كل المعطيات والدلائل تشير الى ان الشرق الاوسط مقبلة على تغيرات جديدة, هذا ما نستنتجه من التحركات الدبلوماسية لقوى اقليمية وعالمية كبرى المؤثرة على الازمة السورية , كسابقاتها من الازمات التى حدثت في كل من تونس ومصر وليبيا , على الجغرافيا السياسية لتنفيذ مخطط اعد له مسبقا في البنتاغون , لضمان أمن الولايات المتحدة , والحفاظ على المصالح الحيوية لهل في الخليج والشرق الاوسط , و هنا لابد ان استطرد ما ذكره الرئيس الامريكي الاسبق ريتشارد نيكسون في كتابه /امريكا والفرصة التاريخية/ , بأن اي تهديد او خطر على المصالح الحيوية للويلايات المتحدة ، يعني بها ,/ منطقة الخليج والشرق الاوسط/ عليها ان تستخدم القوة العسكرية, دون قيد او شرط , حتى ولو بقرار انفرادي ,لدرع الخطر , وفي سياق اشارته الى الكورد في الكتاب ذاته , يقول يجب على امريكا ان تتعاطف مع الاكراد كما تعاطفت مع اليهود اثناء الحرب العالمية الثانية , لا لكون الكورد يشكلون قوة عسكرية ضارية , بل لانهم تعرضوا للغبن والاضطهاد الشديديين , وانهم يسكنون المنطقة منذ اكثر من خمسة الى ستة آلاف سنة وإن القدر والظروف الموضوعية وتضارب مصالح القوى الكبرى حالت دون تأسيس دولة كردستان اسوة ببقية شعوب المنطقة , حيث لا يوجد شعب في العالم بهذا الكم والعدد , وفي موقع جغرافي مهم واستراتيجي , كالشعب الكوردي ترزخ تحت الاحتلال الثلاثي /العرب والطورانيين الترك والفرس المجوس/ , والآن وبعد مرور سنتين على الثورة السورية وانسحاب قوات النظام من مناطق شمال شرق البلاد ذات الغالبية الكوردية وسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي المتعاطف مع حزب العمال الكردستاني , على تلك المناطق , تئن سكان تلك المناطق من الفقر المقيت , والنقص الحاد في المواد التموينية الضرورية , وغلاء الاسعار بشكل فاحش, علاوة الى افتقارهم الشديد للخدمات الاساسية كالكهرباء والوقود , إضافة إلى الفراغ السياسي والاداري , كانت بناء القوة العسكرية خطوة لابد منها للتحكم بمصير المنطقة وادارتها ذاتيا , لكن التفرد بها من قبل حزب واحد امر مرفوض على الاطلاق لأننا عانينا ما كان يسمى بالحزب القائد /البعث/, واستبدادها ,منذ اكثر من نصف قرن , إضافة الى أن الحزب الواحد لا يمثل كافة مكونات الشعب من عرب ومسيحيين واشوريين ويزيديين الخ .
لهذا سايرت مخططات قوى داخلية وخارجية رغم انها قوة افلحت بخطوات ايجابية الى جانب اكوام من الاخطاء , وفاقمت الهوة بين الحراك الكوردي وبين شرائح من الشعب , لذا يحتم علينا المنطق السليم والواقع المأسوي المؤلم أن ندشن حجر الاساس لبناء قاعدة متينة من التوافق بين كافة المكونات والحراك السياسي الكوردي حتى لا تبقى محتكرة لجهة معينة وأن لا ينفرد بها طرف كردي دون الآخر وترقى الى تمثيل الشعب بالشكل الفعلي لا القسري , وهنا نحن امام بناء حكومة مؤقتة او حكومة تسيير الاعمال , تدير شؤون جغرافية حديثة التكوين , ودستور يحتكم إليه الشعب والحكومة , لمنطقة تحتضن تنوع ديمغرافي ,اثني , ديني , وهي بالاساس منطقة تابعة لنا تاريخياً وجغرافياً , تعرضت للاهمال والغبن لفترة طويلة , والآن نحاول الاعتبار لها . بزرع اول غصن في حديقة كانت مليئة بالخضار والورود الزاهية قبل حرقها وتدميرها , ومن هذا المنطلق , أرى من الضروري تشكيل حكومة مؤقتة او حكومة تسيير الاعمال , ريثما تصبح البنية القانونية والتشريعية في اقليم كردستان سوريا , جاهزة ومهيأة لانتخاب حكومة دائمة.
أما عن رأي المعارضة السورية بخصوص تشكيل مثل هذه الحكومة , فقد سارع كمال اللبواني /عن الاخوان المسليمين/ وعضو المجلس الوطني السوري المقيم في استطنبول , الى ان الكورد لا يشكلون الاغلبية حتى في مناطق تواجدهم وعليهم قبل ان يقدموا على مثل هذه الخطوة \, ان يجروا حواراً مع الاطراف الأخرى التى تعنيها الازمة السورية , يعني بها , المعارضة السورية وتركيا , وكأن تركيا وصياً على الكورد السوريين , نعم .كيف, وانهم لا يعترفون بالكرد كشعب بل يعتبرونهم اقلية حتى في مناطقهم الاصلية , والتي يسيطرون عليها عسكرياً ويديرون شؤونها ,فهم من جهة, وما وراء الستار يدعمون الحركات الارهابية والتكفيرية المتطرفة كجبهة النصرة ودولة العراق والشام الاسلامية , وغيرهم من الحركات الاصولية, ومن جهة اخرى يتهمون حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي بشبيحة النظام , في اشارة منهم الى ان الكورد ليسوا جزءاً من الثورة وتنسيقياتها , إنما هم جزء من النظام السوري . مبررين بذالك عدم اعترافهم بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي في سوريا , ناسيين بأننا نعلم علم اليقين بأنهم ينفذون الاجندة التركية , وهم بالاساس جزء من السياسة التركية المعادية للشعب الكردي , هل المطلوب منا ان نتوسل الى مَنْ يسمون انفسهم بالمعارضين , حتى يعترفوا بنا إن كان حقاً الازمة السورية تعنيهم , كان الاجدر بهم ان يعترفوا بشرعية تشكيل حكومة مؤقتة في المناطق التي تدار من قِبل الكرد , كونها حكومة اعمال وخدمات لا أكثر ولا أقل وانها تصب في مصلحة الشعب الكردي خصوصاً والشعب السوري عموماً .
أما عن رأي الحكومة التركية فقد سارع وزير الخارجية التركية السيد احمد داوود اوغلوا الى توجيه تحذير شديد اللهجة للمقاتلين الكورد اثناء سيطرتهم على بلدة رأس العين الكردية من توسيع دائرة القتال ليشمل مناطق تركية محاذية للحدود السورية في إشارة قوية منه الى احقية تركيا بالتدخل في الشان الكردي و منع تشكيل اي نوع من الحكومة تديرها سكان غري كردستان لمنع تكرار تجربة كردستان العراق في سوريا , كما حذرهم من اي اتجاه انفصالي , وهو يعلم عِلمْ اليقين بأن الكرد لم يطالبوا بالانفصال والاستقلال ولا يسعون الى تشكيل دولة كردية مستقلة ذات سيادة في شمال شرق سوريا. انما فقط طرحوا مشروع الحكومة المؤقتة للنقاش وكيفية تطبيقها على الارض بشكلها ومضمونها,
فليعلم اعداء الشعب الكردي والعنصريين والشوفينيين الذين لا يريدون ان يسمعوا حتى كلمة الكرد او كردستان, بأن رياح التغيير آت لا مَحالة ,وان الشعب الذي بُنيَت دعائمه من الجماجم والدم لا يمكن ان يتحطم حتى ولو تحطمت الدنيا بطولها وعرضها , وإنهم لا يخرجون من الازمة السورية مهما طالت عمرها ,/مِن المونة بلا حمص /, وان نور الشمس قد اشرقت علينا , فلا يمكن لأيٍ كان ان يحجب عنا بالغربال , وان غداً لناظره لقريب.