الايزيديون هم طائفة دينية صغيرة يبلغ تعدادهم بحسب احصائيات غير رسمية سبعمائة وخمسون الف نسمة يعيشون مع باقي اقليات دينية في كردستان باجزائه الاربعة وعلى الاخص في قضاء شنكال المعقل الرئيس لهم التي تعتبر حتى الأن من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة أقليم كردستان .
هم اصحاب ديانة عريقة في التاريخ عمرها اكثر من اربعة ألاف سنة حسب روايات الباحثين والمختصين بأصل الديانات ينسبهم البعض الى الزردشتية والبعض الأخر الى ايزيد اي اله الخير باللغة الكردية القديمة .
يرجع اصولهم الى الكرد وهم بذلك جزء اصيل من الشعب الكردي فلغتهم الاساسية هي الكردية اللهجة الكرمانجية وينتشرون حصرا في اماكن تواجد الكرد ولا يوجد فرد واحد من اصل تركي او فارسي او عربي مؤمن بهذا الدين .
فقد تعرضوا الى اكثر من سبعين فرمانا اي ابادة جماعية في الماضي البعيد والقريب بسبب تمسكهم بديانتهم والدفاع عنها بكل الاساليب والوسائل المتاحة لديهم للحفاظ على ما بقي لهم من ارث ثقافي فلسفي عقائدي موروث عن الأباء والاجداد والاصول القديمة للكرد الميديين والحوريين والميتانيين قبل الاسلام وبعدها .معروف ان الكرد لم يدخلوا الاسلام الا في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب يقال بأن جيش المسلمين اثناء غزوه لكردستان وتحديدا مدينة دياربكر والتي تعتبر من كبريات المدن الكردية قد جمعوا سكان المدينة والمناطق المحيطة بها واعدموا ستمائة عائلة صغارا وكبارا أمام اعين الأهالي لترهيبهم وترعيبهم ودفعهم الى ترك دينهم الاصلي الايزيدي وتبني الدين الاسلامي عنوة والا سيلحق بهم المصير والهول نفسه الذي لحق بغيرهم فلم يبقى لهم من خيار سوى الرضوخ والاستسلام للفلسفة والعقيدة الجديدة تماما كما ارغم اليوم تنظيم داعش بعض الشباب الايزديين الاسرى لديهم باعتناقهم الاسلام فقد بلغت هذه الفرمانات والويلات اوجها في عهد الامبراطورية العثمانية تزامنا مع فرمانات الأرمن في العام الف وتسعمائة وخمسة عشر اي اثناء حرب العالمية الاولى فلم يجدوا وقتها من يأويهم ويحميهم سوى الكرد المسلمين .
وان ما يميزهم ويفرقهم عن باقي أبناء الشعب الكردي هي الديانة . فقد توترت العلاقة بينهم وبين الكرد المسلمين منذ ان دخل الأخر الاسلام وبسبب تعرضهم الى الغبن والهلاك والتدمير والنهب والقتل على مر الزمن من قبل بعض المسلمين الكرد المندسين والمنفذين لمخططات الدولة العثمانية ومن بعدهم الدولة التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك حدا بقسم كبير منهم الى انكار أصلهم والعرق الذي ينتمون اليه داعيين انهم ايزيديون يتكلمون اللغة الكردية .معتقدين بأن الايزيدية شعب و ديانة .
هذا هو السبب الاساسي وربما الوحيد لضعف الشعور القومي لديهم وعدم مشاركتهم الا بالنخب القليلة في الانتفاضات والثورات الكردية المطالبة باقامة دولة كردية او اقاليم كردية لان الشعور الديني الخاص لديهم طغى على الشعور القومي العام .
اما اليوم فهول الفاجعة لا تقل ضراوة عن سابقاتها في شنغال الحبيبة والقرى المحيطة بها من القتل السلب والنهب الى سبي النساء واغتصابهن وقتل الألاف وتهجير مئات الألاف وجعلها منطقة منكوبة حيث اعدم اهالي قرية كوجوا بأكملهم بعد الحصار على يد افظع واشرس جماعة ارهابية واكثرها فتكا في العصر الحديث الدواعش بسبب تجاذبات اقليمية ودولية وتضارب مصالحها .فالنتيجة ظهور التعاون الامني والاستراتيجي بين تركية وايران وتفعيله من جديد وبروز صفقات لكل حسب مقتضيات المصالح الخاصة لديها بالرغم من اختلاف اجنداتهم السياسية والعقائدية .وان انسحاب البيشمركة التي كان من المفترض حماية تلك المناطق والسكان المقيمين فيها دفع بالايزديين هذه المرة بعدم الثقة بالحزب الديمقراطي الكردستاني وبحكومة الاقليم وتوسيع الهوة بينهم على اختلاف حزب العمال الكردستاني مستغلا شعورهم هذا في التقرب منهم اكثر بدافع الحماة ومحاولة تأسيس قوات حماية شنكال من ابنائها وجعلها رديفا لهم ولافكارهم وفلسفتهم استنادا للارضية الخصبة والمناسبة لحالتهم النفسية .