سامان سوراني: إعادة تعريف العلاقات الأمريكية تجاه إقليم كوردستان

Share Button

121/4/2013

صحيح بأن تبني “القوة الناعمة” في التعامل مع القضايا الدولية أصبح من مسلمات القرن الـ٢١، لأن القوة العارية بعنفها و حروبها و أبطالها وكوارثها لم تعد تغري العقلاء أو الذين أفادوا من دروس الحروب، التي لا تنتج في هذا الزمن المعولم سوی الدمار المتبادل.

ومن المعلوم بأن الشراكة في ظل عصر المعلومات الذي نعيشه يعتمد الی جانب سياسات الحکومات علی القوة المدنية و مواقف الناس أيضاً، لكي تستطيع أن تصمد و تحافظ علی متانتها. والدبلوماسية هي بمثابة العمود الفقري للسياسة الخارجية والعمل بالجهود الدبلوماسية الفعالة لمعالجة التحديات والأزمات هو من الأمور التي تمهد الطريق أمام الاستقرار.

جورج بوش الابن حاول أن يضع أساس فلسفي لـ”إستراتيجية الحرية المستقبلية” في الشرق الأوسط و أعتقد هو كـ”مناصر” للديمقراطية بأن الديمقراطية ليست السبيل الی عالم مثالي، لكنها السبيل الوحيد الی النجاح والكرامة الوطنيين، أما الإدارة الأمريكية  فقد كانت و لا تزال متناقضة السلوك في بعض المسائل، منها القضية الكوردية. فهي للأسف لا تشدّد علی تعميم التجربة الكوردستانية في الديمقراطية في كل أنحاء العراق من دون إستثناء.

فقضية حقوق الإنسان و التمثيل السياسي و تقبل الآخر و حكم القانون و حقوق المرأة و شفافية صنع القرارات الحكومية ، كلها أمور يجب أن تدعم من قبل الولایات المتحدة الأمريکية لتثبت من خلالها عمق التزامها بقضية الإصلاح والتغيير في المنطقة. والتكتيك التي تستخدمه الولايات المتحدة لتعزيز دور المالكي وترددها في إنتقاد سياساته السلبية تجاه إقليم كوردستان لن يكون لصالح الفدرالية أو لصالح المدّ الديمقراطي في العراق.

واشطن تعلم جيداً بأن الجغرافية السياسية للشرق الأوسط تقف اليوم الی جانب الكوردستانيين و إن إقليم كوردستان من الناحية الأمنية هو القطب الهادیء في المنطقة وإن فرض سلطة المالكي علی الإقليم سوف يٶدي الی زحزحة كل من الإستقرار و الأمن فيە و يكون حجر عثرة أمام التقدم و النمو الإقتصادي.

نحن نعرف بأن السياسة الخارجية تصنع في البيت الأبيض  والولايات المتحدة تجاهد في سبيل منع ظهور منافس عالمي آخر في المنطقة ، لكنها في الوقت نفسه تهمل فرصة القيام بتحالفات مع منطقة حيوية تحتوي علی موارد إقتصادية و بشرية كإقليم كوردستان لتمنع الهيمنة المعادية علی هذه المنطقة الحساسة أو لتكسب التأييد المحلي لزعامتها و لا تحثّ بغداد علی تطبيق بنود الدستور و إرساء حكم القانون و إستقلال القضاء و إحترام  مبادیء الشراكة أو عدم السماح لإستخدام المحكمة العليا كمجرد أداة  تعمل علی ترسيخ سلطة الفرد. إن محاولات بغداد في السير نحو الهاوية ولدت معضلات أدت الى تعقيد العملية السياسية وبروز الاحتجاجات في أغلب المناطق بالعراق.

وإن تمرس أمريكا الدور الاستشاري بعد انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من العراق وعدم سعي إدارة أوباما بجدية في حل اخلافات بين الحكومة الإتحادية و الإقليم الفدرالي دليل آخر علی ممارسة الإزدواجية في السياسة، مآل هذه السياسة هو إفشال  مشروع الشرق الأوسط الكبير للمحافظة على الأمن القومي الغربي و على التقدم الحضاري العالمي.

حكومة الإقليم تعمل في سبيل ربط استقلاليتها الاقتصادية بالفكر الديمقراطي و الإنساني المتسامح و المنفتح ، الذي يعترف بالآخر و يقبل الرأي المختلف ، لأن حرية و رفاهية الإنسان هي الهدف من الإستقلال و التقدم. هذه الحكومة هي اليوم عامل إستقرار في المنطقة و سياستها تدعم وحدة العراق و تساهم في تثبیت الفدرالية، لذا نری بأن عقود الشراکة الاستراتیجیة بین واشنطن و أربيل يجب أن تبنی علی أساس المنفعة المشتركة ، لا أن تبقی الأخيرة اسیراً في دائرة المصالح الامیرکیة الاقلیمیة.

وختاماً: “ما نحتاجه بعد كل تلك الطفرات المعرفية والتحولات الفكرية هو إعادة تعريف علاقاتنا و كسر التعارضات الخانقة، لإتقان صناعة التنمية و هندسة العلاقات السياسية بشكل يٶمن حق تقرير مصير الشعوب بعد فتح خطوط للشراكة الإستراتيجية المٶدية الی الحرية و الإستنارة والعقلانية.”

كاتب سياسي و باحث أكاديمي

 

 

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد 84 من جريدة التقدمي

صدر العدد (84) من جريدة التقدمي الشهرية الصادرة عن مكتب الثقافة و الاعلام في منظمة ...