صبري حاجي: الإعصار الكردي يهز قلب الشرق الاوسط

Share Button

1221-300x165لم يمضي عام  إلاْ ونسمع عبر وكالات الانباء العالمية المرئية منها والمسموعة بأن اعصاراً ما قد ضرب الساحل الجنوبي للولايات المتحدة الامريكية ,وخلفت اضراراً مادياً وبشرياً هائلة , وكذالك زلزالاً ما قد ضرب مناطق في آسيا بدءاً من إندونيسا الى إيران بين حينٍ وآخر . ومن ثم البراكين والفيضانات التي تهز مناطق أخرى من العالم . فكلها كوارث طبيعية . بعضها تنتج عن فجوات في باطن الأرض وبعضها الآخر عن التغيير البيئي والمناخي .

ولكن ومنذ حوالي عقود نجد اعصاراً من نوع آخر بدأ في الشرق الأوسط ببطئ , والآن بلغ ذروتها في منطقة شاسعة ولها  اهميتها التاريخية والجغرافية والاستراتجية والاقتصادية والحيوية للعالم جمعاء .وبآلاف الكيلومترات بين كل من عراق وسوريا وتركيا وايران . وهو اعصار بشري . اعصار أمة كانت نائمة نوم أهل الكهف والآن استيقظت من نومها العميق .

ببزوغ الفجر واقتراب شروق الشمس . وهي اكبر مجموعة بشرية في المنطقة واصحاب أعظم الامبراطوريات القديمة [الميدية , الميتانية , الحورية ] كما ساهموا في بناء امبراطوريات أخرى [الاخمينية , الساسانية, العثمانية ]. لكنهم خدعوا فيما بعد فتقاسم وطنهم مرتين:

أولاً: في معركة جالدريران بين الصفويين والعثمانيين . ثانياً: في اتفاقية سايكس بيكو بين الفرنسيين والبريطانيين . فبدأ عهد الانتدابات والاستعمار المباشر ببناء محميات جديدة مرتبطة كلياً بتلك القوى المسيطرة والمهيمنة على الشرقين الأوسط والأدنى وبقية انحاء العالم . فقد أطر الشعب الكردي وبحكم الواقع الجيوبوليتيكي والظروف الموضوعية الى اتخاذ موقف الدفاع عن النفس ضد الدول التي لحقت بها قسراً , وضد مخططات الدول الكبرى وقتها فسارعوا الى تشكيل منظمات وجمعيات ثقافية وثورية للحفاظ على ما تبقى من الموقومات الذاتية لهم .

منتظراًفرصة جديدة اكثر ملائمة لسابقاتها. حيث تم الإعلان عن أول تنظيم سياسي كردي بإسم ” حزب الديمقراطي الكردستاني ” في ايران عام 1942 . والحرب العالمية الثانية كان في أوج ذروتها بين المعسكرين المحور والحلفاء , انتهت بانتصار الحلفاء , ومن إحدى مخلفاتها الإعلان عن جمهورية مهاباد برئاسة قاضي محمد . فتم القضاء عليها بعد حوالي سنة على تأسيسها . من قبل الشاه محمد رضا البهلوي وبمساعدة القضب المنشأ حديثاً ” الاتحاد السوفيتي ” , والتي سبق لها ان قضت على جمهورية الحمراء الكردية بين اذربيجان وارمينيا . التي اسست بعد انتصار الثورة البلشفية بقيادة لينين . وتوالت بعد ذالك ثورات كردية . في شمال كردستان . بعد سقوط الامبراطورية العثمانية وتقسيم ممتلكاتها على الدول المنتصرة . بدءاً من ثورة السيد رضا مروراً بثورة الشيخ سعيد بيران والثورة البدرخانية . وكانت آخرها ثورة حزب العمال الكردستاني بقيادة السيد عبدالله اوجلان عام 1984 واستمرت الى أن القي القبض على زعيمها ومحاكمته صورياً وزجه في سجن امرالي . والحكم عليه بالمؤبد ومدى الحياة عام 1999 .

أما جنوب كردستان فقد فجروا عدداً من البراكين والهزات الثورية بدءاً من ثورة الشيخ محمود الحفيد انتهاءاً بثورة أيلول بقيادة ملا مصطفى البارزاني . فأستطاع الأخير كسب اعتراف رسمي من الحكومة العراقية بالحكم الذاتي لمنطقة كردستان العراق . وبعد مرور اربع سنوات اسقطت الثورة والحكم الذاتي معاً اثر اتفاقية مشؤومة بين صدام حسين والشاه الايراني بإستضافة الرئيس الجزائي الاسبق هواري بومدين في مدينة جزائر العاصمة وبعد ذالك حدثت انشقاقات وانتشر عدد لابأس به من الأحزاب فتجمعوا في جبهتين متناقضين جود وجوقد بقيادة رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني ورئيس جمهورية العراق الفيدرالي بقيادة جلال الطالباني . انتهت الى توحيد صفوفهما اثناء حرب الخليج الثانية , وبالتحالف مع القوى الغربية الكبرى والقوى الوطنية العراقية وتهيأة الظروف الموضوعية والذاتية , وغلطة اردوغان التاريخية بعدم فتح قاعدة الإنجرليك . استطاعوا ان يهدموا تمثال الطاغية في بغداد والاعلان عن الفيدرالية لأقليم كردستان وهي  الآن عروسة الشرق . بالرغم من قصر عمرها . أما في شرق كردستان فكانت الظروف مختلفة تماماً عن سابقاتها . بانتصار الملاكي والمتطرفين الدينيين على السلطة , ومقتل زعيم الثورة الكردية الدكتور عبد الرحمن قاسملو و خلفه الدكتور صادق شرف كندي . بقيت الثورة تتراوح في مكانها . استحالت دون استمرار الثورة بالقوة التي كانت تملكها .

أما في غرب كردستان . فقد تعرض الكرد منذ الاستقلال لأقسى انواع الغبن والتنكيل والاعتقالات العشوائية بتهمة جاهزة ألا وهي اقتطاع جزء من ارض سورية وضمها لتركية, وغيرها من التهم الاساليب القمعية والارهاب اليومي لاداعي لذكرها . حتى وصل الامور الى حد لم يعد يطاق . فأندلعت الانتفاضة المباركة في آذار عام 2004 مطالبين بالحرية والحقوق القومية المشروعة لهم . وبعد إندلاع ما يسمى بثورات الربيع العربي . دخل الشعب السوري أزمة حقيقية لا سابق لها . ولحسابات النظام , ورغبته في إبقاء الكرد على الحياد , وعدم انجرارهم في الثورة . أمر بانسحاب قواته من المنطقة الكردية . فأطر الكرد في الدفاع عن مناطقهم . فسارعوا في تشكيل المجلس الوطني الكردي ضمم معظم الاحزاب باستثناء حزب الأتحاد الديمقراطي حيث تمسك بزمام الامور . بتشكيلات دفاعية . باسم قوات حماية الشعب , وتسليحهم بشكل مفاجئ وملفت للعيان. وتشكيل هيئة كردية عليا من الطرفين . وعدم اعتراف المجلس الوطني السوري بحقوقهم المشروعة وإقصاءهم في الدخول الى الائتلاف ومهاجمة الوفد الكردي في اجتماع القاهرة , وظهور قوى اخرى جديدة على الساحة بصبغة اسلامية . مرتبطة بالقاعدة . وحاقدة على الكرد . ومهاجمتهم لقرى وبلدات كردية . بلغ الاعصار ذروتها في قامشلو . أمتد شرقاً حتى كلهي وتل كوجر وشمالاً حتى عفرين وجبل الاكراد في ريف اللاذقية . فأصبح الحدود التركية بمسافة حوالي الف كيلو متر مهددة بالاعصار . فسارع اردوغان عبر استخباراته الى التفاوض مع أوجلان  منعاً لعدم اجتياز الاعصار اراضيها .ولا اعتقد بأن هذا الإعصار سيتوقف حتى يغير الجغرافيا السياسية في الشرق الاوسط بأكملها . فلا يتوقف في دياربكر بل سيكمل مسارها الى مهاباد وكرمنشاه وسنذج ليحلق ذقون الملالي المسلمين ورمي قبعاتهم في بحيرة أومية . وسيقلع الأعمدة الأعجمية والعقلية الطورانية .

31.08.2013

 

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 88 من جريدة التقدمي

  صدر العدد (88) من جريدة التقدمي الشهرية الصادرة عن مكتب الثقافة و الاعلام في ...