يبدو أن المجتمع الدولي لم يشبع من قتل الأسد للشعب السوري بالبراميل المتفجرة، التي تدمر المباني وتحرق المزارع، وتهجر السكان، فغض الطرف عن استخدام السلاح الكيماوي من جديد
في ريف حماة وريف إدلب، إذ تؤكد المعلومات المتطابقة، محلية كانت أو دولية أن الأسد عاد من جديد لاستخدام السلاح الكيماوي في تلمنس وكفر زيتا، في ظل صمت دولي أو على الأكثر في ظل انتقاد خجول لإرهاب الأسد.

نحن نعلم، وقد قلنا منذ بداية الثورة في العام 2011 إن المجتمع الدولي هذا لن يحرك ساكناً لوقف المجازر في سورية، وأن لا مصلحة له بالتخلص من عميل كبشار الأسد نذر نفسه لخدمة الصهاينة والعالم كله على حساب الشعب والدم السوري.
في كل مرة كان يتم تعيين مبعوث أممي أو عربي جديد لمتابعة الثورة السورية، كنا ندرك ونقول: إن القصد هو إطالة أمد بقاء الأسد في منصبه قدر الإمكان أملاً في القضاء على الثورة المباركة، أو إفراغ المدن الكبرى من ساكنيها السنة بهدف تجنيس الإيرانيين وميليشيات حزب الله \”حالش\”، بحيث يتم صناعة دولة طائفية في سورية تكون امتدادًا للإرهاب الصهيوني الإيراني في المنطقة العربية.
دون شرح، وبمجرد تذكر الدابي وعنان والإبراهيمي، يتضح فوراً مدى الانحطاط الأخلاقي للمجتمع الدولي، حيث أعلن الجميع عن أملهم في تسوية المسألة ثم أعلنوا عن فشلهم، مع الاعتراف أن الأخضر الإبراهيمي كان الأكثر دهاء حيث استطاع أن يتلاعب بوفد الائتلاف ردحاً من الزمن ثم ينقله إلى جنيف كي تستمر المسرحية الدولية في تدمير سورية وتمكين الأسد أطول فترة ممكنة في الحكم.
بمجرد إعلان الأسد عن تسليم السلاح الكيماوي للعدو في الصفقة الروسية الأمريكية الشهيرة، انسحب ما يسمى المجتمع الدولي من أي مسؤولية أخلاقية أو إنسانية تجاه الشعب السوري، بل لنقل أن النقد نفسه رُفع عن أفعال الأسد، وتراجع الزخم الإعلامي الخاص بالثورة السورية إلى أقل من ثلاثين بالمائة، وأصبح خبر استشهاد مائة مدني من الشعب السوري يومياً خبراً لا قيمة له في وسائل الإعلام العالمية، وتم تأليف مصطلحات جديدة حول الموضوع السوري أهمها \”الحكومة والمعارضة\” و\”الإرهاب من الطرفين\” و\”الصراع المسلح\”.
لا يخفى على أي ناظر للأحداث في سورية أن الصفقة المتفاهم والمتفق عليها سلفاً، تنص على تسليم السلاح الكيماوي لأمريكا مقابل أن تغض الولايات المتحدة الطرف عن تقتيل الشعب السوري من جهة، والسماح لبشار الأسد بالترشح لانتخابات الرئاسة والفوز فيها طبعاً من جهة أخرى.
كان القتل بالبراميل مسموحاً عالمياً ويتم التحفظ فقط على استخدام السلاح الكيماوي، بحيث يتم انتقاد التصرف، أما اليوم فيبدو أن المجتمع الدولي وافق على قتل مزيد من السوريين بالسلاح الكيماوي. فطالما أن الأسد سلم 80 بالمائة من هذه الأسلحة ، فلا بأس من أن يأخذ موافقة من المجتمع الدولي على استخدام غاز الكلور فيضيفه إلى البراميل المتفجرة ويسقطه على المدنيين، ثم تأتي ردة فعل لا أخلاقية من المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة التي حذرنا من مواقفها ولا نزال.
ليت أن الأمر توقف عند غاز الكلور والبراميل، فهو اليوم يتعداه إلى ترشح بشار الأسد لرئاسة الجمهورية، وهو أمر يبعث على السرور لدى المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة، التي ستجد في ذلك فرصة سانحة لاستكمال تدمير سورية والقضاء على شعبها العريق الرفيع، وفرصة أخرى في الحصول على ما تبقى من السلاح الكيماوي، وتكون بذلك خدمت الكيان الصهيوني بالإبقاء على حارس حدوده الوفي بشار الأسد وشبيحته.
يبدو لي أن ما سمى بانتخابات الرئاسة سيجري في موعده، ويبدو لي أن مرشح روسيا وإيران الأسد سينجح بتلك الانتخابات من خلال الأصوات الأمريكية والأوروبية، ورضا الكيان الصهيوني.
في كل حال لن يسقط الأسد بضغط غربي، أو موقف أمريكي ولا بسلاح أجنبي أو تدخل عسكري، أصبحت المسألة واضحة بأن المجتمع الدولي قد تخلى عن الشعب السوري لصالح الأسد، وأصبح واضحاً أن الشعب السوري أخذ على عاتقه مهمة إسقاط هذا الطاغية، وسيفعل بأي ثمن.