الناس الاثرياء دائما لديهم بدائل واختيارات وحلول حتي حين يعتقد الاخرون انهم قليلو الحيل. والناس الاثرياء لاتظهر عليهم علامات الاحتياج حتى وان جارت عليهم الايام. والناس الاثرياء دائما مضيئون كعلامات فسفورية مشعة يسترشد بهم الناس فى الظلام الدامس. والناس الاثرياء دائما لديهم مايكفيهم من الحرية ولا يستطيع كائن من كان أن يحد من رحابة فضائهم. والناس الاثرياء لاتعلق بهم سفاهات الناس، فهم ينفضونها كغبار الشوارع ويواصلون المسير. والناس الاثرياء يحبون جميع الناس ولاتعلق الكراهية بقلوبهم،فهم يعرفون أنها شعور مدمر يسلب الانسان رصيده من السلام مع النفس ومع الناس ومع الخالق. والناس الاثرياء لا يبحثون عن ثراء المادة لكنها تسعى اليهم، وان حدث لايكون غناهم كغنى الشبع بعد الجوع لكن المادة في ايديهم لها شأن اخر فجيتس ونوبل وفورد وغيرهم كثر لم يعرف عنهم انهم تصرفوا فى مليارانهم كسفهاء. وأثرياء العقول يولدون اثرياء ويموتون اثرياء مهما حاول الناس إفقارهم وبث سموم أحقادهم ومؤامرتهم التى يصنعونها فيهم. والناس الاثرياء أقاموا دولة من العدم فى ثمانية أعوام ولم يقيموا احتفاليات عويل وصراخ على اللبن المسكوب،فنهض اليابانيون ونهض الالمان ونهضت أمم كثيرة لأنهم أثرياء، أثرياء الفكر والعقل والبصيرة والمعرفة والثقافة. والناس الاثرياء لايتركون أبواب أدمغتهم مفتوحة كصناديق المخلفات فى الشوارع يلقى فيها كل عابر سبيل فضلاته، لكنهم يتحكمون فيما يسمعون وفيما يقرأون وفيما يشاهدون. والناس الاثرياء لايرون سوى الخطأ لأن الصواب هو نموذجهم المحتذى به، وأى خروج عليه معناه صفارات إنذار تزعجهم وتقلق مضاجعهم ولا يستريحون إلا بعد تصويب الخطأ. والناس الاثرياء لايعرفون العنف فالسلم منهجهم وسلاحهم المقاوم هوالكلمة والحرف والنغمة والريشة والإزميل والكاميرا وهى ليست أسلحة قتال لكنها أسلحة معرفة إنسانية تحارب الشر فى الانسان. والناس الاثرياء وجوههم سمحة وملامحهم مريحة وأصواتهم خفيضة مرهفو الاحساس قصبة مرضوضة لايكسرون وفتيلة مدخنة لايطفئون. ولقد دخلت بيوت أعزاء قوم احتاجوا بعد عز باعوا كل شيئ لكن ظلت أنوفهم مرفوعة ولم يضطرهم الاحتياج لتغيير مبادئهم وظلت هيبتهم سائدة رغم عوزهم. والناس الاثرياء هم من يصنعون التاريخ ويصوغونه وتكتب أسمائهم بحروف من نور تقرؤها الاجيال جيل بعد جيل. والناس الاثرياء دائما ماينظرون للأمام، إلى المستقبل، فالماضى ولى ولا أمل فى رجوعة فقد مات ولم نعد نملكه أما المستقبل فهو الحياه،وفى مجتمعاتنا الموبوءة هم أقليات وغالبا ما تضيع آراؤهم وسط ضجيج الرعاع فقراء المعرفة والثقافة والفن والعلم. والناس الاثرياء ينتجون علما ومعرفة وأدب وموسيقى وفنون منتجات تيسر حياة الناس وترقق مشاعرهم. والناس الأثرياء يهابهم الناس فثراء المعرفة ينعكس مهابة على الوجوه. والناس الأثرياء موجودون فى كل عرق ولون ودين موجودون كملح الأرض ومنهم تخرج الزعامات التاريخية التى تغير مسار التاريخ. بالطبع نحن نتكلم عن أثرياء العقول أثرياء الفكر أثرياء البصيرة أثرياء العلم أثرياء الثقافة أثرياء المعرفة ولا نتكلم عن أثرياء المادة فهؤلاء فقراء يولدون فقراء ويموتون فقراء حتى لو طفح الثراء من عتباتهم ولا يحتفظ لهم التاريخ بذكر، فهم لم ينتجوا شيئا يبقى للانسانية لافكر ولا إبداع ولا ثقافة ولا معرفة، وهم دائما سائرون يلوون أعناقهم إلى خلف إلى الماضى إلى الموت إلى العدم ويظلون هكذا يسقطون فى الحفر ويضيع منهم الطريق ويسيرون بلا هدى كطعان نوق تائهة فى الصحارى، ومنتجهم الرئيس عنف وقتل ودماء ناهيك عن أطنان من الهراء وملوثات الماء والهواء وهم يعتقدون أن المادة تستطيع صنع حضارة وهو وهم كبير فالحضارة تنبت فى أرض يرويها أصحابها بجهدهم وعرقهم ومعرفتهم وعلمهم وفكرهم وثقافتهم وموروث جيناتهم.
نقلا عن ايلاف