين من الجنسية السورية منهم وكان يقف بكل شجاعة وصلابة إلى جانب الفلاحين ضد المشاريع التي تحرم الفلاح من الارض التي احياها بكده وعرق جبينه ولهذا الموقف المشرف ايضا سجن عدة مرات بالحق كان حازما لمساندة قضايا الفلاحين
إضافة إلى نشاطه السياسي البارز كان متمكنا في القاء الخطابات ارتجالية في مختلف المناسبات القومية والوطنية
وكان جهود الرفيق ابراهيم حاج صبري متميزا في حل المشاكل والخلافات الاجتماعية الحاصلة بين الكثير من الاشخاص والعائلات والاطراف المتخاصمة هذا ان دل على شيئ فانه يدل على مدى احترام وتقدير شعبه لدوره الاجابي والبناء كونه كان يساند الحق
وتابع الرفيق ابراهيم نضاله خدمتا لقضية شعبه العادلة في قيادة حزبه (اللجنة المركزية) إلى أن وافته المنية في 29 شباط 2012في ديريك وشييع جثمانه الطاهرفي موكب جماهيري كبير تليق بمكانته النضالية الى مثواه الاخير في مقبرة ديرك وقد كتب رفيق دربه الأستاذ عبد الحميد درويش عنه يوم تشييع جثمانه :
سلاما أبا عزالدين الرفيق العزيز,والمناضل الذي لاينحني
في ظهيرة يوم التاسع والعشرين من شباط المنصرم تلقيت بألم وحزن عميقين نبأ رحيل الرفيق العزيز إبراهيم حاج صبري في مدينة ديريك التي عربها العنصريون إلى المالكية لقد تعرفت في مدينة ديريك على الرفيق إبراهيم منذ عام 1958 حيث لم يكن قد مضى على تأسيس حزبنا الديمقراطي التقدمي الكردي سوى سنة وعدة أشهر فقط حينها انضم إلى صفوف الحزب , وكنت حين ذاك وإياه في ريعان شبابنا . وهذه كانت بداية معرفتي بالرفيق إبراهيم وبعد فترة قصيرة تعرضنا مع سائر القوى الوطنية والتقدمية في سوريا إلى حملة شرسة لا تعرف للقيم معنا. وتعرض الشعب الكردي في سوريا لحملة بشعة من الإضطهاد والتمييز القومي فاقت كل تصور , ورغم ذلك تابع الرفيق الراحل مسيرته النضالية في حزبه بكل بسالة وشرف ولم يرضخ لأساليب القهر والقمع والإضطهاد التي مارستها أجهزة الأنظمة الرجعية والشوفينية بحق الشعب الكردي ومناضليه , وتعرض رفيقنا المناضل إبراهيم للإعتقال مرات عديدة وللتشرد والملاحقة مرات أخرى, لكنه ظل متماسكا شجاعا يقاوم أساليب وممارسات الجلادين وتعذيبهم الجسدي والنفسي بروحية المناضل الذي لا تلين له قناة ولا يعرف الاستسلام للجلادين الأنذال كان عالي الهمة والمعنويات بشهادة جميع الذين اعتقلوا معه من رفاق الحزب ومن غيرهم, وتكررت هذه الروحية العالية معه في جميع المراحل الصعبة والشديدة التي مر بها وإذا كان الفقيد مناضلا صلبا في الشدائد فإنه كان أيضا مقاوما عنيدا لكل أساليب الإغراء التي لم يأبه بها قط ولم يطأطئ هامته للخصوم والأعداء بل ظل شامخا حتى رحيله عنا بعد صراع طويل مع مرض عضال ا لبه منذ ما يزيد على العام كان لي شرف عظيم أن أناضل مع هكذا رفيق وغيره سواء الذين وفاتهم المنية أول الذين لايزالون أحياء يناضلون من أجل حرية وحقوق شعبهم الكردي ومن أجل الديمقراطية وحقوق وكرامة الإنسان في بلادنا سوريا كان الرفيق الراح إبراهيم نموذجا حيا لأولئك المناضلين الذين لا يعرفون اليأس والخنوع للظلم والاضطهاد وكان بحق نبراسا لرفاقه وحزبه على طريق النضال المرير على مدى ما يزيد على الخمسين عاما مضت كان في جلها عضوا في قيادة الحزب نستلهم منه قيم النضال ضد الطغاة والعنصريين والشوفيين الذين ساموا شعبنا سوء العذاب واليوم وبرحيل الرفيق العزيز إبراهيم صبري (أبا عز الدين) نكون قد فقدنا مناضلا كان له بصمة واضحة في منطقة عمله وبين رفاقه واصدقائه,وبهذه المناسبةالاليمة فإننا نعاهده ونعاهد رفاقه الذين عايشوه لعشرات السنينفي مراحل الصعبة بان نبقى أوفياء لقيمه وروحه النضالية العالية,وان نحافظ على ذكراه في قلوبنا ووجداننا.وأمام هذا الحادث الجلل,لا يسعني الا ان اعزي نفسي وجميع رفاق حزبنا الديمقراطي التقدي الكردي في سوريا,وكافة أصدقائه وانصاره برحيل هذا الرفيق العزيز والمناضل الشهم الذي افنى حياته وضحى بسعادته من اجل حقوق شعبه الكردي وحريته التي ظل حزبنا يناضل من اجل تحقيقها منذ تأسيسه.ننحني لتوديعك بإجلال أيها الرفيق العزيز,لك محبتي ومحبة رفاقك جميعا,ولك المجد والكبرياء.
عبد الحميد درويش
السليمانية1/3/2012