نشرت وسائل الإعلام مؤخراً تصريحات عنصرية مسمومة للمدعو أسعد الزعبي (رئيس وفد المعارضة في جنيف3)، يحتقر فيها
الشعب الكردي ويستهزئ بـ(آدميته)، ويشطب بجرة قلم على حقيقة وجوده كثاني اكبر قومية في البلاد، وقد أثارت هذه التصريحات حملة واسعة من السخط والاستنكار لدى الجماهير الكردية في سوريا، وأثارت كذلك أصوات عربية متضامنة وحريصة على العلاقات التاريخية بين الشعبين، مثلما ألهبت في المقابل حقد الشوفينيين وحماسهم في التحريض على الكرد وتشويه صورتهم والتشويش على قضيتهم القومية.
لاشك بأن التاريخ شهد الكثير من هذه الأصوات الحاقدة على الوجود الكردي إلى درجة وصفه بالسرطان في جسد الأمة العربية وضرورة بتره وفي مقدمتهم العنصري السيء الصيت محمد طلب هلال، وقد اندثرت تلك الأصوات بينما الشعب الكرد مازال باق على أرضه التاريخية، وإن وريثه أسعد الزعبي هو أحد تلك الأصوات الشوفينية اللئيمة وسيندثر صوته أيضاً بكل تأكيد ويزول.
ولكن المثير في تصريحاته هو الموقع الإعتباري الذي يشغله هذا الشوفيني الأعمى كرئيس لوفد المعارضة السورية في المفاوضات الجارية مع النظام في مؤتمر جنيف3، ولهذا فإن مسؤولية مواجهته تقع على عاتق من يمثلهم من دون استثناء ولاسيما على عاتق الممثلين الكرد ضمن وفده، الذين وقفنا إلى جانبهم من دون تردد وحملناهم مسؤولية الدفاع عن قضية الشعب الكردي في سوريا، إلاّ أنهم بدلا من ذلك سارعوا مع الأسف الشديد إلى تبرير تلك التصريحات على إنها قديمة وشككوا في توقيت إثارتها وقالوا بأن المخابرات السورية هي التي تقف وراء ذلك، وبرروا موقفهم هذا بإنه استجابة لطلب (أصدقائهم) الأمريكان.
وهنا لابدّ من التأكيد بأن تصريحات شوفينية كهذه التي صرح بها شخص يحتل موقعاً بهذا القدر من الأهمية وأيّ كانت الجهة التي أثارتها، فهي لاتموت بالتقادم كما يدعي البعض ولاينتهي مفعولها بمرور الزمن، خاصة وإنه لم يبادر بنفسه إلى تقديم أيّ إعتذار واضح وصريح عما قاله بحق الكرد، لابل قام بتأكيدها من جديد عبر وسائل الإعلام المختلفة.
لقد وضع الزعبي بتصريحاته العنصرية الملح في هذا الجرح العميق والملتهب في جسم الوحدة الوطنية، وأخرج المواقف الشوفينية الكامنة تجاه القضية الكردية في سوريا دفعة واحدة إلى العلن، في وقت تمر فيه البلاد بكارثة بشرية خطيرة لاتحتمل المزيد من الفتن المثيرة للحقد والتمييز القومي والطائفي الذي ظل (البعث) يثيره ويغذيه على مدى نصف قرن مضى.
ولهذا لابديل عن الإسراع في الإعلان عن انسحاب الممثلين الكرد من الوفد المفاوض والعمل على حشد الرأي العام العربي للضغط باتجاه طرد الزعبي من رئاسته، والإلحاح في المطالبة بتضمين الحقوق القومية للشعب الكردي في وثيقة المبادئ التي أعدها المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا والتي تخلو حتى اللحظة من أيّة إشارة إلى هذه الحقوق، ولاشك بأن الضمانة الرئيسية للنجاح في هذا الاتجاه هي المبادرة الجادة إلى ترتيب البيت الكردي الممزق، والإصرار على المشاركة في هذه المفاوضات بوفد كردي موحد، عندئذ فقط سيقرّ الزعبي وأمثاله صاغرين بـ(آدمية) الكرد ليس إلاّ !!.
28/3/2016
*- عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا