في هذه الايام تمر السنة الثالثة من عمر الثورة السورية، لايزال النظام الاسدي مصرا على خيار القتل.
– لا أحد في هذا العالم لا يقر بأن هذا النظام قد تأخرت الثورة عليه عقودا، لأنه من أسوأ الانظمة في التاريخ المعاصر، نموذج تم تثبيته بقرار دولي- باركته امريكا والاتحاد السوفييتي ت2 1970 وهذه سابقة لم تحدث من قبل ولم تحدث طيلة عقود الحرب الباردة. حيث جاء نتيجة لنكسة 1967 وذيولها. لهذا إسرائيل كانت ولا تزال المدافع الأول عن هذا النظام، الذي أخرج سورية من معادلة أن تكون دولة طبيعية ومنافسة في عملية سلمية، إسرائيل لاتخاف عسكريا من سورية بالاسد وبغيره. لهذا وضعت العالم أمام خيارين: إما الاسد أو تدمير البلد، لأن البديل معاد لاسرائيل، وهذا بالطبع غير صحيح من زاوية واضحة لا تقبل الجدل، وهي أن الشعب السوري مع السلام. ودليل آخر هو ترحيب إسرائيل بتدخل إيران وحزب الله في قتل الشعب السوري إلى جانب شبيحة وجيش الاسد. لو اعتبرنا أن حزب الله مقاومة ضد إسرائيل، فإسرائيل تتركه يحتل جنوب دمشق لكي يقيم طوق مقاومة حولها، فيصبح على الجبهتين اللبنانية والسورية!!! نكتة. إسرائيل تريد لحزب الله الايراني أن يطوقها!! بناء على هذه المعطيات وغيرها، القوى الدولية الفاعلة تمارس شراكتها في قتل الشعب السوري، كل من مصلحته. لهذا السبب الاسد استمر في قتل الشعب هذه السنوات الثلاث. الشعب السوري لم يستسلم ولن، ليس لأن الموضوع متعلق بميزان القوى المتحرك، بل لأن الشعب السوري لم تعد تربطه اية روابط مع هذا الاجرام الايراني الاسدي الروسي.
– القوى الدولية التي تركت الشعب السوري يذبح، تحتاج لمعارضة تتساوق معها ونخب سياسية وثقافية سورية تتساوق معها ايضا، وترفض التدخل الدولي لحماية المدنيين من جهة، ونخب خفيفة سياسيا وبعضها أكثر خفة أخلاقيا من جهة اخرى. حتى لو كانت هذه النخب غير موجودة في صفوف المعارضة لكانت خلقتها!!! انظروا الآن من يتحكم بالمعارضة؟ لهذا نقد المعارضة لا يعني أن هذه المعارضة قادرة على تجاوز هذا الشرط الدولي الحقير، بل من أجل التخفيف من حدة حضوره ومشاركته في هذه الجريمة، بالطبع من ينظر لهذه النخب وكيفية ادارتها للعلاقة مع روسيا كمثال يعرف تماما زيفها.
– استطاعت الطبقة التجارية الدمشقية والحلبية تحت اشراف امني من الطغمة الاسدية أن تشتري وتبيع ببعض قوى الثورة، منضمة للمسيحية السياسية واللبنانية منها بشكل خاص المتحالفة مع حزب الله. لدرجة أنها اقامت مؤتمرات معارضة وتحالفات، اتت باسماء بعضها يعلن ارتزاقه!! وهذه الاسماء استطاعت جر الاكثرية معها، لنقارن بين ميشيل كيلو واحمد الجربا أو بين جورج صبرا ومصطفى الصباغ..
– التناقض السعودي القطري كان له مساحة كبيرة في شرذمة قوى الثورة بغطاء أمريكي قاده روبرت فورد السفير الامريكي السابق.
– تلغيم الثورة أمريكيا وبعض خليجيا وإيرانيا وروسيا وعراقيا واسديا بالطبع بالملثمين العراقيين والاجانب حاملي الرايات السوداء. اصبح لدينا ظاهرة الافغان العرب في الثورة السورية. وهذا ما أدى إلى شق التمثيل العسكري للجيش الحر الذي كان يحقق انتصاراته سوريا، وتحت العلم السوري للثورة.
– الاخوان المسلمون كانت حصيلتهم سلبية. والاسلاميون الجدد أكثر سلبية.
– شارك بالتظاهرات السلمية التي انطلقت في سورية، أكثر من نصف سكانها مطالبة بالحرية وأن الشعب السوري واحد. لاأظن أن هنالك ثورة بالتاريخ على نظام مجرم شارك فيها أكثر من 10% من سكان أية دولة حديثة أو معاصرة. ما يؤكد ذلك لو نظرنا إلى اعداد المفقودين والشهداء واللاجئيين في دول الجوار والعالم والنازحين من بيوتهم داخل سورية لوجدنا النسبة تتجاوز ال40% من سكان سورية، حيث أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى ان “الوضع خلال السنوات الثلاث الماضية منذ بداية الأزمة في سوريا تطور إلى كارثة إنسانية ذات أبعاد مروعة. فهناك أكثر من 9 ملايين من السوريين في حاجة إلى مساعدة عاجلة، بما في ذلك 6.5 ملايين نازح داخل بلادهم، نصفهم من الأطفال، يكافحون من أجل البقاء وسط القتال. وفر 2.4 مليون شخص آخرين من سوريا منذ كانون الثاني 2012، حيث لجأوا إلى لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر.
– هيئة التنسيق استطاع حسن عبد العظيم المتواطئ تاريخيا مع النظام أن يجير كثير من الاسماء المناضلة لمصلحة خط سياسي، كتبه هيثم مناع إيرانيا.
– النخب الثقافية ليست ثقافية، لأنها نخب عموما تتسم بالفجور..هذه ثقافة السلطة منذ عام 1970. نخب الكذب ديدنها. احتقار الآخر نوع من التبادلية التفاعلية بينها وبين السلطة ومفرزاتها. نخب تدعي العلمانية وهي طائفية بالعمق والسطح، نخب تدعي الديمقراطية وكل واحد فيهم لا يتحمل رأيا صغيرا مختلفا…
المجتمع السوري انكشف بشكل كامل، وانكشفت معه ما تركه هذا النظام فيه. ولا تزال بعض النخب تبحث عن تأسيسات ثقافوية، لا علاقة لها بجوهر الصراع بل بالعكس إنما، تزيده ارباكا. لاأظن أن سوريا واحدا ضد قيام دولة ديمقراطية، حتى الذين منهم الآن يزايدون اسلامويا. أظن أن مهمة النخب في هذه اللحظة الدموية العمل من أجل الحصول على ما يدعم الثورة في ميزان القوى القائم على الارض. التركيز على النشاط السياسي بشكل أساسي. لأننا مهما تحدثنا ثقافة، ومهما اسسنا من منتديات وجمعيات خارج مدى التأثير بالحقل السياسي بما هو حقل ميوازين قوى، تبقى محاولاتنا تذروها رياح المعلوماتية والتلفزيون.
– السؤال الذي يراود الكثيرون: ما الذي ابقى النظام الاسدي ثلاث سنوات، يقتل شعبنا ويدمر البلد؟ ثلاث اسباب جوهرية والباقي تفاصيل: الأول- المركب الاسرائيلي بما يعنيه غربيا. الثاني- طائفية السلطة وطبقيتها الفاسدة. الثالث- المركب الغربي الشرق اوسطي الفاسد أساسا من ضمنه إيران طبعا. أما روسيا فهي ليست أكثر من مافيا سلاح. الاسباب الأخرى ثانوية من مثل ضعف المعارضة، لأن هذا المركب الثلاثي لو لم يجد ضالته في المعارضة القائمة لاخترع غيرها وهذا ما حدث نسبيا. نعم باختصار الشعب السوري واجه كل هذه القوى متفرقة احيانا ومجتمعة أكثر أحيانا..لهذا سيستمر الدم في سورية، ما لم يتغير هذا الثلاثي اللا أخلاقي… وهذه مهمتنا كمعارضة بالدرجة الأولى وعلينا واجب العمل بهذا الاتجاه أكثر من أي عمل آخر..لأن امكانية اختراق هذا الثلاثي بالمصالح دوما قائمة..لا ازرع اليأس ولا ادعو للتفاؤل، ولا استثني نفسي من هذا النقد أعلاه، لكن الثورة هذه ليست معركة عسكرية كما يتوهم الاسد، بل هي مسار لن يتوقف بحكم طبيعة الامور وما انفتحت عليه هذه الثورة…ثلاث سنوات منذ 18 آذار في حوران شعبنا وحيدا يدفع الثمن..
نقلا عن موقع ايلاف