قام الرئيس أوباما بالخيار الصحيح حيال مراجعة استراتيجية الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية. قبل شهرين, وضع استراتيجية شاملة لتفكيك وهزيمة هذه المنظمة الإرهابية المتوحشة. بدأت إدارته بتطبيق الاستراتيجية, وإحراز تقدم من خلال توجيه ضربات جوية ودعم المجموعات المحلية المستعدة لمواجهة مقاتلي الدولة الإسلامية, واستخدام الدبلوماسية وفرض العقوبات.
في جميع الأحوال, أشعر بالقلق من أن استراتيجيتنا تفتقر إلى عنصرين هامين, هما؛ الاعتراف بأن نظام الأسد في سوريا يجب أن يرحل أيضا واستراتيجية لمعالجة القضايا الأساسية التي خلقت فضاء لظهور الدولة الإسلامية وتمددها. ومع قيام الإدارة بإجراء مراجعة شاملة, فإنني أحث الرئيس لدمج هذه العناصر في استراتيجيته القادمة.
يجب أن تكون الدولة الإسلامية على رأس أولوياتنا في المنطقة؛ فهي تمثل الخطر الأكثر وضوحا وإلحاحا ضد مصالحنا الأمنية القومية ولشركائنا أيضا. أنا أخشى من أن الإدارة ربما حولت انتباهها بعيدا عن هدفنا السابق المتمثل في الإطاحة بحكم بشار الأسد القمعي والعنيف. لقد حان الوقت لكي تلقي الإدارة نظرة فاحصة على بداية هذا الصراع: حيث المظالم الكبيرة التي كانت تقوم بهما كل من الحكومتين في دمشق وبغداد.
منذ أكثر من ثلاث سنوات, وبعد القمع الذي مارسه نظام دمشق ضد المتظاهرين السلميين في حماة, دعوت إلى إسقاط الأسد. وسرعان ما تبعني في ذلك آخرون من بينهم الرئيس نفسه. منذ ذلك الحين, تضاعفت شراسة وحجم هجمات النظام ضد الشعب السوري. ومع تركيز العالم على الدولة الإسلامية, فإن النظام مستمر في إمطار “البراميل المتفجرة” على المناطق المدنية وعلى المدارس – في خرق واضح لقرار مجلس الأمن القاضي بمنع مثل هذه الهجمات- من أجل تعذيب وإرهاب المنشقين الذين يشتبه بهم, إضافة إلى استخدام غاز الكلور في الهجمات وتجويع المدنيين الأبرياء حتى الاستسلام. لقد نجا النظام, ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى الدعم القوي الذي تلقاه في الأمم المتحدة من روسيا, التي تواصل هي نفسها ممارسة القمع في حديقتها الخلفية, و الأسلحة والتمويل من النظام الإيراني ووكيلها حزب الله. بصورة عامة, قتل أكثر من 191000 سوري مدني لحد الآن, وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
على ضوء ذلك, فإنني أختلف تماما مع قرار وزارة الخارجية إلغاء التمويل لبرنامج جمع الأدلة على جرائم الحرب المرتكبة في سوريا. آمل أن ياتي ذلك اليوم الذي يتحمل فيه الأسد وجلاوزته مسئولية الجرائم التي ارتكبوها. التخلي عن هذا الهدف سوف يعني التخلي عن التزاماتنا الدولية وتقويض مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة.
كما تكرر كثيرا على مسامعنا قول مسئولين في الإدارة وآخرون بانه ليس هناك حل عسكري كامل للصراع في سوريا. أتفق مع ذلك. ماهو الأمر الجيد في الدفاع عن المجتمع إذا كان الناس ممنوعون من الوصول إلى الخدمات الأساسية – الطعام والمأوى والرعاية الصحية والخدمات الشرطية؟ إعادة تقييم الإدارة يوفر فرصة أيضا لمراجعة العناصر غير العسكرية داخل الاستراتيجية. لقد حان الوقت الآن لكي نضاعف جهودنا لدعم المعارضة المعتدلة والمدنية في سوريا.
الاستثمار الاستراتيجي في مساعدة المزارعين والأطباء والموظفين السوريين لإدارة الخدمات الأساسية ضمن حكومة فاعلة من شأنه أن يساعد في تقويض سيطرة الدولة الإسلامية وأن يضع أساسا للاستقرار في سوريا. على سبيل المثال, مساعدة القادة المدنيين المعتدلين في تجاوز المجموعة الإرهابية لتأمين وتقديم الوقود للمجتمعات المحاصرة قبل وصول الشتاء سوف يكون خطوة أولى هامة. المحاولة الجادة لدعم القيادة المدنية في العراق – خصوصا في منطقة كردستان العراق- يمكن أن يكون لها نفس الأثر.
من المناسب ومن الحكمة بالنسبة للإدارة ولزعماء الكونغرس أن يتحاورا وأن يعيدوا تقييم استراتيجيتنا لمواجهة الدولة الإسلامية والمساهمة في تحقيق استقرار المنطقة. إنها فرصة كبرى لضمان أن استراتيجتنا تعالج الأسباب الجذرية لهذا الصراع, خاصة وحشية نظام الأسد.
نقلا عن واشبطن بوست