مع استمرار تعقيدات الأزمة السورية بتجلياتها المختلفة، حيث احتدام الوضع السياسي والعسكري وتصادم المصالح بين روسيا وتركيا في منطقة إدلب حيث حدثت صدامات مباسرة بين القوات السورية والتركية أدت إلى وقوع قتلى وجرحى من الطرفين، والرئيس التركي يرفع يوميا من وتيرة تهديداته، وما يسبب كل ذلك من تدمير للمدن وسقوط للضحايا ونزوح واسع للسكان المحليين.
وكذلك استمرار الاستفزازات التركية ضد مناطق سيطرة ( قسد) ودوام احتلال الفصائل الإرهابية الموالية لتركيا لعفرين وگري سبي وسري كانييه ، وكذلك الباب وجرابلس وغيرها من المناطق السورية وارتكاب الفظائع بحق سكان هذه المناطق.
إضافة إلى تعدد القوات العسكرية المختلفة التابعة لدول عظمى على الأراضي السورية وتنازع النفوذ على هذه المناطق كما يجري بين الروس والأمريكيين في مناطق شرق الفرات، إضافة إلى التدخل التركي.
نقول إزاء كل هذه التعقيدات التي لا تزال تترجم على أرض الواقع بالمزيد من الضحايا والدمار والتهجير، لا تبدو في الأفق أية رغبة جدية لدى من يتحكمون بمسار الأمور والأحداث على الساحة السورية لإيجاد مخرح لهذه الأزمة المستفحلة.
في حين أن الحل الأنجع والمغيب حتى الآن هو اللجوء إلى حوار جدي بضمانات دولية بعيدا عن المراوغة والتكتيك وكسب الوقت والرهان على الحسم العسكري..
إن بوادر الدعوة الروسية لأحزاب كردية إلى حميميم قد تبدو مدخلا لحوار مثمر بين السلطة والجانب الكردي، وإن كان الأمر يتطلب وحدة الموقف والخطاب الكرديين، شريطة أن تتوفر، كما ذكرنا نوايا خالصة لإيجاد حل للقضية الكردية والاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سورية على أنه يشكل القومية الثانية في البلاد وان يفضي الحوار إلى إيجاد صيغة سياسية تضمن حقوق الكرد داخل الدولة السورية من قبيل الحل الفيدرالي أو إدارة ذاتية تتبع للمركز بموجب آلية يتم الاتفاق عليها، وكذلك ضمان حقوق المكونات الأخرى للشعب السوري..
وذلك يمكن أن يمهد للحد من مستوى التدخلات الخارجية في الوضع السوري عسى أن تتهيأ الظروق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة وبإشراف دولي مباشر لتخليص سورية وطنا وشعبا من هذه المحن المستمرة والمتلاحقة، وبخلاف ذلك ستتعمق الأزمة في هذا البلد الجريح وسيسير الوضع نحو المجهول.