سربست بامرني : العرب والكرد وشيء من التأريخ

Share Button

عام 1975 انهارت الثورة الكوردية الدفاعية نتيجة لعبة دولية قادتها الولايات المتحدة الامريكية وانتهت بتقرير (لجنة بايك ) الذي أكد على لا أخلاقية السياسة الامريكية انذاك تجاه الكورد وبذلك سنحت الفرصة ResizeImageHandler (1)تماما امام جبروت السلطة الدكتاتورية لتنفيذ ابشع الجرائم ضد الشعب الكوردي في العراق ابتداءً من الاعتقالات والتصفيات الجسدية وانتهاءً بتهجير عشرات الالاف من المواطنين الكورد من قراهم ومدنهم الى جنوب العراق وصحاريه في محاولة يائسة بائسة لخلق العداء القومي بين العرب والكورد والمراهنة على حالات الانتقام الفردية خاصة مع وجود الكثير من الضحايا في الحرب التي شنتها السلطة الدكتاتورية ضد شعب كوردستان عام 1974.

ايامها كنت من بين اللذين تم نفيهم الى جنوب العراق وصحاريه اذ كنت مبعدا الى قضاء ( عفك )في محافظة الديوانية التي ايضا كان فيها الكثير من ضحايا ما سمته الدولة بأحداث الشمال!   كانت الناقلات العسكرية العراقية من النوع الذي نسميه في العراق بالقلابة تنقل العوائل الكوردية الى صحراء عفك بالمئات وكما تفرغ الشاحنات حمولاتها من الصخور والرمال وما الى ذلك كانت هذه الناقلات تفرغ شحناتها من المواطنين الكورد على قارعة الطريق فيتساقطون بعضهم على بعض نساء ورجال وأطفال وشيوخ وهذا الذي يصاب بجرح وذاك الذي تنكسر يده او قدمه وفي قيض الصيف اللاهب دون مياه للشرب او مأوى من اشعة الشمس الرهيبة او حتى ما يسدون به رمقهم.   كشاهد عيان كنت ارى يوميا ومع وصول الناقلات كيف كان اهالي عفك والمناطق التابعة لها افرادا ومجموعات يأتون بما يملكونه ويذبحون الذبائح تحت اقدام الكورد ولا ازال اتذكر بوضوح قولهم : ( اخواننا الكورد يكسرون الخاطر )مع انه كان من بينهم بالتأكيد من فقد عزيزا لديه في ما يسمى بأحداث الشمال!   السلطات العراقية خلال اكثر من ثماني عقود حاولت ان تجعل من حروبها العنصرية الظالمة ضد الكورد حربا عربية كوردية دون جدوى وفشلت فشلا ذريعا في صناعة هذا الشرخ فقد كانت العلاقات العربية الكوردية اقوى وامتن بكثير من شرها المستطير وأكثر تقدما فكريا من عقليتهم الهمجية المتخلفة ولا يزال العراقيون عامة والكورد خاصة يتذكرون ابناؤهم من الشهداء العرب الذين استشهدوا وهم يرفعون شعار (السلم في كوردستان) ومن اجل حصول الشعب الكوردي على حقوقه القومية المشروعة كما لا يزال الكورد والعراقيون يتذكرون مواقف السعودية ومصر وليبيا وسوريا والأردن والمعونات والتسهيلات التي قدموها للثورة الكوردية والشعب الكوردي ولعل موقف السعودية الذي كنت شاهدا عليه ابان الهجرة المليونية عام 1991 والمعونات التي قدمتها انذاك سفارتها في تركيا بإشراف مباشر من السيد السفير الدكتور عبد العزيز خوجة مثال على قوة وعمق العلاقات العربية الكوردية التي صمدت امام الكثير من المحن والمواقف الصعبة وهجوم الانظمة الدكتاتورية التي اعمى الله بصرها وبصيرتها ولم تستوعب حقائق التأريخ ومدلولاتها إما تحت شعارات دينية وطائفية مزيفة او يافطات قومية عنصرية مشوهة ومريضة اذ كيف يمكن ان يكون المرء صادقا في احترام قوميته وهو لا يحترم قومية الاخرين وانتمائهم وحقهم المشروع في الحياة الكريمة.   ان محاولة السلطة استغلال استشهاد الاعلامي الدكتور محمد البدوي على يد عسكري كوردي تابع وظيفيا لوزارة الدفاع العراقية لجر الشارع العراقي الى الاحتراب القومي بعد ان فشلت في جره الى الحرب الطائفية هي اكبر حماقة سياسية تقترفها هذه السلطة العاجزة تماما عن توفير الامن ولقمة العيش الكريم للمواطن العراقي ورهانها على هذا الموقف المبتذل للحصول على اصوات الناخب العراقي رهان ميت لا حياة فيه ومن المؤكد انها ستخسر اصوات الكثيرين من المواطنين العرب بعد ان تبين لهم الدرك الذي وصلته سلطة المنطقة الخضراء في معاداة كل مكونات الشعب العراقي القومية منها والدينية والطائفية.   التآخي العربي الكوردي يعني العراق ومستقبله والذين يحاولون النيل منه هم فقط اولئك الذين لم يقرؤا التاريخ واغلب الظن سيدفعون ثمن ذلك غاليا اذ لم تعد الحياة وروح العصر يقبلان بمثل هكذا عقليات مريضة متخلفة عفى عليها الزمن.

نقلا عن ايلاف

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 639 من الديمقراطي

صدور العدد الجديد (639) من جريدة الديمقراطي باللغتين العربية و الكردية. الافتتاحية : من المعلوم ...