يبدوا للمتتبع كان هناك ثمة ضغوطات قوية ذات فعالية وتأثير على جميع الفصائل والجماعات السياسية الكردية في سوريا للذهاب الى دهوك بدون شروط مسبقة لترتيب بيتهم المهدوم والممزق وبنائه بأعمدة من الحديد الصلب والفولاز بدلا من التراب والطين وترميمه بما يليق والشرق الأوسط الجديد خلال فترة زمنية وجيزة و محدودة لضيق الوقت.
فالحرب في مدينة كوباني ربما يستمر بالكر والفر بين القوات الكردية وارهابيي داعش في كافة الجهات وعلى مجتلف الجبهات لحين انتهاء المجلسين الكرديين من تطبيق ما تم الاتفاق عليه والمهام الموكولة اليهم والمطلوب منهم بعيدا عن التحجج كما كان عليه الحال سابقا .
ولا يمكن لهذه المدينة المدمرة ميدايا أن تنتصر سياسيا الا بتوافق الأطراف الكردية على نوع وشكل وهيكل المرجعية السياسية المزمع تشكيلها وبناء جيش قوي قادر على حماية المناطق الكردية من الهجمات البربرية لداعش وحماية المصالح الاستراتيجية القريبة والبعيدة للولايات المتحدة الامريكية على صعيدين المحلي الكردي والوطني السوري فان وجود البيشمركة فيها ما هي الا لتهيئة الأجواء وتأمين غطاء أو ملاذ شرعي يسهل الاتصال بينهم لحسم المعركة لصالحهم وتنفيس الجو المشحون بين الأطراف المتصارعة على السلطة في غرب كردستان وتوزيع الادارات والهيئات والمراتب على اساس المحاصصة ليصار بعدها الى اجراء انتخابات حرة ونزيهة تنبثق عنها تشكيل البرلمان والحكومة الكرديين على كامل الجغرافية السياسية في المناطق ذات الغالبية الكردية في سورية .لادارة مناطقهم بأنفسهم من خلال بناء مؤسسات خاصة بهم ببنيتها التحتية المرتكزة والشخصية الاعتبارية المستقلة ورؤية مستقبلية سليمة وتوحيد الخطاب السياسي وفق الواقع الجديد والمعطيات الجديدة على المستويين الشرق الاوسطي والدولي .
والتفرغ بعد ذلك للمسألة السورية لايجاد مخرج لها للحل السلمي لاطلاق مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع .المعارضة والنظام في جنيف ومشاركة الكرد هذه المرة ككتلة مستقلة بقبول المفاوضين المتنافسين ,وتصريحات موسكو الاخير ببقاء الاسد من عدمه تزامنا مع وجود الرئيس السابق للائتلاف السيد احمد معاذ الخطيب لديها والتحركات الدبلوماسية للمبعوس الاممي والعربي ستيفان ديمستورا وقبول الاسد لمشروعه والتي تنص على تجميد القتال في حلب ومحيطها ما هي الا بداية لانشاء مناطق أمنة ولاتفاقيات جديدة قادمة .
فالاستراتيجية الامريكية لا تتضمن اسقاط النظام في هذه المرحلة فالاولوية لديها الأن هي ضرب تنظيم داعش بتلقينه درسا وتقليم أظفاره من دون القضاء عليه وذلك لاستخدامها ضد بعض القوى الاقليمية في المنطقة وقد تستغرق حربها هذا سنين طويلة ,وبالتالي فان مشروع داعش الميداني والسياسي يلتقي موضوعيا مع المشروع الامريكي في المنطقة فيعتبر احدى ادوات التفتيت الفعالة للشرق الاوسط عموما .فالكل يحسب له الحساب ويهاب منه .فهناك مشاريع عديدة ملتهبة تحاك في كوباني ولكن كلها ستصطدم بالخط الاحمر الامريكي في جنوب و غرب كردستان فالورقة الكردية هي الورقة الرابحة فمن يربح الكرد يربح الشرق الاوسط وبدون شك فان انتصار كوباني ستكون انتصار للورقة الكردية وهي التي ستحدد في النهاية معالم وخرائط جديدة المنبثقة عن الحرب والازمة المستفحلة الراهنة لأن القوة الصاعدة هي قوة الأكراد.فكل المعطيات تؤكد ذلك حيث اننا رأينا كيف تهافت العالم الغربي بكل ثقله وتسارع لنجدة الكرد في العراق ونجدة اهلنا في شنكال وفتح طرق تأمين والامدادات الاغاثية العاجلة للعالقين في الجبل ,وتسليح البيشمركة وتدريبهم لتكون قادرة على مواجهة المتطرفين والاسلاميين المتشددين .
وصولا الى دفع القوى الكردية في سورية واجبارهم الجلوس معا على المائدة المستديرة في دهوك وباشراف وتدخل المباشر من الرئيس البارزاني ,وتوقيعهم الاتفاقية ما هي الا للتصفيق على الاستراتيجية الامريكية المزمع بناءه واستكماله في تشكيل المرجعية السياسية الكردية .
لذا فان انتصار كوباني يعني انتصار لرؤية ومشروع الامريكيين المتجسدين في اتفاقية دهوك وبالتالي اسقاط المشروع التركي الهادف لاسقاط كوباني .