من المعروف أن جلسات المؤتمر الخاص بسوريا قد انطلقت في جنيف بسويسرا وكانت الجلسة ألأولى كما بدا بروتوكوليا من ناحية ، واختبار لكل طرف لنوايا الطرف الآخر من الصراع من ناحية أخرى ، وبعد الجلسة الافتتاحية عقدت عدة جلسات غير مباشرة بوساطة السيد ( الأخضر الإبراهيمي ) المخضرم والمكلف بالملف السوري من قبل الأمم المتحدة , و طرح كلا الوفدين للائتلاف والنظام ما في جعبتهما من حلول وتصورات للحل السياسي للمشكلة السورية المزمنة ، والتي أرهقت الشعب السوري عموما و أزهقت أرواح عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوي بكل أطيافه ، ولم يبقى أحد بمنأى عن تأثيرات هذا الصراع الذي تحول إلى صراع مسلح و عقيم لا منتصر فيها ، لأن طرفي الصراع أصبحا يخوضان هذا الحرب بالنيابة عن أطراف إقليمية و دولية مصالحها أكبر من الشعب السوري عموما ، و لا أحد يهمه الشعب السوري و لا مصيره بقدر ما يهدفون إلى تحقيق مصالحهم البعيدة المدى على حساب دم و شقاء الشعب السوري بكافة مكوناته ( كردا و عربا وأقليات أخرى ) ،
وشارك الكرد بوفد يمثل المجلس الوطني الكردي برئاسة السيد ( عبد الحميد درويش ) ضمن وفد الائتلاف السوري المعارض ، ولم يتح للكرد المشاركة بوفد مستقل وكانت هذه أولى خيبات الأمل للشعب الكردي الذي كان يأمل من مؤتمر جنيف 2 خيرا ، وإعادة لحقوقه المغتصبة منذ الاستقلال عن فرنسا و حتى يومنا هذا ، وبالرغم من الثقة التي يمتلكها الوفد من الشعب الكردي ، خاصة أن الوفد برئاسة شخصية سياسية مرموقة و محنكة و لها باعها الطويل في خدمة الكرد و حقوقهم في سوريا (الأستاذ عبد الحميد درويش ) و عضوية السادة ( إبراهيم برو ود.عبد الحكيم بشار و د.كاميران ) الذين يملكون الشجاعة والجرأة الكافية لأداء دورهم المطلوب منهم بالضبط والمتمثل بطرح حقوق الشعب الكردي في سوريا والتمسك بانتزاع اعتراف بوجوده كشعب أصيل من مجموع الشعوب والقوميات التي تشكل النسيج الاجتماعي السوري اضافة الى دفاعهم عن مجمل القضية السورية و مصالح شعبها ، وكذلك الثقة موجودة ببقية أعضاء الوفد الكردي ،
إلا أنه بالرغم من كل ذلك مهمتهم ليست بالسهلة وخاصة أنهم أمام طرفي النزاع السوري المتمثل بالنظام والمعارضة المتربية على إنكار المختلف كليا ، و خاصة الشعب الكردي لمدة نصف قرن من الزمان ، و لا أستبعد بتاتا أن يلتقي موقف النظام والمعارضة معا عند مناقشة القضية الكردية في سوريا ، وسقف الحقوق القومية التي سوف يوافقون عليها ، وعندها سيجد الوفد الكردي أنه بقي وحيدا في مواجهة الطرفين ، و حبذا لو كان ذلك يحدث على مرأى و مسمع المراقبون في الأمم المتحدة ، و لكن ذلك سيكون في الغرف المغلقة و خلف الكواليس،
وهذا ما يجب على الوفد الكردي أخذه في الحسبان و قد لا يسمحوا للوفد الكردي حتى بعقد مؤتمر صحفي في الأمم المتحدة كونه وفد غير مستقل ، و يشكل جزء من الوفد السوري المعارض ، وسيخبرنا الأيام القادمة بهذا الشيئ ,أعتقد أن الكرد يجب أن يبذلوا قصارى جهدهم لتوحيد موقف المجلسين الكرديين ، واشتراكهم في وضع إستراتيجية واحدة للتحرك عند مناقشة القضية الكردية ، ومن خلفهم يجب على الشعب الكردي التحرك بمظاهرات ضخمة لتعزيز موقفهم في التفاوض على انتزاع أكبر قدر من الحقوق القومية في سوريا .
الدكتور محمد شفيق ابراهيم
الديمقراطي 9-2-2014