شيرين هورامي في حوار خاص مع الدكتور سامان سوراني

Share Button

دكتور سامان سوراني رجل هذا الزمن وذاك التاريخ …ثقافة فلسفية يتخللها أنتماء للأرض والحب والدار …

الحوار دائما مع من تبحر في علم الفلسفة صعب جداً …لأنه الضيف ..يأتي من خًلجات الحياة والفلسفة والعلم وهنا يكون خصماَ قوياَ في حلبة الحوار …هذا هو ضيفي الدكتور الاكاديمي سامان سوراني أبن كردستان العراق ..

Ibrahim

شيرين : دكتور سوراني درس علم الفلسفة وهذا مجال شاق وطويل …هل تعتقدون أن المجتمع الأنساني لديه تدرجات معينة في تفسير القيم الاجتماعي ؟؟؟؟
د. سامان : لاشك أن مجتمعاتنا هي محصلة تواريخها ، لكن بداية أود أن أشير الی دور الفلسفة وأثرها العظيم في تطور حياتنا وتقدم البشرية. فلو قمنا بإستقراء الكثير من النهضات الإجتماعية والعلمية في عالمنا نجد أن الفلسفة قد قامت بجانب قيامها بتفسير الحقائق وتعليلها بدور التوجيه المستنير الذي ساعده على النهوض والتقدم في الأسرة الإنسانية وسارت جنباً الى جنب مع الحضارة الإنسانية تضيء لها الطريق وترسم الأهداف والخطوط .
المجتمع الإنساني يتكوّن من عدد من الأنساق كالنسق السياسي والنسق الاقتصادي والنسق الديني… ولكلّ نسق احتياجاته الضرورية التي يجب إشباعها وإلّا فإنّە سوف يفنى أو يتغيّر تغيّراً جوهرياً. يختلف مدلول كلمة قيمة لدى الناس باختلاف استخدامها وحسب استخدامهم لها. فالفيلسوف الفرنسي إميل دوركهايم ، وهو أحد مٶسسي علم الإجتماع الحديث ، يؤكّد على أنّ القيم تماثل كلّ الظواهر الإنسانية ، فهي في نظره من صنع المجتمع وتصدرعن إتفاق إجتماعي ، لذا فهي تتميّز بالعمومية والجبرية ، ولها قوة الإلزام.
الفلسفة الماركسية إعتبرت القيم والأخلاق السائدة في المجتمع إنعكاساً لقيم وأخلاقيات الطبقة الاجتماعية المسيطرة في المجتمع ، علی إعتبار أن طابع العلاقات الاجتماعية يحدّد مضمون القيم والأخلاق. وهناك إتّجاه فينومينولوجي أسسه الفيلسوف الألماني إدموند هوسرل يؤكّد على أنّ القيم عبارة عن معاني أو مقاصد توجد في عقول الأفراد ، يتمّ إدراكها من خلال الوعي وعن طريق الخبرة بالعالم. والوعي كما نعلم لايوجد في رأس الفرد “الفاعل” بل أيضاً في العلاقات بين الفاعل والأشياء في العالم.
شيرين : هل تعتقدون أن الدولة الكوردستانية باتت ضرورة من ضرورات المجتمع الدولي ولماذا؟؟؟؟؟
د . سامان : إذا كان القصد من “المجتمع الدولي” الدول ذات النفوذ الدولي ، تختار المشاركة في المناقشات العالمية وصنع القرار العالمي ، نعم. فالبعض يری بأن المجتمع الدولي لا وجود له وآخرون يرون في هذا المصطلح إشارة الی جميع الدول عندما تقرر العمل معاً. في السابق كانت الدول ذات السيادة حريصة على تنظيم علاقاتها ، من إنهاء الحروب وترسيم الحدود إلى إنشاء الامتيازات الدبلوماسية وإدارة التجارة ، من خلال المعاهدات. اليوم نری بأن موازين العلاقات والسياسات قد تغيرت. فبعد سيادة سياسة توازن القوی و ظهور الواقعية الجديدة نری لزاماً علی الدولة المستقبلية أن تستوفي مطلبين: إستخدام الجهود الداخلية لزيادة القدرات الاقتصادية وتطوير الاستراتيجيات الذكية وزيادة القوة العسكرية من جهة و إتخاذ تدابير خارجية لزيادة أمنها عن طريق تشكيل تحالفات مع دول أخرى. المسألة الكوردستانية أصبحت مطروحة علی المشهد السیاسي والاجتماعي لا فقط في المنطقة بل في جغرافية أوسع. التحولات والتغيرات السياسية والإقتصادية وبالأخص بعد سقوط نظام الدكتاتوري في العراق والتغیرات الاجتماعیة والاقتصادیة في ترکیا، ساهمت في فتح الباب امام الحرکة القومیة الکوردستانية کي تجد أمامها فرصة للاندماج في المعادلات السیاسیة والعلاقات الاقتصادیة في المنطقة. صحيح بأن هدف شعب كوردستان ليس الفدرالية بل الحق في تقرير مصير، الذي هو حق تاريخي لا يمكن نكرانه. ومن حق شعب كوردستان بعد العيش في ثورات معرفية و اكتشاف قيمة الحرية والكرامة أن يسعی في رسم مسارات الحياة الشخصية والقومية ، مدركاً بالإنتماء الی الجنس البشري و قيمة مسؤولياته. إن العمل علی اجهاض قيام الدولة الكوردستانية في عصر تتعولم فيه العلاقات بين البشر و تقوم علی الإعتماد المتبادل لا يخدم فكرة التعايش السلمي وقيم التعارف بين الشعوب بل يفقر تقوية الأواصر بين الأمم. الاستقلال هو الهدف المطلوب الذي ترجو الشعوب تحقيقه وهي تمارس الحق في تقرير المصير، الذي يعتبر حقاً مشروعاً كرسته وأقرته كل أحكام ومبادئ القانون الدولي العام المعاصر.

شيرين : نعيش اليوم وسط توترات سياسية مهولة الا تثير هذة التقلبات شكوكاً على الاقل لدى المفكريين أن أحداث اليوم مكملة لسيناريو الأمس؟؟؟؟
سامان : برأيى أن التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن أحداث التاريخ قد تتشابه. صحيح بأننا في وضعية وجودية تضع الإنسان أمام مأزقه ، ذلك ان إنسانيتنا التي ندافع عنها تولؔد ما نشكو منه ، أي البربرية بالذات ، إذا أردنا أن نری الی وجهنا الآخر الذي نحاول إخفاوءه والتستؔر علیە والعقل السائد ، بأشكاله اللاهوتية المقنعة أو بأنماطه الناسوتية السافرة، قد أمسی لا يعقل وأن العقلانيات بدأت تفقد مصداقيتها في مقاومة العوامل التي تولؔد الفوضی والفساد و الرعب والدمار ، أو تبدوا عاجزة عن مكافحة المرض والفقر والجهل و الحد من آليات الإستبداد و أعمال العنف ، لكن مع هذا أری أن بوسع المستبعد والمهمش والأقل حظاً أن يجري تحويلات علی ذاته و واقعه بالإنتاج والإبتكار بحيث يصنع إمكانا أو يخلق وقائع تتيح له تغيير ظرفه أو تغيير واقعه ، بقدر ما تتيح لە ممارسة فاعلیته و أثره.
شيرين : هل نعتبر أحداث العراق والشرق الاوسط الجديد هي نتائج للاسلام السياسي؟؟؟
سامان : إن مايحدث في العراق والشرق الأوسط الجديد هي نتاج عدم وجود عقلية الوساطة ومنطق الشراكة والإحساس بالمسٶولية أو بسياسة التبادل والتعارف. وطالما لا وجود لأرضية التدرؔب علی عقل جديد يتجاوز الفكر الآحادي والعقل الماورائي تبقی الهوية أزمة غير قادرة علی صياغة روابط واضحة وثابتة أو المحافظة علی العلاقات البينية الإجتماعية ، بمعنی آخر ، تنعدم الثقة و تعلوا ظاهرة التخّوين والتكّفير و تبقی بنية المجتمع الشرق الأوسطي كما هي غير مبنية بالطريق الصحيح لا يسمح له بسبب وجوده في منطقة غير مستقرة سياسياً ببناء قواعد إجتماعية ثابتة و متماسكة. أن فرض الهوية الواحدة “المقدسة” عن طريق القوة سيكون دوماً مآله نفور الأقليات الدينية والقومية من هذه الهوية ، لأنها لم تأخذ بالاعتبار الحقوق الثقافية والدينية لباقي أطياف المجتمع. أما فيما يخص الإرهاب الوحشي الذي يستفحل يوما بعد يوم ، فهو ترجمة للمبادیء الوحدانية والنصوص المقدسة والعقلية الإصطفائیة والمشاريع الدينية الشمولية ، كالحاكمية الإلهية أو الحکومة الإسلامية أو الدعوة الی أسلمة الحياة والثقافة.
شيرين : متى تتحول الثورات من حديث وحق وحقوق الى دم ونزاع وهتك أوطان
سامان : هناك مثل فرنسي يقول ” من السهل ان تبتدئ الثورات ولكن من الصعب ان تنهيها بسلام “. من الواضح بأن العمل على وتر الاستقطاب الطائفي والمذهبي والفكري يحول الحراك الشعبي الذي يحمل في برنامجه وطياته مطالب ديمقراطية شعبية مشروعة وتقف من وراءها الاكثرية الساحقة من الشعب بغض النظر عن المذهب او الطائفة او الدين الی دم ونزاع وهتك للأوطان.

شيرين : هل نعتبر التصوف حالة أجتماعية ام سياسية دخيلة على المجتمع العربي الاسلامي
سامان : لاريب في أن التصوف نتاج مشرقي لايخلو من الغاية وغايته دائماً روحية ، أصلە هو العكوف علی العبادة والإنقطاع الی الملأ الأعلی والاتصال به و الفناء فيه والإعراض عن زخرف الدنيا و زينتها. فهو أيضاً فلسفة الإسلام الدينية ، والباحثين في التصوف عرؔفوه بإدراك الحقائق الإلهية. والتصوف شاع قبل الإسلام في الأديان والأمم كلها ، في الوثنية والمجوسية واليهودية والنصرانية ، ولقد عرفه في بعض أشكاله البابليون واليونان والرومان والهنود والصينيون والعرب والعجم، بل وحتی بعض الأمم الفطرية. التصوف الاسلامي ظهر ونما بصورة متداخلة و متوازية مع سائر فروع الثقافية كالفقه والكلام والفلسفة والعلوم ، لايجوز أن يٶخذ كنقيض للعلوم العقلية أو الفلسفة النظرية ، بل هو يتمفصل معها ضمن مجال معرفي واحد. فلو بحثنا التصوف عن كثب نری أنه كان في القرن الثالث الهجري علماً مستقلاً عن العلوم الأخری من فقه وحديث وكلام. والصوفية في أصلها رياضة نفسية تخلق في الإنسان إرادة فعالة وتخلق للمجموع المتصوف شخصية ثابتة. وهي ترمي الی إثبات الناحية الإجتماعية في وجه القوی الإجتماعية والطبيعية أحياناً، لذا يمكن أعتبارها ناحية جليلة من نواحي علم النفس.

شيرين ..دكتور سوراني أيهما يغير الاخر الذات …أم الحياة هي من تغير الذات وكيف ؟؟؟؟

سامان : من يريد أن يتغير و يساهم في التغيير ، علیه أن یعترف ، بأن الأزمة ليس مصدرها الغير ، بل الذات والفكر. والفرد كفاعل إجتماعي يعتمدعلی تشغيل قواه الذهنية وإستثمار طاقته الإبداعية ويفكر ويتصرف بصفته مسٶولاً عن نفسه أو صانعاً لحياته ، من غير وصاية نبوية أو وكالة نخبوية أو سيطرة بيروقراطية يستطيع أن يغير. إنني أوافق الرأي القائل بأن المجتمع لا يغيره الساسة والمثقفون وحدهم ، بل يغيره كل المنخرطين فيه ، علی هذا الوجه أو ذاك، سلباً أو إيجاباً ، تخلفاً أو تنمية ، خراباً أو عمراناً. هناك أكاديمات علم النفس تقوم بإعداد خطوات ذاتية لتغيير نمط الحياة والعيش بسعادة.
شيرين : دكتور سامان كلنا يعلم أن القوانين البشرية هي تجليات من قانون الاله الواحد واعني هي أنحدار …لماذا نجد هناك تغالطات في تفسير هذة القوانين الالهية من البشر ؟؟؟؟
د سامان : إن الإدعاءات المثالية والتبجحات المتعالية والمزاعم الإلهية والغطرسة الحضارية والعربدة التقنية في غير مكان كلها نابعة من عدم مسألتنا لمفهوم الإنسان. الإنسان بالوكالة عن الله ، صاحب الدور النبوي يفسر القوانية الإلهية كيفما يشاء ، يبيح لنفسه كل شيء بقدر ما يعتبر نفسه غاية كل شيء. وهكذا نجعل علاقتنا بالحقيقة تقوم علی الحجب والتعتيم بقدر ما نجعل علاقتنا بالعدالة تبی علی الفحشاء والفساد ، أما علاقتنا بالحرية فتقوم علی المفاضلة والإستبعاد بقدر ما نجعل علاقتنا بالعقل تٶول الی كل هذا العبث والجنون والهلاك والخراب. إن الإعتراف بدونیتنا علی المستوی الوجودي هو أساس للأعتراف بحقوق بعضنا البعض علی الصعد السياسية والمجتمعية والثقافية أو حتی المعرفية.

شيرين : مرحلة التفكير هي العبور الى الذات مع خرق المعقول والغير معقول ..من المسؤول عن هذه المرحلة العقل أم القلب ؟؟؟؟
د. سوراني : هناك من يقول بأن الخيال والبداهة قد خلقا قبل أن يخلق العقل ،لكن الذي أعرفه عن الفيلسوف هو تحريه للحقائق المستورة عند الأكثرية بنظره النافذ ليكشف أسرار الطبيعة و يستفيد من قوانينها ويفيد غيره. عندما أعلن داروين نظريته في النشوء والإرتقاء وأهتدی بعقله الی مذهبه الذي الهب الأفكار وأحدث فيها ثورة و إنقلاباً وذكر أصلنا الحيواني خالفه أهله ومقتوە وعادوه ، لأنه خالف عواطفهم. ولكن في النهاية كان هو الفيلسوف ومعارضوە بقوا ذوي عواطف لاغير. أنا لا ألغي ماهو فطري في الإنسان ، لكنني لاأعطيهما تلك القيمة في كشف الحقائق. فلو كانت العاطفة أو القلب هي التي دفعت الحياة الی خلق الحواس ، فمن ذا الذي خلق العاطفة؟

شيرين:.الطريقة النقشبندية هل نعتبرها أعلى مراحل التصوف الديني ؟؟؟؟؟

د. سوراني : هناك طرق متعددة في التصوف والنقشبندية طريقة بين هذه الطرق لايمكن وصفها بمرحلة. فمن المعلوم بأن الزهد الإسلامي الذي كان مزدهراً في القرن الأول الهجري قد تحول شيئاً فشيئاً الی مدرسة لها قواعدها ونظمها وأسسها التي يفرضها الشيوخ علی السالكين. وسرعان ماعرف العالم الإسلامي أنواعاً متعددة من الطرق الصوفية ، فمنهم من التزم بالكتاب والسنة و منهم من تفلسف و نادی بنظريات وحدة الوجود ، (أي القول بأن هذا العالم المختلف في الأشكال ليس سوی مظهر من مظاهر متعددة لحقيقة واحدة هي الوجود الالهي) والحلول (أي نزول اله في شخص من الاشخاص) والاتحاد (أي شيوع الالوهية في العالم كله) والشطحيات وذلك في القرنين السادس والسابع الهجريين. أما لفظة الطريقة فهي تطلق علی مجموعة أفراد من الصوفية ينتسبون الی شيخ معين ويخضعون لنظام دقيق في السلوك الروحي. الأسماء تختلف بإختلاف أسماء مٶسسيها والخلافات التي كانت ولاتزال بين الطرق تنحصر في الرسوم العملية فقط.

شيرين : حرية الفرد في العالم العربي لم تكن متاحة كماهي اليوم قبل قرن من الزمن …لحقتها حرية العلم والمعرفة هل تمكن الأنسان العربي الخروج من بودقة الغفلة العلمية والجهل؟؟؟

د. سامان : مفهوم الحرية هو من إبتكار المحدثين وإن كانت هذه المفردة ترد في الخطابات والمٶلفات قبل الأزمنة الحديثة ، فالمفكر السياسي المحدث اسبینوزا يقرر، أنه كلما زاد قدر مايتمتع به الأفراد في الدولة من حرية و مساواة ، زاد حظ الدولة نفسها من الاتحاد والقوة. هذا الإتحاد وهذه القوة لا نراه في الدول العربية. أما مشكلة الحرية هي مشكلة الوجود الإنساني بأسره. نحن نحيا في عالم ملیء بالعوائق ، ولابد للحرية من أن تصطدم بالعائق حتی تستحيل الی قيمة. والحرية هي كسب لابد لنا من أن نعمل علی إحرازه والكالم هو شكل من أشكال التعبير عن الحرية، بقدر ماهو نمط من أنماط الفعل والتأثير في المجريات ،علی مستوی من المستويات. الإنسان لايتمكن أن يخرج من بودقة الغفلة العلمية والجهل إذا لم يعمل علی تفكيك آليات عجزه ، لتغيير قواعد اللعبة بتشكيل عوالم ومجالات أو فبتكار أساليب ولغات أو إختراع وسائل وأدوات أو خلق موارد و فرص تحدث تحولاً في الفكر وتسهم في تغيير الواقع وإمتلاك الوقائع ، هكذا يستطيع أن يمارس حريته. حرية الفرد يعني إستقلالية الشخص النسبية تجاه الأطر والقواعد والقيود الخلقية والاجتماعية والسياسية ،كيف هذا والعالم العربي يعيش الی الآن في فضاء الجبرية اللاهوتية.

شيرين : هل نحمل غياب الديمقراطية في المجتمعات العربية على عاتق الشعوب أم السلطات ؟؟؟
د. سامان : الديمقراطية لاتولد من العدم ، بل هي عملية وصيرورة تراكمية ، تنمو مع الزمن و عبر النضال الدٶوب للمجتمعات. النهضة والتنوير ضرورية لخلق الفضاءات الديمقراطية. وهذا المطلب الإنساني بحاجة الی بنية تحتية كخطوة أولی لتسد وتشبع الإحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع. نحن نعيش اليوم في قرية كونية صغيرة ، هناك ترابط وتشابك بين مصالح المجتمعات الإقتصادية والثقافية لافكاك بینها ، وهذا بدوره يساعد في تنامي وتطور الوعي السياسي والإجتماعي للوقوف ضد الأنظمة المستبدة التي لاتحترم التعددية وحق الاختلاف والتداول السلمي للسلطة وحقوق الإنسان وحرية التعبير والتفكير والتطلع الی حياة أفضل. نحن نعرف بأن التطور هو سنة الحياة والديمقراطية تنمو عبر نضال الشعوب من أجل التخلص من القيم التقليدية الموروثة ، التي تبقی كحجر عثرة أمام التطور والتغيير. الأنظمة الجمهورية والملكية في البدان العربية مازالت أبوية المشرب ومطلقة في سلطاتها. أما “وعاظ السلاطين” كما تم تسمیتهم من قبل عالم الإجتماع الكبير علي الوردي فهٶلاء يوجهون المجتمع العربي- الإسلامي كما يشاؤون ، ووفق ما يريد منهم الحكام المستبدون. إذن مسألة غياب الديمقراطية هي مسألة جدلية بحتة وللإسلام السياسي و رفع شعار “الإسلام هو الحل” دور في إعاقة حتمية الديمقراطية. أما منظمات المجتمع المدني ، التي يجب أن تلعب خارج هيمنة السلطة دور الوسيط بين السلطة والشعب بعيدة عن العمل كشبكات تجسس علی الشعب فهي ضعيفة الی حد العدم ، لاتقوم بواجباتها الفعلية لدفع عجلة الديمقراطية نحو الأمام.

شيرين : الانتماء للوطن والارض من يزرع بذرتها ؟؟؟؟
د. سامان : لامراء أن مسألة الإنتماء للوطن من أهم القيم الواجب غرسها من قبل المٶسسات التربوية في نفوس الناشئة والضروري تنمیتها لدی الطلاب. طبعاً هناك علاقة جدلية حميمة بين المواطن ووطنه ، لكن للأسرة دور مهم في غرس قيم الإنتماء للوطن ، بحكم أن كلاًّ منا يولد ويعيش ويتربى داخل الأسرة أولاً وأخيراً، بل ويتعلم ويتشرب كثيراً من القيم والعادات والسلوكيات من داخل الأسرة. في عالمنا اليوم تلعب وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة دور مٶثر ومهم في عملية التنشئة الإجتماعية وخاصة نحن نعيش عالم الأقمار الصناعية والشبكات العنكبوتية ، والحاسبات الآلية ، ووسائل الاتصال المختلفة كالجوَّالات وغيرها. فللإذاعة والتلفزيون والإنترنت وصحافة الفضائيات تأثير قوي في صناعة الفرد ، بل هي الموجِّه الأول لفكر الفرد. وبالتأكيد إذا سارت العلاقة الجدلية بين المواطن والوطن علی مسار حيوي و صحيح فإن المواطن سوف يكون مستعدا للدفاع عن وطنه مهما كانت مشاربه و توجهاته الفكرية والثقافية والسياسية. علی الإنسان أن ينتمي أولا لنفسه من خلال سعيه ليكون الأفضل وذلك بتنمية مهاراته وقدراتە وبعدها يسعی الی إثبات نجاحه و تفوقه. لأن النجاح والتفوق هما وسيلة من وسائل التواصل مع الغير. وعن طريق الإنتماء الی الاسرة تولد الإحساس بالمسٶولية الجماعية وهكذا تتدرج هذا الإنتماء تصاعديآ من خلال المدرسة والجامعة أو حيز العمل الی أن يصل الی الإنتماء للوطن.

شيرين : في فترة الاحتلال الأميركي للعراق ظهرت جماعة صوفية مقاتلة انخرطت في العمل المقاوم للوجود الأميركي عبر كيان سمى نفسه جيش رجال الطريقة النقشبندية…. هل نعتبر هؤلاء متطرفين على النقشبندية الحقيقة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
د. سامان: بما أن للطريقة النقشبندية كغيرها من الطرق الصوفية أتباع من جنسيات و قومیات متعددة ، فأنه من الطبيعي أن تكون بعض من أتباعها عرب عراقيين. بعضهم قاموا بأدلجة الطريقة و إستغلوها لإقامة علاقات سياسية وتجارية أو تأسيس حركات إرهابية كـ”جيش رجال الطريقة النقشبندية” التي لاتربطها شيء بالصوفية ولا بشيوخ الطريقة النقشبدية. هذه الحركة الإرهابية تهدف أساساً الی إعادة حزب البعث المقبور الى الحكم أو تأسيس نظام اسلامي أشبه بنظام طالبان في أفغانستان بعد أن أفلست أيديولجية حزب البعث القومية. من صفات المتصوف أن يتخلص من عقدة الامتلاك لكي يحرر نفسه الأمارة بالسوء وتزكيتها بالعمل الصالح ، وهل يمكن إعتبار قتل الأبرياء من قبل هٶلاء المتطرفين عمل صالح؟ من يمارس التقديس لمطلق من المطلقات فهو لايحسن سوی إنتهاكه علی أرض الواقع البشري المنسوج من الأهواء والمطامع أو من الوساوس والهواجس. بصراحة أنا لا أری وجود للصوفية من دون محبة والمحبة هي أصل الموجودات.

شيرين : أي حديث لانمر به على العراق هو حديث ناقص لانه الوضع فرض نفسه علينا هل نعتبر العراق مجتمع تعرجات سياسية هشة

سامان : في العراق لا وجود لمجتمع سياسي واحد. سٶالنا هو ، ما الذي يجمع بين الجماعات الاجتماعية أو المجتمعات المحلية في العراق؟ هل قامت الحكومات التي تعاقبت السلطة في العراق والی الآن بترسيخ مفاهيم الهوية الوطنية لدى أفرادها. هل الغيت مظاهر التمييز والتفرقة القومية والدينية والطائفية والسياسية في يوم ما؟ هل سعت الحكومات العراقية في يوم من الأيام بالقضاء على الفجوة بين الدولة والمجتمع من خلال الانبثاق الطبيعي للدولة والسلطة من رَحم المجتمع ذاته، وبالتفاني لتطبيق السياسات العادلة والمتوازنة الهادفة لخدمة الاجتماع السياسي والثقافي في المجتمع؟ الإنقسام المجتمعي موجود طبعا. أما حقوق المواطنة فهي حقوق مدنية تتعلق بالمساواة مع الآخرين وحقوق سـياسية تتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرار السياسي، وحقوق جماعية ترتبط بالشٶون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، لكن المواطنة في مجتمع العراق كانت ومن وجهة نظر الحكام في أنظمة الحكم المتعاقبة للدولة الراحلة ، صفة للجماعة التي ينتمي إليها هؤلاء الحكام. وحتی الملك غازي تطرف في ميوله الإثنية العربية علی حساب الكورد ، لذا أنا أعتبر السٶال المطروح من قبل حضرتك واقعي.
شيرين :..هل نعتبر الفكر الحر الاهوج هو نتاج لناتج في المعترك العراقي ..ولماذا

د. سامان : الفكر الحر أو التفكير الحر هي وجهة نظر فلسفية ترى أن الأراء ينبغي أن تشكل على أساس العلم، المنطق والعقل ولاينبغي لها أن تتأثر بسلطة أو عادات أو أي من أشكال الدوغما. لكن الذي نراه في العراق هو عدم وجود مراكز علمية للأبحاث والتخطيط الاستراتيجي ومن غير تلك المراكز لايمكن أن تكون هناك تطور معرفي أو تنموي أو نهضوي. بالتأكيد تكون وظيفة هذە مؤسسات العمل علی إعداد دراسات وبحوث موجهة لصانعي القرار، والتي تتضمن توجيهات أو توصيات معينة حول القضايا المحلية والدولية، بهدف ترشيد أو عقلنة القرار السياسي للمسئولين وصناع القرار وتمكين صانعي القرار والمواطنين لصياغة سياسات حول قضايا السياسة العامة. أما احتكار صنع القرار السياسي والأمني من قبل شخص واحد وضرب مبدأ الشراكة عرض الحائط دون الإهتمام بنظام فصل السلطات يجعل من الشراكة حديث خرافة ومن العراق ساحة مفتوحة أو أرض مستابحة للنزوات الاستبدادية و الخطط الجهنمية.

شيرين: من لايتفوق على معلمه يكون تلميذ فاشل مقولة دافنشي …من هو معلم سامان سوراني

د. سامان: من منا ليس له في هذه الحياة مُعلم، يستفيد منه ويتعلم من تجاربه وأفكاره؟ من منا لا يحيا بدون مَثَل، يستوحي منه القيمة ويستلهم منه المنهج الذي يطبقه في عالم الحياة؟
للفيلسوف الوجودي الألماني بيتر فوست رأي حول الإنسان فهو يقول : “الإنسان هو الموجود المتوسط الذي يتراوح وجوده بين الحياة (Bios) والعقل (Logos) ، أنه لايجد الإشباع التام في الحياة ، ولكنه لايجد الراحة النهائية في العقل.” هناك الكثيرون ممن أعتبرهم قدوة ومنار للفكر والإنسانية أمثال فيثاغورس الذي حدد معنی الفلسفة لأول مرة و سقراط الذي قام بدراسة الإنسان وله القول المأثور “أيها لاإنسان: أعرف نفسك” و اسبينوزا و ديكارت الذي مارس قواعد المنهج والشك والقائل: “أنا أفكر فأنا إذن موجود” و كيركجارد الذي ربط الفكر بالوجود و يسبرز الذي اهتم بالتأمل الفلسفي واصطدم بجدران “اللامعقول” وماركوس آوريليوس وباسكال و هيجل و نيتشه و سارتر وكامو و جاكومو ليوباردي وفيتجنشتاين ومن الفنانين العظام أمثال دوناتيلو و ميكيل انجلو و روبنس و ريناتو كاسارو و فان كوخ و سيزان و كليمت و مودلياني ماکس بكمان و اوتو دكس وغيرهم ، لكنني وقعت وأنا شاب يانع تحت تأثير الآراء الإنسانية لفلاح كوردي بسيط ، أراه معلماً لي والذي كان يردد دوماً القول: “لن تكون إنساناً ، اللهم إلا إذا عرفت كيف تقضي كل يوم من أيام حياتك في اجتلاء جمال الطبيعة والبحث عن الحقيقة والمضي قدماً في طريق الخير و السعي نحو الکمال.”

شيرين : كيف يصف دكتور سوراني القائد المستبد هل هناك معايير له …؟؟؟

د. سامان : يقول الفيلسوف جون لوك بأن الطغيان يبدأ عندما تنتهي سلطة القانون. والقائد المستبد أو الطاغي يقترب دوماً من “التأليه”، يرهب الناس بالتعالي والتعاظم ويسعی في توحد الدولة في شخصه، معتبراً نفسه مصدر الإلهام ، يذل شعبە بالقهر وبالقوة ويسلب أموالهم. فهو لا يعترف بقانون أو دستور للبلاد ، إرادته هي القانون والدستور وما يقوله واجب التنفيذ وما على الناس الا السمع والطاعة. يقوم بتسخير وسائل الإعلام من اجل الإثارة والترغيب والترهيب وتطويع وتخدير الجماهير لإرادته. القائد المستبد يمكن تصنيفه من الناحية النفسية والإجتماعية بكل بساطة بشخصية بارانوية ملوثة بسمات نرجسية وسيكوباتية المستهينة بالمجتمع. لايعرف الإخلاص ولا الصداقة ، فهو دائماً شديد الحسد، شديد الغيرة، لا يطيق أن ينافسه أو يطاوله أحد. وهو يبالغ كثيراً في تقدير ذاته ويسخر كل شئ لتضخيم ذاته وقدراته ولديه شعور بالعظمة والأهمية والتفرد، وفي المقابل يحط كثيراً من قيمة الآخرين ويسفههم ويميل إلى لومهم وإلصاق الدوافع الشريرة بهم.

شيرين : هل من الممكن ان تحكم التعددية المجتمع الصامت الثائر؟؟
د. سامان: انّ فلسفة التعددية هو التنوع، وانّ جوهرها هو التميز عن بعض، ولو تشابهت لانتفت الحاجة للتعددية من الأساس. ما فائدة التعددية الحزبية إذا تشابهت أهداف كل الأحزاب وأدواتها ووسائلها؟ و التكاملية في المجتمع لا يخلقها التطابق. فسيادة قوانين غيرعادلة او سواد افكار سلطوية وشمولية حاكمة تفضل جزء من مكونات شعوبها على الآخر وتلغي وجود الآخر لايمكن أن تزرع بذور التعددية. إن تشجيع الحوار المجتمعي أمر ضروري لإتاحة الفرصة أمام القاعدة الشعبية للتعبيرعن نفسها وبلورة أمثلة لعملية التشاور ، يقوم المجتمع المدني من خلالها بمساعدة القادة والمسئولين على التعرف على ما يجب القيام به ، لضمان التأثير على عملية الإصلاح وتطوير السياسة العامة. الأحادية في التفكير والعمل تحت شعار أوحد ، هي بمثابة أفخاخ تلغم الحريات وتخنق التعددية و تٶول الی عسكرة المجتمعات والسلطات وتختزل الواقع.

شيرين: أقرء لي سياسيا تميز اقليم كردستان وطفرته الحضارية ..
د. سامان : لقد عانى شعب كوردستان من الحکومات العراقية المتعاقبة في السابق الكثير من المآسي المتلاحقة، وكان أبرزها ضرب قوات المقبور صدام حسين لمدينة حلبجة بالأسلحة الكيماوية عام 1988 مخلفاً ما بين 5 إلى 10 آلاف قتيل. أما “حملة الأنفال” (1986-1989) السيئة الصيت ، التي قام بها المجرم علي حسن المجيد، والشهير باسم “علي الكيماوي” ضد شعب کوردستان مستخدما الأسلحة الكيماوية ضد الكورد، مزيلا أكثر من 4 آلاف قرية كردية من على الخارطة ، إذ يقدر عدد ضحايا هذه الحملة بنحو 185 ألف شخص ، فهو مثال آخر لسياسة التمييز العنصري للحكومات المركزية العراقية ضد أهل كوردستان.
لكننا ومنذ عام1991 ، أي بعد بعد إبعاد نظام البعث من بعض المناطق الكوردستانية شاهدنا تطور تدريجي في الإقليم بالشكل الذي اصبح فيه الإقليم اليوم قبلة لكل ابناء العراق والمنطقة في سياحتهم اليه بكمال الحرية واقامتهم فيه. هناك إستقرار أمني و تطور إقتصادي و سعي من قبل حكومة الإقليم المنتخب بشكل شرعي في إفساح المجال أمام التنافس السياسي الحر، وعدم تسخير المجال الديني لأغراض سياسية. لقد تبلورت الهوية الكوردستانية و تحولت اللغة والثقافة الكوردستانية الی لغة وثقافة حية والفضل عائد الی السياسة الحكيمة للقيادة الكوردستانية المعتصمة بقيم الديمقراطية والمٶمنة بالمساوات الجندرية من جانب و من جانب آخر الثورة الإعلامية الجديدة بكافة قنواتها التقنية. هذه الطفرة الحضارية تغضب بالتأكيد الاعداء وتسر الاصدقاء. من الواضح بأن الإقليم واجه أزمات سياسية و إجتماعية في علاقته مع دول الجوار علی مدار الأثنين والعشرين سنة الماضية ، إلا أنه تمكن من الاستمرار وتدعيم سيادته، ومن ثم يمكن القول أن استراتيجية الكورد للبقاء كانت ناجحة. فقد ركزت السياسة الخارجية للإقليم على تحقيق بعض أهدافه بالإعتماد علی الدبلوماسية الاقتصادية وتطوير أجندة قوية لتحقيق الأمن القومي و فتح باب الإقليم أمام المستثمرين والاستفادة من وفرة مواردها الطبيعية واستخدامها كأداة دبلوماسية لممارسة النفوذ على جيرانها، والذين كانوا معادين للإقليم. لقد تمكن الإقليم بحكم سياستها الذكية القضاء علی مشكلة التطرف الإسلامي و قام بدمج القوی الإسلامية المعتدلة في النظام السياسي للإقليم. هذه بعض من النقاط التي يمكن أن نأخذها بعين الإعتبار إذا ما أردنا أن نميز طفرة الإقليم سياسا.

شيرين :: المجهر السياسي السوري هل نعتبر دمشق عين الشرق فيه وأين نضع الموقف كردستان من محنة الشام

د. سامان : إذا كنت تقصدين بالشرق المحاور الثلاثة إيران و روسيا والصين ، فهذا أمر لايقبل الجدل ، فلهذه الدول مصالح إستراتيجية في سوريا و بالأخص لإيران. موقف إقليم كوردستان من التطورات السياسية في سوريا واضح وجليؔ. صحيح بأن الكورد يهدفون الی تأسيس خطاب قومي موحد وترتيب بيتهم بعد أن تمكنوا بفضل الهزة التي تعرضت لها دولة سوريا منذ بداية ٢٠١١ ولأول مرة في تاريخهم من طرح أنفسهم في الخارطة السياسية في سورية.، لكن حكومة الإقليم تأمل في بناء دولة ديمقراطية تعددية تضمن حقوق الشعب الكردي وجميع المكونات الأخرى في سوريا.

شيرين : الاقصاء السياسي في العملية السياسية لاي دولة هل من الممكن ان يهز اكبر تاريخ لتلك الدولة كالعراق؟
د. سامان : إن أخطر ما يتضمنه إقصاء الآخر هو إنبثاق العبودية وإنمحاء الحرية. وهذا يكشف نظام شمولي يطمس كل إنفتاح للذات تجاه العالم. بمعنی آخر ، إن ثقافة الإقصاء يعني عدم رؤية الآخر وعدم تقدير مواقفه وآرائه أو التعامل معه وكأنه جرثومة يجب وأده واستئصاله ، هذە السياسة التي مورست من قبل نظام البعث بمنطق حصري ضدي عنصري عدواني إرهابي لعقود طويلة جلب معها الكوارث والآفات والمحن المعنوية والمجازر البشرية. إنه عين السخرية عندما نشاهد في العراق محاولة من قبل الحكومة في تأثيث المشهد السياسي الشمولي بديكور “حداثي” و “ديمقراطي” يغلف علاقات القمع والإقصاء السياسيؔيْن ، ويسبغ بعض أردية الشرعية علی نظام سياسي يفتقر الی أية شرعية. النرجسية المدمرة والاستقواء بالخارج فى مواجهة الداخل خطأ جسيم وإذا استمرت الحکومة الحالية علی السياسة القديمة ، فبالتأكيد سوف يكون تاريخ العراق قراءة الماضي علی قبر كلمات مطوية.

شيرين : دكتور سامان لنترك ضفاف السياسية ونخترق براكين المرأة والحياة لكن بنسمة هادئة الا وهي الجنس ..
الا تعتقد أن الجنس هو الوسيلة لتحقيق الحياة …؟؟؟
د. سامان : من المعلوم بأن الحياة تتولد وتتحقق في الوصال الجنسي الذي يتم بين الرجل والمرأة على نحو حبٍّ ومحبة. يهدف كلُّ دافع إلى تحقيق غاية والجنس في الإنسان تعبيرعن فعل الكيان ككل ، يتأثر في الإنسان بعوامل نفسية واجتماعية. الجنس محبة ، فهي الصلة بين قطبي الحياة لتوليد الحياة أو للتعبير عنها ، بها يدرك الإنسان بعده اللامتناهي أو الإلهي. الجنس الإنساني يتكون من عواطف ومشاعر وأفكار ومُثُل وتصورات ، فهو فريد من نوعه ، ذلك لأنه يتجاوز الحاجة البيولوجية ، بواسطته تلتحم أجزاء الكون وتأتلف وتتناغم. بنظري الجنس هو لقاء مع الآخر و تعبيرعن الكيان الواحد و تحقيق للحياة من خلال قطبي الحياة: الرجل والمرأة.
شيرين : أختلفت الاراء الى تفسير عملية الجنس بين الفلاسفة لبني الانسان انتم درستم الفلسفة هل تجدون هناك تفسير معين لوصول البشر للذروة الجنسية؟ الكثير يفسرها على انها شهوة وتنقضي والبعض يفسرها وخصوصا عند العرب على انه شىء مخجل …أنا ارها هي مرحلة انتقال الى عالم الروح …فلسفيا كيف وجد د. سامان سوراني هذا المنحى الفلسفي؟

د. سامان: لاجدال في أن الجنس هو أهم شيء في حياتنا ، لكننا عندما نفتح لە الباب علی مصراعيه فسيأتي علی الفحوی والمغزی العميق لوجودنا. وبالمقابل فإننا عندما نضيق الخناق علیه أو نثقله بتصورات الخطیئة والرذيلة فسنشوهه و سنفقد نحن أشياء جميلة ومجيدة، بمعنی آخر، ينبغي للجنس أن ينتظم في مجمل علاقاتنا. الحب والإنسجام هما حصيلة الإحترام المتبادل والمساعدة القائمة في كل نواحي الحياة. بالتأكيد كلما ارتفعت درجة التطور للكائن الحي أصبح كل من الحياة الجنسية والتجاذب بين الجنسين مرتبطا بالإيحائات العصبية. القواعد أو المعايير الأخلاقية لم تكن في يوم من الأيام قانوناً أبدياً وإنما كانت دوماً مختلفة و متغيرة ، لقد وجدت لخدمة مصالح فئات المجتمع المختلفة. الوصال الناجح أو ما تسمینه أنت بمرحلة الإنتقال الی عالم الروح يكسب المرأة سعادة طويلة الاجل ، لذا نجدها راضية حتی وإن أخفقت في مرات لاحقة في بلوغ قمة النشوة أو الذروة الجنسية. أما الشراكة الجنسية فهي في نظري ليست هدية وأنما وظيفة مستمرة وحلها يتعلق بالتربية وبالمجتمع وبالتالي وقبل كل شيء بالناس الذين يريدون أن يتعايشوا مع بعضهم بعضاً سعداء.

شيرين : ماالفرق بين المحبة والحب من خلال قراءاتي للكثير من الكتب وجدت ان الفرق شاسع بين الاثنين وكبير فلسفيا مثلا الحب يجرنا للشهوة لكن المحبة تردعنا بوجود الله والشريعة واحترام الاخر كيف تجده حضرتكم؟
د. سامان : لو أننا فهمنا الحب علی أنه اهتمام بحياة الآخرين وشعور بأننا جزء من كلؔ وإسهام بنصيبنا من أجل رفاهية البشرية ، لكان في وسعنا القول ، إن الحب هو المعنی الحقيقي للوجود البشري بأسره. الإنسانية في حاجة الی الحب ،لا لكي تستمر مهزلة البقاء ، كما زعم الفيلسوف الألماني آرتور شوبنهاور، بل لكي يتحقق المعنی الحقيقي للحياة البشرية ، كما قال مٶسس مدرسة علم النفس الفردي النمساوي الفرد أدلر ذات مرة. صحيح بأنه في الحب أو الايروس شيء من المحبة لأنه وجهها المادي ، لكنه مع ذلك يشير إلى التجاذب ، إلى الحنين والتوق التلقائي الذي يخلو من الوعي. الحب الحقيقي هو تلك العلاقة الثنائية التي لايستأثر فيها أحد الطرفية بمركز الثقل ، بل يعد كل منهما نفسه مجرد جزء من كلؔ. هنا يمكن القول بأن الحب خـاص والمحبـة عامـة . المحبة هي القوة الواعية الدافعة باتجاه المعرفة والإبداع ، فهي عطاء لاينتهي وأساس التفاعل بين الذات ومايحيط بها. المحبة في اقترانها بالحب وبالقناعة والتجاوب المنطقي مع الفكر والوعي تمثل قيمة أخلاقية ثابتة و تعكس سمو الروح وكرامة الجسد. فهي جاذبية وانسجام متناغمين ، أداتهما العاطفة ونتاجهما الإبداع.

شيرين : في سورة النساء،الاية 34 “الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا”.
انتم من الذين عاشوا في بلد متقدم كالمانيا درستم وتشعبتم في المجتمع الغير عربي ..واكيد لاحظتم الفوارق الجمة بين المجتمع العربي والاوربي …الرجال قوامون على النساء .. الاية صريحة ولم يقل أولياء ..والقوامة والولاية امر مختلف تماما فالقوامة تعني الرعاية والحماية أما الولاية فهي أثر من آثار نقص الأهلية في الشخص الذي تسري الولاية عليه..
لماذا نجد المجتمع العربي والاسلامي معتقلاً نفسه والمراة وفق أنها ناقصة عقل ودين …هل نستطيع ان نقول ان الرجل العربي رجل اناني متسلط …ام هو ضحية مجتمع مازال يرى من ثقب ابرة ..

د. سامان : بدایة أود أن أشير الی المادة الأولی من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص: “تولد الكائنات البشرية جميعها حرة ومتساوية في الكرامة والحقوق”، لكن الرجل في المجتمعات العربية المحافظة وبسبب رسفه في أغلال التقاليد الرجعية الموروثة التي تسوّغ له ممارسة الاستبداد بالمرأة والتحكم في مصيرها وحريتها لا يستطيع أن يهضم مضمون هذه المادة.
لقد أشار عالم الإجتماع الكبير علي الوردي بأن العالم العربي هو موطن البداوة و أكثر المناطق في العالم تأثرا ومعاناة بين قيم البداوة وقيم الحضارة. للأسف يٶثر هذا الصراع الی یومنا هذا علی البنية الثقافية وسمات الشخصية العربية. المجتمع العربي هو مجتمع أبوي ذكوري وعلی المرأة في هذا النوع من المجتمع أن تخضع وتنصاع الی أوامر الذكر ونواهيه. الرجل في الشرق الأوسط لايعترف بأنه بدون المرأة قياس عقيم لاينتج. أما المرأة فهي مثل الرجل إنسان یعقل، إنسان له عواطف وإحساسات، یشترك معه في العمل. ولو أردنا أن نقدر الدرجة التي وصل الیها أي شعب من الشعوب في الحریة فعلینا أن نبحث في الحریة التي یتمتع بها النساء فیه ، یعني أن مقدار التحرر الذي تحصل علیه المرأة من العبودیة السالفة في أي مجتمع هو أضبط مقیاس لتحرر هذا المجتمع.

شيرين : دكتور سامان هل نعتبر الفلسفة الوجودية هي رحلة البحث عن الله؟؟؟؟

سامان : الفلسفة الوجودية تتناول مشكلات وجودية ، مثل مشكلة معنى الحياة، مشكلة الموت، ومشكلة الألم ، لكنها لاتقف عند حد تناول هذه المشكلات. قرأت وأنا إبن العشرين إعترافات اوريليوس أغسطينوس هيبونيسيس أو من يسمی عندنا بالقديس أوغسطين المٶمن بالجبرية و خواطر للفرنسي باليز باسكال و إدراكات الفيلسوف الإسباني الباسكي ميکويل دي أونامونو و روايات الروسي دوستويفسكي وخاصة روايته المشهورة “الإخوة كارامازوف” وأشعار النمساوي المجري راينر ماريا ريلکه ، هٶلاء تناولوا في أعمالهم موضوع الخالق لكن لا بعمق الأب الروحي للفسلفة الوجودية الدنماركي سورين كيرکجارد أو الطلاب المنتسبين له أمثال الفرنسيين غابريل مارسيل و جان بول سارتر و الفلاسفة الألمان أمثال كارل ياسبرز و مارتين هايدغر ونیتشه والروسي نيکولاس بريانيف. إن معالجة المشكلات الميتافييقية من قبل هٶلاء لعبت دور مهم في نشأة الفلسفة الوجودية. سورين كيركجارد يٶكد في فلسفته أولوية الوجود علی الماهية وهو علی ما أظن أول من أعطى كلمة “وجود” معناها “الوجودي”، فهو بمعارضته للعقل يری أنه لايمكن الوصول الی الإله بوسيلة طرائق الفكر وإن اللحظة هي تركيب يجمع بين الزمان والخلود والوجود يتماشی تماماً ويتطابق مع الزمانية. إن محاولات الوجوديين للوصول الی الوجود في ذاته بإختلاف تجاربهم الشخصية يتم بالتغلب علی النزعة المثالية و تعديها ، فالإنسان أو مايسمونه “الموجود” كحقيقة ناقصة و مفتوحة ومربوطة أوثق إرتباط الی العالم وخاصة الی البشر الآخرين ، يخلق نفسه بنفسه ، أي إنه هو هو حريته هو.
بالرغم من أن مارسيل و كيركجارد أعلنو إيمانهم بالألوهية ، إلا أن هذا لا ينطبق علی ياسبرز ، الذي قال بوجود التعالي أو المتعالي أو علی الفيلسوف هيدغر الذي أنكر الألوهية . أما سارتر فوضع مذهب صريح ومتسق الأركان في إنكار الألوهية. بصراحة سٶالك هذا عام ويحتاج الی دراسة خاصة.

شيرين : هل تعتبرون بداية اي وجود هو الفكر…
د. سامان : لو أخذنا بمذهب الفيلسوف الفرنسي رينيە ديكارت في الـ”كوجيتو” “أنا أفكر إذاً أنا موجود” نری بأن الفكر يسبق الوجود ، لأنه من غير التفكير لا أستطيع القول بوجودي ، بمعنی أن الفكر هو الذي یكشف لي حقيقة الوجود. صحيح بأن الوجود ككيان مادي شاخص كائن ، لكن بدون الفكر لا أحد يستطيع إثبات هذا الوجود المادي الكائن. هل يمکن الفصل بينهما؟
إن مقولة ديكارت شكلت إعلاناً بالتحرر من أطر الفكر المدرسي و خروجاً من قوالب المنطق الشكلي ، فالكوجيتو الديكارتي هو يقظة من سبات الفكر اللاهوتي ونقلة من التمركز حول الله الی التمركز حول الإنسان ، إنە إعلاناً بلغة الفلسفة عن تشكل الإنسان ذاتاً مفكرة تخلق وتبدع بعد أن كان مخلوقاً مترهنا بفكره وإرادته لقوی الغيب ومشيئة اللامرئي. أنا أری أن حال الفكر والوجود، كما هو حال الروح والجسد، فلا الروح قادرة على أن تنفصل عن الجسد إلا بالعدم، ولا الجسد قادراً على أن ينفصل عن الروح إلا بالعدم، فهما في النهاية محكومان بوحدة لا تنفصم، وكذا الفكر والوجود. أما الإدراك والعقل والفكر وآليات الدماغ فهي وسائل للتعاطي مع الوجود والحياة. والبحث في الوجود يعني البحث عن رٶية الإنسان وإحساسه وإدراكه وإنفعالاته. الفكر عندي هو حركة الواقع وقد إنتقل لذهن الإنسان فلو لم يكن هناك حركة للواقع المادي ما كان هناك فكر ولا حياة. بالتأكيد لاتفكير بلا غاية. والفكرة تنشأ من صور مادية تترتب بعدها لتخدم حاجة وجودية سواء مادية أو معنوية تتمثل فى الأمان والسلام.

شيرين : لغة الخطاب السياسي تتحمل جزء كبير من كاهل الامة فالعراق مثلا دولة تفقد الى لغة الخطاب السياسي بسبب النزاع على العروش …الى اي مدى تحتاج الشعوب …لتخرج من قوقعة التهتر الواقعي ..واعني العراق

د. سامان : بما أن الخطاب السياسي حقل للتعبير عن الآراء واقتراح الأفكار والمواقف حول القضايا السياسية من قبيل شكل الحكم كالديمقراطية واقتسام السلطة والفصل بين أنواعها ، إلا أننا لانری أن في العراق أحزاب تمتلك لغة الخطاب السياسي المقنع والهادف إلى حمل المخاطب على القبول والتسليم بصدقية الدعوى عن طريق توظيف حجج وبراهين. الخروج من قوقعة التهتر الواقعي يتم إذا ترك المجتمع عقلية الإعتماد علی زعيم أوحد أو قائد ملهم أو مهدي منتظر ، يختزل مجتمعاً بكامله أو يستبد بلد بأسره بهدف تشكيل حشود بشرية أو قطعان عمياء تصفق وتطرب و تعد وتتوعد ، لكي تقع في النهاية ضحية من تقدسه وتبجله من زعماء وأئمة وآيات الله وحجج المسلمين. وللعراقيين تجارب في هذا المجال.

شيرين : يمر العالم العربي في مرحلة خطرة وهي نتاج لسيناريو لابد ان يكون هذه التغيرات ، هل نستطيع ان نضع ضمن اطار الثورة الوجودية ؟؟؟؟؟
سامان : هناك رأي للكاتب الجيكي القدير فاتسلاف هافل حول الثورة الوجودية، فهو يقول بأن الثورة الوجودية عبارة عن إمكانية إعادة هيكلة المجتمع أخلاقيا ، بمعنى تجديد جذري لعلاقة الإنسان بما أطلقت عليه “النظام البشري”. إن الأمر يتعلق بهذا المسار، خبرة وجودية جديدة، تجديد الارتباط بالعالم، الالتزام المتجدد بالمسؤولية العليا، إعادة اكتشاف العلاقة بالآخر والتضامن مع المجتمع.
العالم العربي والإسلامي تواجه أزمات ومآزق ، فهو يحتاج الی إعادة النظر في الكثير من المسائل الجوهرية ، منها القوة وفي مصدرها و أوجه إستخدامها. في الواقع الکوني الجديد لم تعد القوة هي قوة عسكرية محضة ، كما يراها السيد نوري المالكي وأمثاله من الكلاسيكين العرب، أصحاب عقلية ماقبل الزراعة، بل قد تكون إقتصادية عبر إنتاج السلع والتقنيات والمواد الصلبة ، وقد تكون ناعمة عبر إنتاج الثقافة والرموز من الأفكار والقيم والمثل والمعارف والمعلومات. أين العالم العربي من كل هذا؟ المجتمعات العربية سقطت للمرة الثانية في إمتحان الفردية والمواطنة والديمقراطية والمجتمع المدني ، وتراجعت وللأسف عما كانت علیه قبل عقود.
شيرين : هل توجد في الحب فلسفة؟؟؟
د. سامان: موضوع الحب أثير في كل الثقافات وعند كل الأمم، وأصبح في حياتنا المعاصرة ثقافة ودواء لعلاج أمراض الإنسان المعاصر من الوحدة، ومن أمراضه العضوية وهناك ثمة مقولة صوفية مفادها أن الحب “لا يكون موجوداً، حتى تخاطب الـ أنت بـ ألـ أنا”. بما أن الحب هو المعنی الأسمی لكل ما يحيط بنا، فأن مفهوم الحب وتعريفاته قضية أثارت منذ البدء جدالاً وإختلافاً لدی المفكرين والفلاسفة. الحب فلسفة وهو كشعور أسمی للإنسانية ونور يفتح كنوز العالم لايمكن جمعه وتفسيره وتحديده بمقال. لقد أشار أفلاطون علی لسان أرسطوفان الی أن الحُبّ جاء ليعيدنا إلى نشأتنا الأولى التي خرجنا منها، إنه يفعل كل شيء في سبيل إعادة وصل النصفين المشطورين واستعادة تلك اللُحمة الأصلية التي جسدَّت كمالنا الحقيقي. جوهر الحب هو البراءة والبساطة ، فهو بداية المعرفة رغم أنه يجلب لنا بجانب الغرق في بحر العواطف والأحاسيس الجراح والآلام، وفي التعبير عن العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة يمكن القول بأن الحب هو كيمياء متبادلة بين أثنين وهو حالة قصوى من حالات الشرط الإنساني كالخوف والقلق والموت.
شيرين : يراودني شعور ان قلم سامان سوراني يجيد العوم في دنيا الانثى واعني القوافي كما هو في زوبعة الفلسفة
سامان : أنا لا أری بأن دنيا القوافي رفاهية أوغياباً عن الواقع ، بل هو الحضور الأعمق فى قلب العالم. الشعر في نظري هو الشعور الإنساني، وجوهر الفكر البشري ونتاج التجارب النفسية العميقة الصادقة، بل هو المرآة التي تحاكينا وتترجم أحاسيسنا ومشاعرنا. لقد كتبت بحثا علميا مفصلاً باللغة الألمانية حول شعر وحياة الفيلسوف الشاعر الكوردي العراقي جميل صدقي الزهاوي ، الذي دافع كمصلح إجتماعي طوال حياته عن المرأة وهناك محاولة من قبل مٶسسة الزهاوي في بغداد لترجمته الی اللغة العربية. صحيح بأنني أكتب في حالات خاصة الشعر ولكنني لست بالشاعر.
شيرين : هل نسمي المرأة فلسفة الحياة والى اي مدى؟
سامان: إن خطاب المرأة لا تكتبه إلا المرأة، وحقيقتها لاينطق بها سواها، وإرادتها لايعبرعنها غيرها.

الحوار معكم دكتور سامان يثير فضولي لحوار اخر شكرا لوجودك معي في عالم اللا منتهى

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بطاقة شكر وتقدير

بطاقة شكر وتقدير تتقدم اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا بجزيل الشكر والتقدير ...