بدأت مباحثات جنيف ببرودة شديدة بتاريخ 9/2/2016 وتكهنات واحتمالات عديدة حول المفاوضات التي ستجري لاحقاً و التي تهدف إلى إحلال السلام عبر الحوار السلمي عوضاً عن المعارك الطاحنة التي كانت سبباً في رجوع سوريا 25 عاماً إلى الوراء من النواحي الثقافية و الاقتصادية و العمرانية.
لذا نحن بحاجة إلى أمان و ظهور أفكار جديدة و حقيقية في الساحة السياسية و العسكرية للانتقال بسوريا إلى بر الأمان بعد موافقة كافة الأطراف في الحوار الذي يجري الآن في جنيف حول تطبيق الفدرالية على أرض الواقع .
دراسة وضع سوريا بعمق خلال الفترة الماضية و ما ستؤول إليه في المستقبل إن لم يضع حلاً لها و الأخذ بعين الاعتبار وجود طوائف و أديان و إثنيات عديدة يستوجب مراعاة حقوقها و ظروفها حيث من الصعب جداً أن تقبل طائفة أو قومية أن تحكمها طائفة أخرى بسبب انعدام الثقة بعد الكم الهائل من المجازر التي حدثت منذ بدأ الثورة السورية و حتى الآن .
أما عن الشعب الكردي في سوريا فقد اصبح القوة الأساسية التي تحارب داعش و جبهة النصرة و غيرها من التنظيمات الإرهابية بجدية , لذا من الصعب أن تترك القوى العظمى الشعب الكردي وحيداً في هذه الحرب و على رأس هذه القوى روسيا و أمريكا , و ما دام خطر التنظيمات الارهابية لا يزال يهدد المنطقة و دول كثيرة , فباعتقادي أن أمريكا و روسيا لن تتراجعا عن تقديم الدعم ل YPG و قوات سوريا الديمقراطية على الرغم من وقوف الدولة التركية ضد هذا الدعم , أما السؤال المحير هل سيدوم هذا الدعم المساند حتى نيل الشعب الكردي في سوريا حقوقه المشروعة ضمن سوريا جديدة و فيدرالية أم ستنحاز إلى طرف كل من تركيا و ايران و الشوفينية العربية .
أعتقد أن التطور البشري الذي مرت بها الدول الغربية التي انتهت من زمن العبودية و حصلت كافة الطوائف و القوميات و الأديان على حقوقها قبل عام 1905 و في الاتحاد السوفيتي السابق عام 2000 و ستستمر شرقاً حتى تصل إلى الهند و الصين لاحقاً .
لكي نعود إلى مباحثات جنيف باعتقادي انها سوف تطول أكثر من اللازم لأن الائتلاف يتألف من بعثيين منشقين و اسلاميين و غيرهم من العناصر الرازحين تحت الهيمنة التركية و الفكر البعثي امثال رياض نعسان أغا و رياض حجاب الذين لم يستقيلوا من حزب البعث حتى الآن , أما الحقيقة فإن نجاح المفاوضات مرهون بجدية الطرفين الروسي و الأمريكي و اشتراك كافة المكونات السورية بشكل فعال و من ضمنهم الكرد ليعم السلام في سوريا و يحصل كل مكون على حقوقه المشروعة .
أما مسيرة المفاوضات حتى وصولها إلى المؤتمر مرتكزة على بندين مليئين بالمشاكل و الاختلافات:
البند الأول : الخلاف حول حكومة وطنية أم حكومة انتقالية , فالحكومة الوطنية عبارة عن الحكومة القائمة مع ضم عناصر من الائتلاف و شخصيات سورية مستقلة , أما الحكومة الانتقالية فهي تشكيل حكومة جديدة لفترة انتقالية قد يكون بشار الاسد على رأسها أو بدونه.
أما البند الثاني و هو الأهم فسوريا موزعة حسب الواقع بين الطائفة العلوية في الساحل و الكرد في الشمال و السنة في المناطق الداخلية يتخللها سيطرة داعش على بعض المناطق كالرقة و دير الزور و غيرها من المناطق , نستطيع القول هنا بأن العالم متفق على انهاء داعش عاجلاً أم آجلاً , على ذلك يبقى الصراع بين الأطراف الثلاثة , و بالرغم من أن النظام تمادى في ظلمه و جرائمه ضد الشعب عامةً لم نرى موقفاً حاسماً من الدول العظمى و مجلس الأمن ضده و ضد غيره من الانظمة الدكتاتورية مثل تركيا و دول عربية و اسلامية .
إذاً و حسب الواقع على الأرض سيكون الاتفاق على سوريا تعددية فيدرالية ضمن حدودها الحالية .
أخيراً باعتقادي إن جائزة نوبل للسلام لعام 2017 ستكون من نصيب الرئيسين باراك أوباما و فلاديمير بوتين إذا تم حل المشكلة السورية سلمياً بجهودهما هذا العام .
Rêwî
14/03/2016