يبلغ تعداد الكرد في سوريا أكثر من ثلاثة ملايين نسمة حسب احصائيات غير رسمية . يقطنون مناطق ذات قيمة عالية . حيث الاحطياطي النفطي الحقيقي لسوريا يقع في مناطقهم , والذي يعتبر احدى أهم الموارد الطبيعية . علاوة على الكم الهائل من الثروة الزراعية , وهي أكبر غنيمة لمن يسيطر عليها , وبطبيعة الحال في أن الحركات الاسلامية بمختلف مسمياتها ترغب بقطعة من ذالك , وكذالك تريد الحكومة التمسك بها. فبعد أن اختار النظام السوري الحرب الشعواء على الشعب بدلاً من الحوار اثر مطالبتهم بقسط من الاصلاحات .
دخلت سوريا مرحلة اشتعل فيها النار من كل الاتجاهات . فوجدت على الساحة حركات جهادية واسلامية متطرفة والجيش السورية الحر المناهض للنظام , وكذالك وحدات حماية الشعب بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيطر على مناطق ذات غالبية كردية . ألامر الذي استبعد الحصول على أي نوع من مفواضات السلام بسبب الحرب الآخرى في سوريا التي لن تؤثر فقط على كرد سوريا , ولكن على كرد تركيا والعراق ايضاً , والسبب يعود الى الدمار الهائل الذي جرى في سوريا . فقد قسمها الى عدة مناطق وجماعات على أرض الواقع ,وأهم هذه المجموعات هم الكرد . يعيشون في شمال شرق سوريا وعلى مسافة حوالي ألف كيلومتر على طول الحدود مع تركيا , وبسبب وحشية نظام الاسد واستبداده على مدى حوالي نصف قرن .
يسعى الكرد الآن الى الحكم الذاتي او الفيدرالية . على غرار أقليم كردستان العراق . حيث يتولى حزب الاتحاد الديمقراطي برئاسة صالح مسلم قيادة وحدات حماية الشعب ويقف ضد الاتفاق الذي ابرمه المجلس الوطني الكردي مع الائتلاف الوطني السوري . مبرراً عدم حصول ذالك عبر الهيئة الكردية العليا . الذي هو احد اطرافها الرئيسة , وهو يسيطر لوحده عسكرياً على المناطق الكردية , ولم يشارك في الجيش السوري الحر , ويسمح لبقاء نظام الاسد واستخبارته في مدينتي القامشلي والحسكة وفي مطار القامشلي الدولي , ويسيطر على حقول النفط والغاز التي تقع في محافظة الحسكة , ونظراً لعدم وجود اي تفاهم او اتصال بين الاتحاد الديمقراطي والائتلاف السوري واي تقارب في وجهات النظر يسعى الاخير لهزيمته عبر السماح للجماعات المسلحة من الاسلاميين المتشددين المدعومين خليجياً وتركياً بمحاربة قواته. أنها حرب حقيقة ومدمرة حقاً , وهذه الجماعات المجهولة الهوية المرتبطة بالقاعدة .
ترغب السيطرة على حقول النفط والغاز وتطهير العرقي ضد الكرد , ويأملون في تحقيق ذالك بالتعاون مع حكومة اقليم كردستان العراق والتي تعارض نهج حزب الاتحاد الديمقراطي . ما يسمى شعبياً ب [ب ك ك],
وحزب العمال الكردستاني من جهته يعمل من أجل تحقيق المطالب القومية للكرد في تركيا , وأن كرد العراق يعملون بشكل او بآخر لاجندة تركية . كونها تشكل المنفذ الوحيد لهم لضخ النفط والغاز من الاقليم عبر اراضيها , معتقدين بأنهم قادرون السيطرة على حزب الاتحاد الديمقراطي وبالتالي على كرد سوريا عبر المجلس الوطني الكردي او بعض أطرافه , ومن أجل تحقيق الرفاهية لكردهم اختاروا رأس المال بدلاً عن القومية . فهذا بحد ذاته تعتبر ورقة رابحة لتركيا .
مما يعزز دورها على الساحتين الكرديتين في العراق وسوريا , وكذالك فرصة ذهبية لها لحل مشاكلها مع حزب العمال الكردستاني , ورفض مطالبه القومية والمشروعة للشعب الكردي في تركيا أو العمل على تفتيت الحزب وتمزيقه , وبما أن الولايات المتحدة الامريكية تساند الجيش السورية الحر عبر بوابتها الشرقية تركيا ثاني اكبر عضو في حلف الشمال الاطلسي . ذات العلاقة الاستراتيجية الحميمة معها وعلى نفس المستوى من العلاقات مع حكومة كردستان العراق. لذا تغض النظر عن الحرب الدائرة بين المتطرفين الاسلاميين وحزب الاتحاد الديمقراطي وإطالة امدها لاضعاف الطرفين . تمهيداً للسيطرة عليهما مستقبلاً , ولكن يبدوا أن هذا تصور صعب المنال .
لأن حزب العمال الكردستاني اثبتت وجدوها كحركة تحرر وطنية قوية لدى الشعب الكردي في تركيا , ولكن لهذا وذاك فأن اكراد سوريا ستبقى في المعادلات السياسية الاقليمية حتى تتغير الجغرافية السياسية في سوريا والمنطقة ويتجدد وجه الشرق الاوسط . بإعادة الامور الى طبيعتها. ليجدوا لهم مكانة تحت الشمس موطئ آبائهم وأجدادهم بتضحياتهم ونضالاتهم ودماء ابنائهم وبناتهم, ويعيشوا في جو من الحرية والكرامة و ديمقراطية التمثيل لا دكتاتورية الحكم . لأن القادة والحكام يرحلون , والاحزاب يحلون , والشعب الكردي باق .