مضى عامان على ثورة الحرية والكرامة ولايزال الشعب السوري بكافة مكوناته من أقصى البلاد إلى أقصاه يزداد تصميما واصرارا على مواصلة مسيرة النضال ويقدم آلاف الضحايا من خيرة أبنائه على مذابح الحرية ويواجه بصدور عارية أعتى و أشد الأنظمة عنفا وقساوة على مر التاريخ وبعزيمة لا تلين يطالب برحيل النظام الشمولي بكافة مرتكزاته الأمنية الذي خلف وراءه طيلة أربعة عقود فسادا سياسيا واقتصاديا وثقافيا لا مثيل له ويسعى لبناء نظام برلماني ديمقراطي ليبرالي تشاركي لكل أبناء سورية دون تمييز أو اقصاء مكون على حساب الآخر مرجعيتهم دوما في إدارة شؤونهم وتباين آرائهم صندوق الاقتراع.
ويرى الكثير من المحللين السياسيين أن بوصلة الثورة السورية قد انحرفت عن مسارها الحقيقي التي انطلقت من أجلها الثورة ألا وهي انتزاع حرية وكرامة المواطن السوري المهدورتين منذ أكثر من أربعين سنة .
بيد أن الثورة قد بدأت منذ انطلاقتها سلمية بامتياز عن طريق المسيرات والاعتصامات السلمية التي عمّت وامتدت إلى كافة المدن والبلدات والقرى في أرجاء الوطن إلا ان النظام غضّى الطرف عن كل ما يجري ويحدث واعتبر هذا البركان الجماهيري و السيل الهائج من الشعب عبارة عن أناس خارجين عن القانون ومجموعة من المخربين لا يريدون الخير لسورية وشعبها لذلك ارتأى النظام أن الحل الأمني من أنجع الحلول لِكَم أفواه هؤلاء المحتجين ولجأ إلى قمع المتظاهرين العزل بوحشية لا مثيل لها وهكذا بدأ سيناريو القتل الممنهج بشكل يومي ناهيك عن المجازر الجماعية والدمار والخراب للبنى التحتية وظل المجتمع الدولي متخازل ومتفرج وكأنهم يتابعون فلم حربي وثائقي من أيام الحرب العالمية ولم يحركوا ساكن ولم يأتوا بشيء جديد داخل مجلس الأمن أو خارجه سوى تصريحات خجولة ومؤسفة من قبيل الشجب و الإدانة والاستنكار وهنا فقد الشعب السوري الأمل من أي دعم خارجي يناصره على متابعة مسيرته السلمية ووقف المجازر بحقه لذلك غيّر من استراتيجيته ولجأ إلى الكفاح المسلح للدفاع عن النفس والكرامة والممتلكات في صراع غير متكافىء مع نظام قمعي يحرق الأخضر واليابس لا تميز آلته العسكرية الفتاكة بين طفل أو مسن أو امرأة وفي قصف عشوائي جوا وبرا وبحرا على شعبه الآمن الذي يطالب بالحرية والكرامة فقط .
وبعد إطالة امد الثورةو فشل المبادرات الدولية والعربية التي خرجت بعد مخاض طويل بقرارات هزيلة في أروقة الأمم المتحدة والجامعة العربية التي أثبتت فشلها على أرض الواقع بسبب احتدام الصراع الدولي على تقاسم الكعكة ولم يخرجوا بحل توافقي يرضي الضمير الانساني من دعاة حقوق الانسان وايجاد مخرج لهذا الصراع الذي لا يوجد فيه منتصر أو مهزوم ويدفع فاتورته الشعب السوري على حساب الدمار و الخراب الذي يلحق باقتصاده وتشريد الملايين من أبنائه إلى الدول المجاورة وبات المجتمع الدولي ميؤوسا من الحل بحجة تشابك وتضارب الآراء الدولية و الاقليمية والداخلية لذلك تسللت إلى الداخل السوري الكثير من أجندات تلك الدول من المنظمات الارهابية والمرتزقة والمأجورين لتثبت وجودها وسيطرتها على الأرض تحسبا لسقوط مفاجى للنظام لذلك بادروا الى تنشيط وتغذية الخلايا النائمة لادارة الثورة كل على طريقته وايدولوجيته الخاصة التي تخدم مصلحته .
وبرز هذا النموذج في سري كانيه في المناطق الكردية في شمال سورية وكانت فتنة مفتعلة عرابها تركيا التي لا تعترف بوجود الشعب الكردي لا ضمن أراضيها ولا خارجها وبالتنسيق مع غلاة الشوفينيين من بعض العشائر العربية الذين تعششت في مخيلتهم أفكار الشوفيني القومجي محمد طلب هلال الذي بدوره فطمهم على لغة الاقصاء والانكار لوجود الشعب الكردي الذي حرم من أبسط حقوقه القومية وعاش غريبا في وطنه في ظل النظام الشمولي الجاثم على صدور الشعب السوري لعشرات السنين .
وللحقيقة والتارخ أن الشعب الكردي كان سباقا في مشاركة ومؤازرة الثورة السلمية في أماكن تواجده ولم يتراجع قيد أنمُلة حتى هذه اللحظة ولم يألُ جهدا في ايواء و استضافة اخوته العرب و المهجرين من بطش شبيحة النظام من المحافظات الأخرى وباتت المناطق الكردية ملجأ آمنا وصدرا دافئا لعائلات المناطق المنكوبة.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا , هل سقوط النظام في سري كانيه ؟ بالتأكيد لا وإنما يتخذون من تدخلهم ذريعة لإنهاء الوجود الكردي وضرب استقراره وخلق حالة من الذعر والتهجير والفوضى لسلب ونهب ممتلكاته، و لهذا اتخذ اهالي المنطقة قرارهم الصحيح بالدفاع عن أرضهم و بيوتهم و ممتلكاتهم حيث شارك كوادر الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا مع قوات الحماية الشعبية في التصدي لهذه المؤامرة التي كانت ادواتها مجاميع مسلحة انتحلت اسم الجيش الحر .
ولقطع الطريق أمام الحجج الواهية لتدخلهم لم ينفرد الشعب الكردي في ادارة مناطقه المحررة من النظام لوحده ولم يقصي أحدا من المكونات بل صاغ نمطا جديدا من الادارة للمدن و البلدات يديرها لجان السلم الأهلي من كافة الشرائح , وهذه التجربة أثبتت نجاحا ملحوظا و ارتياحا من الجميع , وهنا أناشد كل مواطن غيور على امن وسلامة الوطن ضمن أطر المعارضة أو خارجها أن يتفقوا على كلمة سواء في ما بينهم ونبذ الخلافات الجانبية التي من شأنها إضعاف وتيرة النضال والتخفيف من هيبة الثورة في مواجهة النظام القمعي الهمجي المهيمن على كافة مفاصل السلطة وحرمان الشعب من أبسط الحقوق والحريات العامة و أن نكون يدا بيد في خندق واحد شعارنا دوما ” واحد الشعب السوري واحد ” لأن قوتنا وانتصارنا في وحدتنا نبني سوريا المستقبل لجميع مكوناتها دون تمييز أو اقصاء سورية علمانية ديمقراطية اتحادية تعددية حرة ينعم أبنائها بالأمن و الاستقرار ويتمتع الشعب الكردي بحقوقه القومية كثان أكبر قومية في البلاد حسب المواثيق و الأعراف الدولية .