تحل يوم الأربعاء (6/4/2014)، الذكرى التاسعة لانتخاب أول شخصية كردية رئيساً للعراق الفدرالي، هذا الحدث الكبير الذي شكل إنعطافة تاريخية هامة في مسيرة نضال الشعب الكردي، حيث أنتخب الرئيس الطالباني في مثل هذا اليوم من عام 2005، رئيساً في أول انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة بعد سقوط الطاغية صدام حسين ونظامه الدموي المقبور.
لاشك أن هذا الحدث التاريخي الكبير، شهد اهتماماً دولياً وإقليمياً ومحلياً منقطع النظير، وكُتِبَ حوله الكثير، إلاّ إنني في هذه المناسبة أريد أن أعود إلى ما قاله أحد القروين الكرد في سوريا ببساطته حول أهمية هذا الحدث الذي بات يشكل نقلة نوعية في نضال الشعب الكردي.
عند الإعلان عن انتخاب الرئيس الطالباني، صار الحدث موضع حديث الكرد في كل مكان، ومن بينهم المرحوم (ابراهيم كوري)، الذي تحدث بفكاهته المعهودة وهو على فراش الموت، إلى المجتمعين من حوله الذين كانوا يواسونه وهو يحتضر، فقال لا يهمكم مرضي أعرف إنني سأموت ولكن وصيتي لكم هو أن تدفنوا معي مصحفاً، فتعجب الحضور المجتمعين حوله عن وصيته هذه، فأجابهم قائلا: هل تعرفون لماذا أوصيكم بهذا، لأن الموتى في هذه المقبرة كلهم من معارفي، وسوف يسألونني فور وصولي إليهم حول ما أحمله إليهم من أخبار هذه الدنيا، فسأقول لهم بأن مام جلال أصبح رئيساً للعراق، وبكل تأكيد فإن ساكني المقبرة من الموتى سوف يكذبونني ولن يصدقوا هذا الخبر العجيب، عندئذ لابد لي من مصحف أحلف لهم عليه بأن ما أقوله هو الحقيقة..
هذه الحكاية البسيطة تعكس بمرارة حقيقة ما هو واقع اليوم والذي كان يعتبر حلماً مستحيل التحقيق بالنسبة للذين غادروا هذه الدنيا من الكرد قبل تاريخ السادس من نيسان 2005، وها قد تحقق هذا الحلم في شخص مام جلال الذي جعل كرسي الرئاسة تكبر به وبأدائه المميز الذي شكل قاسماً وطنياً مشتركاً بين مختلف مكونات الشعب العراقي، وخيمة تجمعت تحتها الفرقاء بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم القومية والدينية والفكرية، وكبر منصب الرئاسة بدوره المكوكي الفعال في تطويق الخلافات وحلها، هذا الدور الذي وصفه السيستاني بصمام الأمان للعراق الفيدرالي..
نحتفي اليوم بهذه المناسبة العظيمة، بينما فخامة الرئيس الطالباني غائباً عن مهامه بسبب الجلطة الدماغية التي حلت به في (17 ديسمبر 2012 )، والتي نقل على إثرها إلى ألمانيا في رحلة علاجية مازالت مستمرة حتى اللحظة مع الأسف الشديد، لتبقى العراق وكردستان بغيابه أمام تحديات قومية ووطنية كبيرة معقدة، وهذا ما يؤكده السيد نيجيرفان البارزاني رئيس حكومة الإقليم في رده على سؤال أحد الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الخميس (13/3/2014) في اربيل، حيث قال: أن غياب سيادته وخاصةً في هذه المرحلة، كان له تأثيراً واضحاً في ظهور الكثير من المشاكل وتفاقمها، وخاصةً بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، إضافةً إلى باقي المكونات السياسية المختلفة ضمن الساحة السياسية في العراق، حيث أن دور وحضور فخامة الرئيس طالباني، كان هو المحور الذي يلتف حوله وتتقارب جميع الأطراف السياسية بمختلف أطيافها واتجاهاتها.
وبهذه المناسبة التاريخية، نتوجه بالتحية والإجلال لمام جلال متمنين له الصحة والعافية، ونحن متأكدون بأنه سيعود في القريب العاجل إلى كردستان معافى، فهو كالعنقاء ينبعث دوماً من تحت رماد الكوارث والأزمات شامخاً، حاملاً معه التفاؤل أينما حل.
علي شمدين/ السليمانية