وقع المحظور إذاً؛ واخترق الكُرد الخطوط الحمراء التي كانت تحوُل دون تأجيج نار الصراع الأخوي. اليوم /7/ ضحايا وغداً لا يعلم المرء كم الرقم، واليوم هناك ولاحقاً لا دراية لأحد أين سيُسفك الدم الكُردي وبزنادِ مَنْ؟
حكاية اعتقال الشبان الثلاثة في “عامودا” من قِبل عناصر “الأساييش” كانت الشرارة التي أحرقت البيدر بأكمله؛ وبغض الطرف عن الدوافع والأسباب الكامنة وراء الحادثة؛ فإن التاريخ لن يرحم الجلاد ولا الضحية لأنهما أسرعا بإشعال فتيل الاقتتال (الكُردي – الكُردي) الذي باتت بوادره تُلوّح في الأفق رغم ضبط النفس الذي كان الكُرد يوهمون أنفسهم به عبر سنواتٍ خَلَت.
مع كل ما حدث ويحدث؛ يبدو أن الكُرد بمختلف انتماءاتهم الحزبية الضيقة لم يعوُا حتى الآن قواعد وأسس اللعبة السياسية ولا التفريق بين الخصم والصديق، وأثبتوا مُجدداً كما في السابق أنهم ليسوا مؤهلين لدخول حلبة الصراع السياسي ومقارعة أباطرة الخداع والنفاق.
فالذين أرادوا أن تكون حادثة الاعتقال طُعماً لاستجرار الكًرد للتهلكة نجحوا في مآربهم وكسبوا الرهان. بالأمس القريب كان الكُردي مُتفرّجاً ومسترخياً وهو يراقب المشهد عن بُعد دون أن يخسر شيئاً؛ أما اليوم هو صانع الحدث ويدفع فاتورة باهظة قد تُكلّفه جميع أوراقه التي يحتفظ بها في البورصة السياسية؛ وكل الأسف أن يُجبر على دفع ما ترتّب عليه من ديونٍ سابقة كان غافلاً عنها ويضطر حتى لتسديد الفوائد الربوية التي بالتأكيد ستُثقل كاهله، حينها سيُرغم على أن يكون مصيره كذاك الناسك المُتعبد الذي أمضى جل حياته في التفكير بما يخسره كل يوم من متعة الدنيا على حساب ما يطمع به في الآخرة؛ ولضعف إيمانه يكتشف أن ما يفكر به مجرد وهم؛ فلا نال من الدنيا الفانية شيئاُ ولا الآخرة الباقية وَفَت له بوعدها المؤجل.