أغلب محاولات حل الأزمة السورية حتى الآن لم تتجاوز كونها محاولة تجنب الدخول من الباب ومحاولة للدخول من النافذة والقفز من فوق الحقائق، بما فيها محاولة اختزال الأزمة السورية بمشكلة الدستور.
.فأسباب اندلاع الأزمة السورية لم تزل قائمة والمشكلة تفاقمت عندما اختلف الروس والآمريكان في تفسير بنود اتفاق جنيف 1 كل حسب رؤيته ومصالحه وكان ذلك إيذانا بتدويل الأزمة السورية وإطالة أمدها إلى أقصى حد..طبعا الدستور شيء مهم في حياة الدول والمجتمعات فيما لو تم احترامه والعمل به، لكن الأزمة السورية لم تبدأ بسبب الدستور أو العمل به من عدمه، وإنما بدأت لأسباب كثيرة كانت قد تراكمت لسنوات طويلة ولسنا بصدد تفاصيلها في هذا المقال..والآن وبعد كل هذه السنوات العجاف وما لاقاه الشعب السوري من ويلات وحرب ودمار وارهاب، يأتي المجتمع الدولي والأطراف التي لها باع طويل في التدخل في الشؤون السورية لتختزل المشكلة السورية بتعديل بند في الدستور هنا أو هناك، وحتى وإن تم اعتماد دستور جديد، سيكون من الصعب جدا العمل به أو إجراء استفتاء عليه في ظل الظروف الراهنة حيث الارهاب الداعشي وخلاياه النائمة والفاعلة لا يزال يشكل تهديدا وتحديا كبيرين في العديد من المناطق، والاحتلال التركي والفصائل الارهابية التابعة له لا يزال مستمرا في مناطق واسعة من الشمال السوري، إضافة إلى وجود قوات أجنبية عديدة لا تزال تعمل بنشاط على الأراضي السورية، وحتى هذه اللجنة التي تم اعتمادها من جانب الأمم المتحدة والتي تتشكل من ثلاثة أطراف هي النظام والمعارضة إلى جانب قائمة قدمتها الأمم المتحدة، حتى في هذه اللجنة تم تغييب مكون أساسي من مكونات الشعب السوري وهو الشعب الكردي الذي يشكل القومية الثانية في البلاد ما يدل على عدم وجود نية للاستفادة من التجربة المريرة والقاسية التي مرت بها سورية خلال السنوات السبع المنصرمة والتي كان من بين أسبابها مثل هذه الأمور – أي عدم الاعتراف بالتنوع القومي والثقافي والتعددية السياسية مما أوصل البلاد إلى ما هي فيه الآن، وليست فقط سورية، إنما كل الدول التي لم تحل المشكلة الكردية لديها تعاني من هذه المشكلة منذ تأسيسها إلى يومنا هذا فهل ستتعظ أنظمة هذه الدول وتغير من نمط تفكيرها ومقاربتها لأوضاعها ومشاكلها الداخلية بشكل جذري؟ أم أنها ستستمر في سياساتها الخاطئة حتى ولو كلفها ذلك رحيلها وغيابها عن مسرح التاريخ والسياسة إلى الأبد ؟؟!!