من يقتفي اثر الحركة التحررية الكردية والكردستانية بالبحث والتنقيب سيجد الاتحاد الوطني الكردستاني شامخا في مختلف مراحل نضاله وسيجد ان الاتحاد -الذي نشأ من رحم المعاناة والخيبة اللتان رافقتا انتكاسة ثورة ايلول المجيدة – ثابر على النضال والمقاومة و تمكن بفعل الرؤية البعيدة لمؤسسيها الاوائل وفي مقدمتهم السيد مام جلال الطالباني من تحويل الانتكاسة والهزيمة الى التحدي والامل فآثر رفاق الاتحاد مع اعلان عن تأسيسه في منتصف السبعينيات من القرن الماضي ان يعملوا على استرداد روح المقاومة وتحطيم سيكولوجية الهزيمة لدى الانسان الكردي وقد نجحوا في تشكيل خلايا تنظيمية وسياسية في مدن وقصبات وقرى كردستان العراق وشكلوا مجموعات مسلحة وقدموا مجموعة كبيرة من المناضلين الابطال شهداء على درب الحرية والانعتاق والذين اصبحوا منارة لمن اتبعهم فيما بعد.
وقد لعب الاتحاد الوطني الكردستاني دورا كبيرا في الانتفاضة الاذارية المجيدة في كردستان العراق والتي ادت الى تحرير سائر ارجاء كردستان بما فيها كركوك ، ثم لعب دورا بارزا في ترسيخ الشرعية القانونية والسياسية بعد سقوط النظام الدكتاتوري الفاشي في العراق اثر تحريره على ايدي قوات الحلفاء وتمكن من تثبيت الفدرالية للعراق مع حليفه الاستراتيجي الحزب الديمقراطي الكردستاني ، تاريخ حافل بالنضال ومنعطفات تاريخية في كردستان كان للاتحاد الوطني الكردستاني بصمات واضحة في صناعتها الا ان هذا التاريخ لم يستطع ان يسعف صاحبه في الحفاظ على المكاسب البرلمانية في الاقليم اذ شكلت الانتخابات الاخيرة صدمة لجماهير الاتحاد وقياداته ولكن ما لفت نظر جميع المتابعين للشأن العراقي بشكل عام والكردي بشكل خاص شجاعة اعضاء المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني وتقبلهم للنتائج الاولية على الرغم من عدم صدور النتائج النهائية الى هذا اليوم وان دل هذا على شيء فإنما يدل على عراقة هذا الحزب واصالته وانسجامه مع القيم التي ينادي بها ويعمل من اجل تحقيقها وكأن حتمية التاريخ فرضت على الاتحاد الوطني الكردستاني ان يكون بوصلة كردستان العراق.
فكما كان مطلوبا من الاتحاد الوطني الكردستاني ان يبعث روح المقاومة والامل بعد انتكاسة ثورة ايلول فان الحتمية التاريخية فرضت على الاتحاد الوطني الكردستاني ان يكون عاملا في ترسيخ تجربة الديمقراطية في كردستان العراق وتعميقها من خلال قبوله بنتائج الانتخابات والعمل بموجبها بعيدا عن عقلية التمسك بالسلطة وتجاهل ارادة الناس كما هو حاصل في شرقنا الاستبدادي . ان عقلية الوقوف على الاسباب ومعالجتها وحدها كفيلة بتجاوز الكبوة وتحويل الهزيمة الى الانتصار كما حصل في الماضي القريب وعلى خلاف من ذلك التغني بالماضي المجيد واسترجاع الذكريات السعيدة والاختباء وراءها لا تجد نفعا وان الكثيرون ممن يعرفون الاتحاد الوطني الكردستاني مقتنعون بان الاتحاد الوطني الكردستاني بما يحمل من قيم الحداثة والديمقراطية والمعاصرة سيتمكن من النهوض والانطلاق على نحو اشمل واوسع مما سبق .