بعد مضي سنوات عشر من عمر الأزمة السورية ، والخراب والدمار الذي أُلحق بالمدن والبلدات والقرى السورية من أقصاها إلى أقصاها ، وبعد تدهور الحالة الإقتصادية والمعيشية للشعب السوري ، والهجرة والتهجير القسري الذي لم يشهده العالم مثيلاته بعد الحرب العالمية الثانية والتي وصفتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بأنها الأسوء والأفظع بعد جرائم النازية والفاشيةالذي مارسه نظام البعث البائد والذي حوَّل سورية بتعنته وجبروته وصلفه إلى ساحة لتصفية حسابات الدول الأقليمية والعالمية مثل(الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران وتركيا)ومرتعاً خصباً للتنظيمات والفصائل الجهادية من حزب اللات اللبناني وعصائب أهل الحق العراقي والحرس الثوري الإيراني والفصائل المسلحة الإجرامية التي ترعاها وتمولها الحكومة التركية كجبهة النصرة وأحرار الشام والشرقية وغيرها من الجهاديين الأفغان والشيشان الذين يعيثون فسادا وخرابًا في عفرين وسرى كانيه وگری سپی.
ومع كل ذلك لا يزال الحراك السياسي الكوردي وخاصة طرفي المعادلة :
المجلس الوطني الكوردي وأحزاب الوحدة الوطنية تدور في حلقة مفرغة وتمارسان سياسة التفرد والإقصاء الممنهج اللذان يمارسانه منذ بداية الأزمة السورية وحتى اليوم دون مراعاة للقيم والمبادئ التي ينادون بها يومياً في إعلامهما المقروء والمرئي والمسموع بأنهما مع وحدة الصف الكوردي ويعملون ليل نهار من أجل المشروع القومي الكوردي..؟؟!!وأخوة الشعوب وتحقيق المطالب المشروعة لشعبنا الكوردي التواق للحرية والأمن والأمان .
والآن ورغم تجاوزهما المرحلة الأولى من الأتفاق:
((الكوردي-الكوردي ))إلا أنهما لا يزالان يدوران في حلقة المصالح الحزبية الآنية الضيقة وتوزيع المناصب والإمتيازات وعدد المقاعد اللذين سينالهما لاحقاً .
وقد تبين أنهما لايزالان يمارسان سياسة الإقصاء والتهميش والتفرد بالقرار السياسي الكوردي وذلك بإبعادهما أحزاباً كوردية رئيسية لها وزنها وثقلها السياسي والجماهيري في الساحة الكوردية السورية ويحظون بثقة أصحاب القرار في الأزمة السورية :
((المحلية والإقليمية والدولية))وكل ذلك لا يخدم الشعب الكوردي في كوردستان سورية ولا قضيته القومية بل يزيد الشرخ ويعمِّق الخلاف بين أحزاب الحركة السياسية الكوردية ويزيد العداء والخصومات والتي نحن بغنىً عنها في وقت نحن أحوج ما نكون إلى صفاء النيات وخلق الظروف والمناخات والتي من خلالها تهيئة الظروف والفرص التي تفضي إلى خلق مرجعية كوردية مستقلة تكون لها قرار (الحل والربط) في جميع المحافل (( المحلية والإقليمية والدولية ))ولإعادة ثقة الجماهير الكوردية بها التي طالما إفتقدتها خلال السنين العشر من عمر الأزمة السورية وذلك بتحالفاتها الخلبية والهشة مع الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضةالسورية ؟؟؟؟!!!!والتي أثبت فشلها وذيليتها لقرارات العثمانلي القزم أردوغان وأجنداته الإخوانية الزائفة .
ونحن في الحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي في سورية كنا ولا زلنا من الداعين والساعين إلى وحدة الخطاب الكوردي وأطلقنا العشرات من النداءات طيلة السنوات الماضية من أجل الجلوس على طاولة واحدة والإتفاق على الحد الأدنى من تفاهمات بين الحركة السياسية الكوردية ولكن وبكل أسف وحسرة نقولها:
كل تلك النداءات والدعوات لم تلق آذاناً صاغية ولم تلتئم شمل حركتنا السياسية الكوردية فراحت (( عفرين وسري كانيه وگری سپی )).
وكنا من المرحبين والمصفقين لمبادرة الأخ مظلوم عبدي والذي يدعو إلى الإتفاق ((الكوردي-الكوردي ))والتزمنا جانب الصمت في كل هذه المدة الطويلة من الحوارات ولا زلنا نلتزم الصمت إلى أن يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وعندها سنعلن عن موقفنا بكل جرأة وموضوعية وذلك جهاراً نهاراً وسنبيِّن للعالم أجمع ما جرى خلال كل تلك الفترة الماضية وهذه المفاوضات الماراثونية والتي استغرقت قرابة الستة أشهر علماً أن مفاوضات الحزب الديمقراطي الكوردستاني -العراق
والإتحاد الوطني الكوردستاني لم يستغرق سوى ثمانية عشر يوماً في أواخر تسعينات القرن الماضي.
وهذا يدل دلالة قاطعة بأن راعي هذه المفاوضات (أمريكا )هو من يماطل ويزيد من الشهور وربما السنوات حفاظاً على مصالحه وأجنداته الإستراتيجية وضرب عشرات العصافير بحجر واحدة .
ولذلك على الحركة السياسية الكوردية استغلال هذه الفرصة الذهبية وخاصة الطرفين المتحاورين (المجلس الوطني الكوردي وأحزاب الوحدة الوطنية وحل الخلافات بينهما بأساليب عصرية وموضوعية بعيدة عن الأساليب الإلتوائية من إقصاء أو تهميش أو منافع شخصية.
ألمانيا 16 / 8 / 2020