الشعب الكردي في سوريا يعتبر ثاني مكون رئيسس في البلاد بعد المكون العربي من حيث التعداد السكاني , وهم يعتبرون أقل عدداً من العرب إلا إنهم يشكلون الأغلبية في مناطق تواجدهم التاريخي .فلم يتوانوا أبداُ في بناء الوطن بكل الاساليب والوسائل المتاحة لديهم منذ استقلال سوريا وجلاء آخر جندي فرنسي حتى اللحظة . فشاركوا السوريين افراحهم واحزانهم .إلتزموا بواجباتهم الوطنية بصدق وأمانة .فدافعوا عن البلاد بحدودها البرية والبحرية . المصطنعة منها والطبيعية .فثبت للجميع بانهم جزء اصيل من الوطن السوري ارضاًوشعباً.على الرغم من ان الجميع يعلم بأن الشعب الكردي في سوريا جزء من الامة الكردية المقسمة ,والشعب العربي جزء من الامة العربية.
فلم يقفوا عند هذا الحد بل شاركوا في الدفاع عن لبنان وقضاياها المشروعة ,وكذالك الدفاع عن فلسطين والقضية الفلسطينية .حيث التحق مئات من الشباب الكرد في سوريا بحركة الفتح الممثل الشرعي والوحيدللشعب الفلسطيني آنذاك بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات لتحرير البيت المقدس لخصوصيتها واهميتها الدينية في العالخم الاسلامي لأن غالبية الكرد في سوريا هم مسلمون .
إعتنقوا الديانة الاسلامية منذ الفتح الاسلامي لكردستان. في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. فتخلوا عن ديانتهم الاصلية الزردشتية والذي انبثق عنها اليزيديون حديثاً.
على اعتبار ان الملف الكردي في سوريا هي احد اهم اللمفات سخونة على الساحة السورية خصوصاُوالشرق اوسطية عموماً. واعقدها في اي حل لما يحدث في سوريا , وبلورة المشاعر القومية لدى الكرد وانتظامهم في احزاب سياسية عديدة . استطاعت ان توحد صفوفها بعض الشئ وان توحد تحركاتها اثناء احداث الثورة السورية في اطار مجموعتين متنافرتين . المجلس الوطني الكردي تضم معظم الاحزاب , وحزب الاتحاد الديمقراطي الأكثر تمرساً
ودي العلاقة التاريخية مع حزب العمال الكردستاني التركي .تحت غطاء الهيئة الكردية العليا . حتى لوكان شكليا, ومشاركتهم الفعالة في الثورة السورية عبر التنسيقيات الوطنية بطول البلاد وعرضها.فسارعوا بالتوقيع على [عهد الكرامة والحقوق ], ولكن فشل المعارضة السورية بضمهم الى المجلس الوطني السوري الذي اسس في اسطنبول . بدأ الموضوع الكردي يأخذ الحيز الاكبر من كل مؤتمرات المعارضة . كما حدث عند خروج الاحزاب الكردية من مؤتمر القاهرة العام المنصرم . فلم يبقى امام السياسين الكرد خياراً آخر سوى اعطاء الاولوية لمسألتهم القومية للحفاظ على مناطقهم التي تعيش في حالة هدوء نسبي بعد انسحاب قوات النظام منها . فبدأوا بطرح مشروع الادارة الذاتية لتأمين الخدمات الضرورية لسكان المنطقة , وبسط الامن للمواطنين . وملأ الفراغ السياسي والامني الحاصل , وتشريع القوانين.تنظم الحياة اليومية للسكان . كي لاتقع في فوضى عارمة . فهنا وامام هذه التحديات لم يجدوا انفسهم بين النارين.
أولاً: نار الدين [التطرف الديني ] واستغلاله من قبل حكام مستبدين في العالم الاسلامي. القديم الجديد. فعندما توفي الرسول[ص] تم مبايعة صديقه الاول واب زوجته عائشة رضي الله عنها .
أبا بكر للخلافة لاتمام رسالته التي بدأها .من قبل بعض قادة الجيوش الاسلامية . وبهذه الصورة شرعوا قانوناً قطعياً لاختيار الخلفاء . ومنذ لحظة وفاته بدأ الحراك بين الوجها في الدين من ذوي النفوذ والمركز على كرسي الخلافة . حباً في الجاه والمال دون الرجوع الى كتاب الله وما اوتيت به من آيات . فبلغ هذه الحالة ذروتها في عهد الخليفة علي بن ابي طالب . الذي اتخذ من مدينة النجف مركزاً للخلافة الاسلامية . ففجاجأه معاوية بن ابي سفيان بتنصيب نفسه من دمشق خليفة للمسلمين . وهنا برز صراع حقيقي وبالعلن على السلطة وتسيس الدين . فقسمت الامة الاسلامية الى قسمين وكل قسم دعم طرف ضد الاخر . وبقيت هذه الحالة المرضية سائدة الى يومينا هذا . رغم مرور مئات السنين .
حتى اصبح طبيعيا ان يعطي الحاكم لنفسه في الشرق الاسلامي الحق بأن يكون مطلقاً,وبيده كافة السلطات . وهو الراعي والمرشد والرئيس والفقيه والمفتي . حتى وصل الامر بالبعض الى حد انهم في درجة اقل بقليل من درجة الله . وخير مثال على ذالك شعار [ حافظ اسد بعد الله نعبدوا] الذي ردده السورين طوال فترة رئاسته . لذا اصبح من السهل اصطياد البسطاء المتصوفين دينياً واستغلالهم ودفعهم الى الهلاك وانفجار انفسهم في تجمعات سكانية . لقتل وإبادة مجتمع او شعب بأكمله بحجة الكفر والارتداد والعداء الله وهذا ما افتى به الامام خميني من مدينة قم الايرانية . حيث حلل قتل الكرد بعبارة كل من يقتل كردياً سينضم الى قافلة الشهداء وسيدخل الجنة . فسبقه العثمانين والكماليون .فأصدروا فتاوى وفرمانات بإبادة الكرد وخصوصاً اليزيديون والمسيحيون منهم . والآن يعيد التاريخ على الكرد في سوريا بنفس المآسى والآلام ولكن بطرق واساليب مختلفة فاردوغان صاحب الحل السلمي للقضية الكردية في تركيا . وبعد مرور ستة اشهر على مبادرة السلام الذي اطلقها السيد عبدالله اوجلان من سجنه بجزيرة إمرالي يدفع بجبهة النصرة ودولة الشام والعراق الاسلامية المرتبطين بالقاعدة للقتال ضد الشعب الكردي في سوريا ويدعمهم بكافة الاشكال ماديا ولوجستياً.
وتجميع هؤلاء الذين يدعون انفسهم بالجهاديين من اليمن والاردن والسعودية والشيشان وباكستان وافغانستان وشمال افريقا . داخل الاراضي التركية . لتخويف الكرد وترهيبهم لحملهم على ترك ديارهم وموطنهم الاصلي الذي ورثوها اباً عن جد وافراغها من العنصر الكردي تمهيداً لإسكان هذه الجماعات فيها الى جانب العرب الوافدين من بقية المحافظات بعد اندلاع الثورة السورية علماً بأن هذه الخطوات لا تخدم سوى النظام السوري القابع على صدر الشعب . فيقوى شوكته المسموم مما دفعه الى قصف بلدة المالكية [ديريك] الكردية بالصواريخ فخلف عدداً من القتلى والجرحى . فهذه هي هدية الشعب الذي له الفضل الاكبر على الاسلام .
الغريب واللافت . هناك جبهة اسلامية كردية تقاتل الى جانب جبهة النصرة ضد الكرد وكذالك حشود جماهير كردية غفيرة في ديار بكر بكردستان تركيا وفي اقليم كردستان العراق تزامناً مع هذه الاحداث الدموية والمروعة للتظاهر مطالبين بعودة الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي الى الحكم .من يدعمهم . ومن وراء تنظيمهم . وما الهدف منها.
ثانياً: نار الهيمنة والنفوذ. هناك من يريد ان يعمل الآخر تحت رايته وامرته فهذا بحد ذاته الهيمنة والتفرد بالقرار ات . الجزئية منها والمصيرية . اذاً فأين مبدأ قبول الطرف الاخر. عندما نطالب بأن تكون سوريا المستقبل ديمقراطية تعددية اتحادية علينا ان نكون منصفين وجادين بتطبيق هذا المبدأ في غرب كردستان ليشهد الغير بتجربتنا ويرونها مثالاً يحتذى به . لأن الوحدة دليل القوة والفرقة دليل الضعف , والضعيف تنهال عليه الرصاصة من كل الجهات , والبعض الاخر يريد تقسيم المناطق الكردية الى مناطق نفوس للاستحواذ على الموارد والعائدات والمركزوالشهرة.
فهاتين الخطوتين لا تصبان إلا في خدمة اعداء الشعب الكردي المغلوب على امره . فلا يرون مخرجاً سوى الفرار والهجرة خوفا من المجهول القادم في ظل غياب الكلمة , واني على يقين بأن الكرد السوريون مستعدين للتضحية في سبيل الحفاظ على عرضهم وارضهم .لذا وحدوا صفوفكم قبل فوات الاون , وإلا فستكونون أمام مسؤولية تاريخية , وأن التاريخ لا يرحم.